الرِّيشُ
هَلْ سَيُغَنِّي صَبَاحًا؟
وَهَلْ سَيُسَّلِينَا خَاِرجَ القَفَصْ؟
ضَرُورِيُّ أَنْ يَحْدُثَ هَذَا
حَتَّى لاَ نَنْسَى نَشِيدَهُ،
وَكَيْ لاَ تَفِرَّ أَحْلاَمُنَا مِنَ الأَنْغَامِ البَارِدَهْ.
***
حَذْوَ أَسْوَارِ المَدِينَةِ السَّودَاء
نُريدُهُ ِلأَجْلِ الحَيَاةِ
أَنْ يَمْشِيَ كَثِيرًا فِي هَوَاءِ قُلُوبِنَا
أَنْ يَفِرَّ مِنَ النَّوَافِذِ،
لئِلاَّ تَظَلَّ المَدَاخِنُ مُعَطَّلَةً فِي الدُّمُوعْ.
***
نُرِيدُهُ ِلأَجْلِ الجَمَالِ
أَنْ يَخْطِفَ شَهْوَةَ النِّسَاءِ،
وَيُعِيدَ العِطْرَ الذِي فَرَّ مِنَ القَارُورَهْ.
***
هَلْ سَيُغَنِّي صَبَاحًا؟
وَهَلْ سَنَتَسَلَّى خَاِرجَ القَفَصِ،
وَنَحْنُ الذِينَ فَقَدْنَا رِيشَ الكَنَارِي؟
ضَاحِكًا كَقُبَّعَةٍ
يَقُولُ مُوشِيشِي(*):
«الحَشَراتُ أَكْثَرُ ضُعْفًا، لَكِنَّهَا تُعَاقِبُ الكَائِنَاتِ الأَكْثَرَ طُغْيَانًا»
يَقُولُ هَذَا
وَهُوَ يَبْدُو كَمَاءِ النَّهْرِ
يَذْرِفُ تَعَالِيمَهُ
وَيَدُسُّهَا بَيْنَ صَخْرَتَيْنِ فِي القَلْبِ.
***
التَّعَالِيمُ
التِي لمْ تَكُنْ غُبَارًا عَلَى أَشْجَارِ الحِكْمَةِ
أَوْ مَاءً يَخْرُجُ مِنْ جَوْفِ العَمَى.
***
حَشَرَاتٌ هِيَ
تُلَقِّنُ الأَلَمَ
فِتْنَةَ الصَّبْرِ عَلَى غِيَابِ الهَوَاءِ.
هِيَ بُطُولَةُ التُّرَابِ
يَطْلُعُ مِنْ أعْذارِهِ
لِيَمْحِوَ يَدَ الزَّمَنْ.
***
يَقُولُ:
«الطُّغْيَانُ لاَ يُرْخِي قَبْضَتَهُ»
يَقُولُ هَذا
يَلْتَفِتُ،
ثُمَّ يَمْضِي ضَاحِكًا كَقُبَّعَهْ.
فَجْوَةٌ
فِي رَأْسِهِ
وَرْدَةٌ
سَوْفَ تَسْقُطُ عَمَّا قَلِيلٍ
بَيْنَ مَخَالِبِ الأَبَدِيَّةِ،
فَيَفْتَحُ ِبهُدُوءِ الثَّلْجِ
دُرْجَهُ،
وَيَسْتَهِلُّ مُرَاوَدَةَ القمَاشْ.
***
يَعْمَلُ مِثْلَ آلَةٍ عَتِيَقَةٍ لاَ تَكَلُّ،
بِيَدٍ وَاحِدَةٍ لاَ غَيْر
يَحْرُثُ الأَلْوَانْ.
***
يَرُشُّ مَاءَ عَيْنَيْهِ عَلَى الحَرِيرِ،
دَاخِلَ ضَجَرِه المَعْدِنِيِّ
يَنْسَى نَفْسَهُ،
يُطَرِّزُ بِلاَ تَوَقُّفٍ كَيْ يُرْتِقَ الفَجْوَةَ الفَاحِشَةَ
بَيْنَ الفَجْرِ وَأُولَى خُيُوطِ الصَّبَاحْ.
***
الصَّبَاحُ ذَاتُهُ الذِي كَانَ حَدِيقَةً يَانِعَةً
سَبَقَتِ العَزَاءَ،
يَنَامُ بِدَاخِلِهَا خَيَّاطٌ
مَيِّتْ!
(*) موشيشي: عنوان فيلم ياباني، يحكي قصة شابٍّ حكيم، لقِّب بأستاذ الحشرات، يعالج الناس من الأمراض بواسطة مرهم مستخلص من حشرات الغابة.