ثلاثُ خطوات

خطوة أولى

لا بدّ من خطوةٍ صغيرة كنسمةٍ تهبُّ
من الأرخبيلٍ
حتى المعراج الممتدّ في البشارة،
خطوةٍ أولى
تُشرعُ البابَ لمسافاتٍ
تُسابقُ الجنونْ…
ألمْ ترَ أنّ بذرةً متوهّجةً تنسلّ
من سنبلةِ تحضنها الأعالي،
تقذفُ نطفةَ ضوءٍ في مغارهْ
تزلزلُ السّكون؟

ما أكثرَ ما يبدأ الشّطحُ بالشرارة
والرّحلةُ الطويلةُ تختمرُ
في مركبٍ من ورقٍ
يشقّ عبابَ النّهر،
وقبل أن ينهمرَ المطرُ مجهشاً
على برارٍ متشقّقةٍ عطشاً،
تسحَبُ النّعمى
لجامَ الرّغبةِ الحرونْ
ثمّ ينفجرُ البركانُ لاهثاً
خلف زنابقها مندهشا…

خطواتٌ في التّيه

خفافاً مضتْ،
تركتْ خفّاً في الفجّ، وآخرَ
في المرتَفَعِ الصّخريِّ،
والبسمةُ لم تلبَسْ بَعْدُ زينتَها
لعناقِ جوى ينأى في البيدْ
مثلما ينأى عُمُرٌ
قد أوقفَهُ التّسيارُ عن الميلاد.
متوثّبةً ظلّتْ خطواتُهُ
تلهثُ خلفَ خمائلَ تزحفُ في الآفاقِ
قدْ تكون يباباً أخضرْ
يتنفّسُ دخاناً للخنقِ الرّحيمِ
ويحملُ أكياساً للتّسهيدْ…

خفافاً مضتِ السّنواتُ
يثقُلُ حملُها،
يفقدُ مذاقَه رمّانُها،
كلّما تغلغلتْ
نواياها في السّديمِ
تعقّبتْها عقبانُ الغربة،
فإذا بالمرعى في الواحةِ مسلوبٌ
خلف الكثبان بعيدْ!

خطوةٌ أخيرة

يبدو أيتها السّيجارةُ المنافقة
ألا وقتَ لإيقاظ الذّاكرة
كي تُقلّبَ صفحاتِ الحصارِ
في عتباتِ الهيكلِ.
ولا وقتَ لتعدادِ العثراتِ المجروحة
والعثراتِ الجارحة
بين الخطوة الأولى والخطوة الأخيرة.
ولا وقتَ للتفكير
في بروتوكولِ تتويجٍ
يحفظهُ البطلُ،
من سوف يكسبُ،
من يُنهي السّباقَ،
ومن مثل مقابسي التي لا تصلُ،
لا بدّ للنّسيان
بعد مسافاتِ المغامرة
أن يزيدَ إيقاعَ الحلْمِ
إيغالاً في مدارِ الشّكّ…
خطوة أخرى فقط
قبل محاصرةِ فردوسٍ مدجّجٍ بالذّهولِ،
منابعُهُ تتفجّرُ أدعيةً
تستظلُّ بسدرة المنتهى في الشّغافْ،
فتنطّ الولايةُ
من مجرّةٍ في قلبٍ مختلّ النّبضِ إلى مجرّة في قلب الغيب،
وينثالُ بريقُها المفاجئُ
شلالَ هيامٍ
في نهاية الطّوافْ!


الكاتب : علال الحجام

  

بتاريخ : 04/02/2022