المغاربة يخلدون اليوم العالمي للصحة على إيقاع «نبضات» مؤشر الحماية الاجتماعية
احتفى المغرب ومعه باقي الدول يوم الأحد 7 أبريل باليوم العالمي للصحة، وهو الحدث الذي يعتبر مناسبة لتقييم الأوضاع الصحية وللوقوف على مدى تطور المنظومات وقدرتها على مواجهة مختلف التحديات الصحية، التي يكون لها وقعها وآثارها، صحيا واجتماعيا واقتصاديا، بالنظر إلى أن الصحة كمفهوم، وكما تعرّفه المنظمة العالمية للصحة، هو حالة من اكتمال السلامة بدنيا وعقليا واجتماعيا لا مجرد انعدام المرض أو العجز.
وتعتبر الكلفة المادية الثقيلة للتكفل بالأمراض وعلاجها في المغرب من بين العوائق التي تعترض سبيل تطوير وتجويد المنظومة الصحية، التي أضحت ورشا مفتوحا خلال السنوات الأخيرة، تشريعيا وتنظيميا وهيكليا، بالنظر لارتفاع المصاريف العلاجية التي تبقى على كاهل المريض. مصاريف ونفقات قد تتجاوز نسبة 50 في المئة في عدد من الحالات التي يجد المواطن نفسه مضطرا لتأديتها من جيبه الخاص، لأن حجم المصاريف المسترجعة يكون هزيلا بسبب استمرار اعتماد اتفاقية 2006 كمرجع ومحدّد لاحتساب النفقات الصحية، التي لم تعرف أي تطور منذ ذلك الوقت إلى اليوم، مما جعل التعريفة المرجعية المعتمدة تظل على حالها ضدا عن كل التغيرات المجتمعية والزيادات وارتفاع الأسعار التي طبعت الفترة ما بعد التوقيع عليها.
وعلاقة بالموضوع تواصل نفقات الأمراض المزمنة كالسكري، والضغط الدموي، والقلب والشرايين، والكلي، إضافة إلى أمراض السرطانات، إثقال كاهل الصناديق الاجتماعية، إذ وفقا للأرقام المعلن عنها، فإن 3 في المئة من الأمراض المزمنة تلتهم نصف ميزانية التغطية الصحية، مما يبين حجم تفشّيها وانتشارها بين المواطنين، في ظل متغيرات اجتماعية واقتصادية تزيد من اتساع رقعتها، في مقابل عدم القيام بـ “استثمارات” صحية حقيقية في المجال الوقائي، لتفادي الوصول إلى مراحل مرضية متقدمة، تؤثر على المرضى وعلى المنظومة المالية على حدّ سواء، وهو ما يشكّل تحدّيا حقيقيا يجب أن يعالج باعتماد حكامة على أكثر من مستوى.
وتميز تخليد اليوم العالمي للصحة لهذه السنة في المغرب كذلك، باستمرار الخصاص الكبير في الموارد البشرية الصحية، وبتواصل فصول احتقان تشهده كليات الطب والصيدلة، بالإضافة إلى إشكالية كبيرة تتعلق بمؤشر “الحماية الاجتماعية” الذي ينصت كل المعنيين به لنبضاته مخافة تسارعها وارتفاعها، لأن في ذلك “إسقاط” لهم من دائرة المستفيدين من التغطية الصحية المجانية في إطار “أمو تضامن” والدفع بهم إلى نظام “أمو الشامل” الذي يقوم على دفع اشتراكات شهرية. دفع وتحويل لا يستطيع الجميع تحمّلهما، وهو ما أكدته العديد من الشهادات والتصريحات لمواطنين توصلوا خلال الأسابيع الأخيرة برسائل تحمل هذا الخبر “غير السّار”، وتدعوهم لأداء اشتراكات مادية من مبلغ 500 درهم الممنوح لهم كدعم اجتماعي، إن هم أرادوا الاستفادة من التغطية الصحية، علما بأن هناك مجموعة من الأسر الفقيرة والمعوزة التي تضم مسنين ومطلقات يعانون من أكثر من مرض، وعندما طرقوا أبواب ملحقات إدارية للاستفسار عن أسباب الارتفاع المفاجئ للمؤشر لم يجدوا جوابا يشفي غليلهم ويطمئنهم، بدعوى أن العملية متحكّم في نظامها المعلوماتي مركزيا؟
هذه الإشكالات وغيرها، تعتبر تحديات حقيقية تعترض التنزيل السليم لورش التغطية الصحية الشاملة، وتحدّ من بلوغ أهدافه التي تتمثل أساسا في تمكين المواطنين على امتداد تراب المملكة من ولوج سلس وعادل بدون قيود وإكراهات للخدمات الصحية، وتحقيق عدالة صحية مجالية، الأمر الذي لا تزال تعتريه بعض النقائص التي تتطلب انخراطا كاملا لكل المكونات المعنية ولكل المتدخلين في المنظومة واعتماد دينامية فعلية تقوم على أساس تذليل الصعاب وإيجاد الحلول لكل المشاكل التي يتم تشخيصها بشكل مرن وسريع للحيلولة دون استمرار كل المشاكل التي قد تكون سببا في تعثر من التعثرات.