جامعة ابن طفيل تحتفي بالمؤرخ إبراهيم القادري بوتشيش، رائد التاريخ الاجتماعي والاقتصادي بالغرب الإسلامي

احتضنت كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية ابن طفيل بالقنيطرة يوما دراسيا تكريميا للمؤرخ ابراهيم القادري بوتشيش، من تنظيم شعبة التاريخ والحضارة، وبتنسيق مع مختبر التاريخ والتراث ومركز دراسات الدكتوراه بالجامعة، وذلك يوم 16 ماي الجاري، تحت عنوان «التاريخ والسيميولوجيا وتجديد البحث التاريخي في حوض البحر الأبيض المتوسط رؤى متقاطعة» ، وكانت الدعوة عامة موجهة لطلبة الدكتوراه والماستر والإجازة الأساسية وعموم الطلبة داخل وخارج جامعة ابن طفيل، مع تسجيل حضور ومشاركة وازنتين لمجموعة من الأساتذة بالكلية، كما تم الحرص على نقل هذه التظاهرة عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وجاء هذا النشاط في إطار الاعتراف بالجهود العلمية التي بذلها إبراهيم القادري بوتشيش في خدمة التاريخ والبحث العلمي والجامعة المغربية، وهو يعتبر رائدا للبحث في التاريخ الاقتصادي والاجتماعي وتاريخ الذهنيات والأفكار بالمغرب والأندلس، وهو باحث ومؤرخ وأكاديمي من مواليد سنة 1955، حاصل على شهادة دكتوراه الدولة في التاريخ الإسلامي الوسيط جامعة مولى إسماعيل مكناس 1991م ، ودرس في العديد من الأسلاك التعليمية انطلاقا من عام 1977، ليحصل على منصب أستاذ فخري 2021 سنة، وهو أول لقب يمنح بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس.
أغنى إبراهيم القادري بوتشيش الخزانة العربية بكم هائل من الكتب والمقالات العلمية، وحظيت كتبه بقراءات ومراجعات نقدية، عضو ومستشار في عدة جمعيات ومراكز بحثية واستشارية، فهو عضو اتحاد المؤرخين العرب وعضو الجمعية الإفريقية لدراسات الأديان، شارك في عدة مؤتمرات وندوات وطنية ودولية في مصر، ماليزيا، تونس، كوبا، الإمارات العربية، عمان، لبنان، كما أشرف على العديد من الرسائل والأطروحات الجامعية وكون أجيالا من الطلبة الذين يشتغلون في عدة جامعات مغربية حاملين هم التجديد في الكتابة التاريخية، الذي يعتبر المحتفى به رائدها. حاصل على عدة جوائز وأوسمة: جائزة «رجل سنة 2003»، وجائزة «لمقريزي للدراسات التاريخية « التي تمنح تقديرا لأفضل الأبحاث المنجزة في مجلة «كان التاريخية» في دورتها الأولى سنة 2019، ومن بين مؤلفاته المنشورة، «أُثر الإقطاع في تاريخ الأندلس السياسي من منتصف القرن الثالث الهجري حتى ظهور الخلافة»، و «مستقبل الكتابة التاريخية في عصر العولمة والانترنيت»، و»إضاءات حول تراث الغرب الإسلامي وتاريخه الاقتصادي والاجتماعي»، و مباحث في التاريخ الاجتماعي، وبين أخلاقيات العرب وذهنيات الغرب: دراسات في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية، وحلقات مفقودة من تاريخ الحضارة في الغرب الإسلامي وفي تاريخ الغرب الإسلامي، إشكالية نظرية وتطبيقية لقراءة التاريخ من الأسفل.
وقسم اليوم الدراسي والتكريمي لثلاث جلسات، الأولى افتتاحية، تخللتها شهادات في حق القادري بوتشيش، وانتهت بتقديم التَذْكَارَاتٍ، والثانية ألقى من خلالها هذا الأخير محاضرة حول علاقة التاريخ بالسيميولوجيا معرفا بالمفهوم لغويا وإصطلاحيا، مستدلا بمجموعة من النماذج قصد تقريب الحضور من المعنى، مقتسما تجربته الطويلة في مضمار البحث التاريخي، واشتغاله على وثائق تهم تاريخ الغرب الإسلامي، في إطار تحليلها دلاليا عوض السرد بالطرق التقليدية .
وقدمت خلال الجلسة الأخيرة قراءات في كتاب جديد للمفكر التونسي علي مولى صالح بعنوان: «من التاريخ المنسي إلى التاريخ العادل: دراسات في تجربة المؤرخ إبراهيم القادري بوتشيش» ، صدر عن مركز ابن غازي للأبحاث والدراسات الاستراتيجية، من لدن أحمد فرحان، حميد الفاتحي ، مولود عشاق، حميد أجميلي وسعيد بنحمادة، وذلك بعد ربط الاتصال به مباشرة للإدلاء بشهادته في حق المحتفى به وإعطاء لمحة عامة حول العمل، وقد اختتمت فعاليات اليوم الدراسي التكريمي بأسئلة الطلبة التي حرص الأستاذ إبراهيم القادري بوتشيش على الإجابة عليها.
وارتباطا بهذا الموضوع صرح حميد أجميلي، أستاذ التاريخ والحضارة بجامعة ابن طفيل، الذي سهر على التنسيق العام لهذا اليوم الدراسي التكريمي، للجريدة، بأن جامعة ابن طفيل بمختلف أقطابها تشهد دينامية نوعية، بفضل الجهود المبذولة من طرف الرئاسة، التي تسهر على توفير جميع التخصصات وتجويد وتنويع البرامج التربوية تماشيا مع ما سطره المشروع التنموي الجديد، دون إغفال دور مركز دراسات الدكتوراه بالجامعة، ومن ضمن هذه الأقطاب نجد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، التي احتضنت هذا اليوم الدراسي التكريمي، في إطار سعيها المستمر إلى تزويد الطلبة الذين كان لهم دور مهم في تنظيم هذه التظاهرة وإنجاحها، بالأسس العلمية من خلال الاستفادة من الكفاءات والخبرات المتمرسة، المتمثلة في قامات مثل المؤرخ إبراهيم القادري بوتشيش، كما تعتبر هذه الكلية رائدة في مجال البحث العلمي بفضل مجهودات عميدها وجميع أعضاء طاقمها الإداري والتربوي، ومن بينهم أستاذات وأساتذة شعبة التاريخ والحضارة، مضيفا أن تكريم المؤرخ إبراهيم القادري بوتشيش جاء على اعتبار أنه رائد للتاريخ الاجتماعي والاقتصادي في الغرب الإسلامي، ومن المشهود لهم داخل المغرب وخارجه بغزارة الإنتاج ورصانته، ومن الشخوص التي لا تبخل بعلمها على الطلبة، لاسيما وأن الجميع متعطش لمثل هذه اللقاءات بعد أزمة كورونا، والدليل أن محاضرة الأستاذ إبراهيم القادري بوتشيش حول التاريخ والسيميولوجيا، والدراسة في مشروعه الفكري من خلال قراءات في كتاب علي مولى صالح، قد شدت انتباه الحضور لساعات طوال، مردفا في ذات التصريح أن إبراهيم القادري بوتشيش يجب أن لا يطاله النسيان بعد تقاعده، وحصوله على منصب أستاذ فخري بكلية المولى إسماعيل بمكناس وإنما ينبغي النهل من معارفه المتعددة باستمرار، بحيث أن هذا الأخير يعد مدرسة في تاريخ الغرب الإسلامي وتخصصات أخرى.
وقد تم اختيار السيميولوجيا والتاريخ، لكونهما مفهومين ينهلان من الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية في الوقت ذاته، فالاهتمام بالتاريخ جاء هنا من منطلق أن كل حضارة عندما تفقد تاريخها فهي تفقد هويتها، والمغرب يحق له أن يفتخر بإرثه في هذا المضمار، نظرا لعراقته وشساعته زمنيا ومجاليا، وانفتاح المؤرخ على السيميولوجيا الذي يقصد به علم الرمز والعلامة يأتي ضمن العلاقة التي تربط التاريخ بباقي العلوم المساعدة ، لأجل تخطي السرد إلى تحليل الخطاب وتوظيف ما ورد ذكره خلف السطور.


الكاتب : متابعة: سلوى جطاري

  

بتاريخ : 26/05/2022