توقيع اتفاق غزة في شرم الشيخ وانطلاق المحادثات حول إعمار القطاع المدمر .. ترامب يحيي «يوما عظيما للشرق الأوسط» وسط مطالبات بفتح جميع المعابر لإدخال المساعدات

 

وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع قادة كل من مصر وتركيا وقطر في شرم الشيخ الاثنين وثيقة اتفاق غزة الذي توسط فيه وأثمر وقفا لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس وتبادلهما سائر الرهائن الأحياء المحتجزين في القطاع بمعتقلين وسجناء فلسطينيين، واصفا ما تحقق بأنه «يوم عظيم للشرق الأوسط».
ووصل ترامب إلى شرم الشيخ آتيا من إسرائيل حيث ألقى كلمة أمام الكنيست تحدث فيها عن «بزوغ فجر تاريخي لشرق أوسط جديد» ونهاية «كابوس طويل ومؤلم» لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين.
وتزامن خطابه مع عودة آخر الرهائن الأحياء من غزة ومئات من السجناء والمعتقلين الفلسطينيين إلى ديارهم، وذلك بموجب خطة أميركية لوقف إطلاق النار
وشارك ترامب إلى جانب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في ترؤس قمة شرم الشيخ التي حضرها 31 من قادة الدول والمنظمات الدولية.
ولم يحضر القمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ولا ممثلون عن حماس، في حين شارك فيها الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي صافح الرئيس الأميركي.
واستقبل ترامب القادة واقفا على منصة مد عليها بساط أحمر، مبتسما ومصافحا تباعا كل واحد منهم، وأمامه لوحة كتب عليها «السلام 2025» وخلفه لافتة كبيرة كتب عليها «السلام في الشرق الأوسط». ورفع الرئيس الأميركي إبهامه مرارا أمام الكاميرات.
ووقع قادة الدول الوسيطة في الاتفاق، وهم ترامب، والسيسي وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس التركي رجب طيب أردوغان وثيقة اتفاق غزة، بصفتها الدول الضامنة للاتفاق الهادف إلى إنهاء الحرب.
وقال الرئيس الأميركي قبيل مغادرته مصر «لقد نجحنا معا في ما اعتقد الجميع أنه مستحيل. أخيرا، لدينا سلام في الشرق الأوسط».
وأوضح ترامب أن «الوثيقة ستتضمن القواعد والترتيبات والعديد من التفاصيل الأخرى»، مضيفا مرتين «سيصمد هذا الاتفاق».
ومساء الاثنين بتوقيت واشنطن نشر البيت الأبيض هذه الوثيقة التي تشدد، لكن بمصطلحات غامضة، على ضرورة التوصل إلى «سلام دائم» بين إسرائيل وجيرانها، بمن فيهم الفلسطينيون.
ويقول القادة في الوثيقة «نرحب بالتقدم المحرز في إرساء ترتيبات سلام شاملة ودائمة في قطاع غزة، وبالعلاقات الودية والمثمرة بين إسرائيل وجيرانها في المنطقة»، مؤكدين التزامهم «بمستقبل يسوده السلام الدائم».
وفي طريق عودته من شرم الشيخ إلى واشنطن، تهرب ترامب خلال دردشة مع الصحافيين على متن الطائرة الرئاسية من سؤال بشأن حل الدولتين.
وقال ترامب «أنا لا أتحد ث عن دولة واحدة، أو دولة مزدوجة، أو دولتين. نحن نتحدث عن إعادة إعمار غزة».

تبادل الأسرى والرهائن

احتشد جمع كبير في ساحة الرهائن بتل أبيب الاثنين لاستقبال 20 رهينة أحياء وفي مدينة رام الله بالضفة الغربية المحتلة، كان في استقبال السجناء والمعتقلين الفلسطينيين الذين أفرجت عنهم إسرائيل حشد غفير لدرجة أن المفرج عنهم واجهوا صعوبة في النزول من الحافلات التي أقلتهم من السجن.
وتوجهت حافلات أخرى إلى خان يونس في جنوب قطاع غزة حيث استقبلها آلاف الأشخاص .
وينص اتفاق وقف إطلاق النار على أن تعيد حماس جثامين سائر الرهائن المحتجزين لديها، وهم 27 رهينة قضوا أثناء الاحتجاز إضافة إلى رفات جندي قتل في العام 2014 خلال حرب سابقة في غزة.
في المقابل، تفرج إسرائيل عن 250 سجينا «أمنيا» فلسطينيا، وعن نحو 1700 فلسطيني اعتقلوا في غزة خلال الحرب الأخيرة.
وخلال النهار، تسلمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر على مرحلتين الرهائن الـ20 الأحياء، وفي المقابل أفرجت الدولة العبرية عن 1968 معتقلا فلسطينيا، بحسب بيان رسمي إسرائيلي.
ونشرت حماس أسماء أربعة فقط من الرهائن الذين سلمتهم الاثنين إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي تولت إعادتهم إلى إسرائيل.
وتتضمن خطة ترامب في مرحلة لاحقة نزع سلاح حماس وإقصاءها عن إدارة القطاع الذي تحكمه منذ 2007.
ولم تدل حماس بموقف واضح بشأن مسألة نزع سلاحها، وهي تطالب بانسحاب إسرائيلي كامل من القطاع الفلسطيني الذي تسيطر القوات الإسرائيلية حاليا على 53% من مساحته. وقال مسؤول في حماس إن المرحلة الثانية من المفاوضات ستكون «صعبة».

إعادة الإعمار

عقد عشرات من كبار مسؤولي دول الشرق الأوسط وأوروبا الاثنين، اجتماعا بعيدا من الأضواء مع مؤسسات مالية عالمية بارزة في بريطانيا لبحث إعادة إعمار قطاع غزة المدمر.
وتزامنا مع قمة شرم الشيخ على البحر الأحمر لتوقيع وثيقة اتفاق غزة، جمعت وزارة الخارجية البريطانية مسؤولين من الشرق الأوسط وأوروبا في قصر معزول بعمق الريف الجنوبي لإنكلترا.
وقالت رئاسة الوزراء البريطانية في بيان إن الهدف من المؤتمر الذي يستمر ثلاثة أيام هو إطلاق «جهود التخطيط والتنسيق الحيوية لمرحلة ما بعد الحرب في غزة»، على أن تكون بقيادة فلسطينية.
وأورد وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية هاميش فالكونر في بيان «يجب أن نكون مستعدين للتحرك، لإزالة الركام، وإعادة بناء المنازل، وإنشاء البنى التحتية، واستعادة إمكان الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية».
وأضاف «ندرك حجم المهمة، ونعرف مدى إلحاحها وتعقيدها»، مشيرا إلى أنها «ستستغرق سنوات وتكل ف مليارات».
وخلفت الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة، دمارا هائلا في غالبية أراضي القطاع وتسب بت في تهجير معظم سكانه.
وقالت الحكومة البريطانية إن المحادثات في ولتون بارك بمقاطعة ويست سوسكس، والتي تديرها وزارة الخارجية، جمعت «ممثلين لقطاع الأعمال والمجتمع المدني والحكومات لإطلاق جهود حيوية في التخطيط والتنسيق لمرحلة ما بعد الحرب في غزة».
وأضافت أن السلطة الفلسطينية شاركت في المؤتمر إلى جانب مسؤولين في دول بينها الأردن والسعودية وألمانيا وإيطاليا.
وحضر أيضا ممثلون للبنك الدولي والبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لدعم ما وصفه فالكونر بخطة الإعمار العربية.
وقال الوزير البريطاني «علينا أيضا أن نمهد للتنمية الاقتصادية الطويلة الأمد»، مؤكدا أن «لدى غزة، وفلسطين بشكل عام، إمكانات اقتصادية حقيقية».
وأشار إلى أن المحادثات هدفت إلى درس كيفية «تأمين الموارد الهائلة المطلوبة، ليس فقط من خلال التمويل التقليدي من المانحين، بل أيضا عبر التفكير بإبداع لجذب رؤوس الأموال الخاصة».
وأوضح أن بريطانيا في موقع مميز للمساعدة، بفضل «خبرتها العميقة في مجال الاستثمارات الخاصة وصلاتها الوثيقة بمدينة لندن المالية».
من جهته، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن بلاده ستستضيف مؤتمرا «للتعافي المبكر وإعادة الإعمار والتنمية» في غزة بعد عامين من حرب أدت إلى تدمير القطاع بالكامل.
وقال السيسي في كلمة أمام قمة شرم الشيخ حول غزة الاثنين «ستعمل مصر مع الولايات المتحدة وبالتنسيق مع كافة الشركاء خلال الأيام القادمة على وضع الأسس المشتركة للمضي قدما في إعادة إعمار القطاع بدون إبطاء». وأضاف «نعتزم في هذا السياق استضافة مؤتمر التعافي المبكر وإعادة الإعمار والتنمية».

دعم دولي كبير

رحب الاتحاد الأوروبي بتوقيع اتفاق غزة، وأوضحت كايا كالاس مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد أن الاتحاد الأوروبي سيعيد الأربعاء تفعيل مهمة المراقبة التابعة له على معبر رفح الحدودي بين غزة ومصر.
تهدف بعثة المراقبة التابعة للاتحاد الأوروبي والتي تضم قوات شرطة إيطالية وإسبانية وفرنسية، إلى ضمان وجود طرف ثالث محايد عند هذا المعبر الحدودي الاستراتيجي. وقد أعيد نشرها في يناير قبل تعليق عملها في مارس.
ومثل الاتحاد الأوروبي في شرم الشيخ أنطونيو كوستا رئيس المجلس الأوروبي الذي يجمع رؤساء الدول والحكومات الأعضاء في الاتحاد.
يأمل الأوروبيون، المنقسمون بشدة منذ هجوم حماس في السابع من تشرين وقد وقالت كالاس إن «تحقيق السلام في غزة سيكون بالغ التعقيد»، معتبرة أن بعثة الاتحاد الأوروبي في رفح يمكن أن «تؤدي دورا هاما» في ضمان وقف إطلاق النار في غزة.
وأكدت مسؤولة السياسة الخارجية الأوروبية أن «نجاح خطة السلام يتطلب دعما دوليا كبيرا»، وأن أوروبا تريد المساهمة فيها بشكل فاعل.
لطالما دعم الاتحاد الأوروبي تطبيق حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لإحلال سلام دائم في الشرق الأوسط، وفق تصريحات الدول الأعضاء السبع والعشرين المتكررة في هذا الصدد.
وقد تعهد الاتحاد الأوروبي بالمساعدة في إصلاح السلطة الفلسطينية. كما أبدى الاتحاد الأوروبي استعداده للمساهمة في إنجاح خطة السلام في غزة، «بكل الأدوات المتاحة له. ولا سيما من خلال تقديم الدعم لحوكمة وإصلاح السلطة الفلسطينية»، حسبما أكدت فون دير لايين الاثنين.
كما يعتزم الاتحاد الأوروبي، وهو من المانحين الرئيسيين للفلسطينيين، المساهمة في إعادة إعمار غزة، علما أن بروكسل قدمت أكثر من 550 مليون يورو للفلسطينيين منذ السابع من أكتوبر 2023.
من جهته،  أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن فرنسا سيكون لها «دور خاص» في إدارة غزة في المستقبل «إلى جانب السلطة الفلسطينية».
وقال ماكرون لدى وصوله إلى شرم الشيخ «سوف نضطلع بدور خاص إلى جانب السلطة الفلسطينية وسوف نحرص على أن يكون لها دورها ولكن أيضا على أن تقوم بالإصلاحات (المطلوبة) لليوم التالي» لانتهاء الحرب في غزة.
وأوضح الرئيس الفرنسي أنه «من المرتقب أن تلعب فرنسا دورا في هذه المرحلة وأن تشارك في الإدارة».

مطالبات بفتح جميع المعابر لإدخال المساعدات

طالبت الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر أمس الثلاثاء بفتح جميع المعابر إلى غزة للسماح بإدخال المساعدات الحيوية بالنسبة للقطاع المدمر.
وقال الناطق باسم الصليب الأحمر كريستيان كاردون للصحافيين في جنيف «هذا ما يدعو إليه العاملون في المجال الإنساني، بما في ذلك اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في الساعات الأخيرة، وهو ضمان إمكان فتح جميع نقاط الدخول نظرا إلى الاحتياجات الهائلة». من جانبه، أكد المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ينس ليركه «نحتاج إلى أن يتم فتحها كلها».
وبدأت شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية بدخول القطاع المدمر عبر إسرائيل، فيما تنتظر أخرى على الحدود بين غزة ومصر.
وقال فيليب لازاريني، المدير العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بدوره في بيان الاثنين «حان الوقت للسماح بدخول المساعدات الإنسانية على نطاق واسع، وبخاصة من خلال الأونروا».


الكاتب : الاتحاد الاشتراكي وكالات

  

بتاريخ : 15/10/2025