ثلاث مسرحيات للطفل أو الحنين لبراءة الأطفال

عن ورشة كتابات، صدرت للكاتب والقاص عبد الحق السلموتي، ثلاث مسرحيات للطفل، تزينها لوحة بريشة للطفلة “نادين بِطاطا”، بعد مجموعتين قصصيتين : ( الدملج العتيق- كابوتشينو )، والكتابة للطفل تبدو صعبة وشاقة، لأن أي خلل عمري في القول والصيغة، تكون عواقبه وخيمة، إن على المستوى التربوي أو الأخلاقي، لذلك يلتزم كاتب هذا اللون بالحيطة والحذر، بحسب السن الذي يوجه إليه الخطاب، وخاصة في الميدان المسرحي، لأنه يصقل شخصية الطفل، ويبعد عنه الإرتباك، ويجعله مقتحماً لأي فضاء، ومشاركاً في الحوار ومستوعباً لأبعاده الإجتماعية والتربوية.
يضم هذا العمل بين غلافيه ثلاث مسرحيات، مع مقدمة للدكتور الشاعر المسرحي محمد فراح، ترصد الجانب الجمالي والفني والإبداعي، وتبين أهمية وصعوبة الكتابة للطفل، في هذا العصر الرديء المملوء بالسلبيات، التي لا تراعي تربية ونشأة الطفل، مع كلمة ترحيبية، يخصﱡ بها عبد الحق السلموتي، الأطفال، ويشجعهم على القيام بتشخيص أدوار المسرحيات. وهي كالتالي :
1- الحق في الاختلاف : ثلاث بنات، وثلاثة أطفال، مع الفرقة الراقصة المكونة من أربعة أطفال ناشئين ذكوراً، وإثنين من الإنات.
مع تحديد الفضاء المسرحي، الذي تؤدى على ركحه الأدوار، يبدو الإرتباك على زينب، مما يلفت نظر فاطمة، وهما في الطريق ينضم إليهما علي، حيث يجرانه من يديه، لإعادة المياه إلى مجاريها بين التلاميذ، بعد أن وقع خصام مع صديقهما القادم من إحدى القرى، نتيجة لتأييده ومحبته لفريق يخالف بقية أصدقائه، دون مراعاة ذوقه واختياره، ويتمكنان من الصلح والصفاء، وهذا يبين موضوع المسرحية، وتطرقها لاحترام الرأي الآخر كيفما كان. ثم يقومان بإنشاد أغنية تدور حول طبيعة الإختلاف والإئتلاف، ليسدل الستار.
2- لا لتشغيل الأطفال : يقوم بالتشخيص ( سامي – عادل – خولة – نزار )، تتوزع المسرحية إلى سبعة مشاهد : ننطلق من فضاء حديقة بأحد الأحياء، عادل ونزار قلقان يبحثان عن حل يتعلق بحقوق الطفل وحرمان سامي من الدراسة، والزج به في دكان النجارة، وقد عمل الأصدقاء على إخبار المدير والأساتذة، وقد رحبوا باستقبال أب التلميذ، وإقناعه بعودة ابنه لمواصلة الدراسة، بدل الإشتغال في دكان النجارة، ثم يقوم التلاميذ جميعاً بأداء أغنية ترحب باستئناف سامي لدراسته، وعودته إلى أصدقائه.
3- المدرسة أم الجميع : يحدد أعمار الأطفال بين الحادية عشرة والرابعة عشرة ( سمية – فاطمة – فائزة – خالد ). تتوزع المسرحية إلى خمسة مشاهد :
تبدو فاطمة وفائزة متوترتين، من أجل التفكير في إيجاد حل لمشكلة، تتعلق بترك سمية للمدرسة، والاشتغال بمنزل إحدى قريباتها، وبعد محاولات وأخذ ورد، يتمكن التلاميذ من إعادة زميلتهم لمواصلة دراستها، ثم كالعادة يرحبان بها بأغنية تمجد التعليم، وتمقت تشغيل الأطفال.
لقد قمنا بتلخيص مكثف لهذه المسرحيات، حتى نركز على المغزى، الذي يحفل به كل عمل، ويمجده، وإن كان من الأليق أن يشخص فوق الخشبة، حتى يتجلى البناء الدرامي.
وهذه الأعمال كلها، يربطها خيط مشترك، وهو تقديس الدراسة، والرفع من قيمة التدريس، وزرع قيم المحبة والوفاء، بين التلميذات والتلاميذ، والتعاون بينهم، بلغة سلسة وسليمة، ومناسبة لأذواق الناشئة، الصغار، وبلورة كل ذلك بشكل نشيد، حتى يسهل الحفظ والإستيعاب.
لقد استطاع الكاتب والمسرحي، عبد الحق السلموتي، تقريب هذه الوقائع على الخشبة، وفق سيناريو محكم، وحوار مملوء بالإيماء أوالتصريح، كما استطاع بعث الحركة في أوصال العمل دون جمود، ودون تكلف، وفَصـﱠلَ القول على أعمار الأطفال دون زيادة أو نقصان، وما ذلك بعزيز على كاتب شغله الشاغل هو فضاء المسرح.


الكاتب : محمد عرش

  

بتاريخ : 13/04/2021