في أجواء علمية رفيعة، وفي إطار انخراطها المستمر في دعم البحث العلمي وتطوير طرائق تدريس اللغات، احتضنت كلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية بجامعة الحسن الأول بسطات، صباح يوم الأربعاء 10 دجنبر 2025، محاضرة علمية متميزة تحت عنوان: «استراتيجيات التعلم الذاتي في اكتساب اللغات الحية»، وذلك بحضور نخبة من الأساتذة الباحثين وطلبة من داخل الجامعة وخارجها.
وقد استضافت الجامعة، بهذه المناسبة الأكاديمية، القامة العلمية والمترجم والكاتب المغربي د. سعيد بنعبد الواحد، الذي حظي باستقبال رسمي من لدن نائب رئيس الجامعة المكلف بالبحث العلمي، د. عبد العالي إيدر، والذي رحّب بالضيف باسم رئيس الجامعة، د. عبد اللطيف مكرم، وأطلعه على الدور الريادي الذي تضطلع به جامعة الحسن الأول في مجال تعليم اللغات وتعزيز البحث العلمي والانفتاح الأكاديمي.
كما تميّز افتتاح هذا اللقاء العلمي بإلقاء الكاتب العام للكلية، عبد الغني الكون، كلمة باسم عميد كلية اللغات والفنون والعلوم الإنسانية، رحّب فيها بالضيف الكريم وبالحضور، مؤكداً على أهمية هذا النوع من اللقاءات العلمية في دعم التكوين الأكاديمي للطلبة، وتعزيز جسور التواصل بين البحث العلمي والممارسة البيداغوجية.
التعلم الذاتي…
من الهامش إلى صلب العملية التعليمية
في مداخلته العلمية، قدّم د. سعيد بنعبد الواحد عرضاً معمقاً حول مفهوم التعلم الذاتي، معتبراً إياه اليوم ركيزة أساسية من ركائز اكتساب اللغات الحية في ظل التحولات الرقمية المتسارعة وتغيّر أنماط التعلّم. وأبرز أن المتعلّم لم يعد مجرد متلقٍّ سلبي داخل الفصل الدراسي، بل أصبح فاعلاً محورياً في بناء مشروعه اللغوي والمعرفي.
وتوقف المحاضر عند مجموعة من الاستراتيجيات العملية التي يمكن للطلبة اعتمادها لتطوير مهاراتهم اللغوية خارج الإطار الزمني المحدود للحصص الدراسية، من بينها:
الاستماع المنتظم للإذاعات والبودكاست والمواد السمعية؛
القراءة الحرة للكتب والصحف والنصوص الأدبية؛
الاستعانة بالقواميس الورقية والرقمية؛
التتبع المستمر للتقدم عبر آليات التقييم الذاتي.
كما شدد على أن التعلم الذاتي لا يعني القطيعة مع الأستاذ، بل يقوم على مبدأ التكامل بين التوجيه الأكاديمي والمبادرة الفردية، داعياً الطلبة إلى بناء علاقة يومية مع اللغة تتجاوز منطق الامتحان إلى منطق الكفاءة الحقيقية والاستعمال الوظيفي للغة.
حضور علمي وطلابي وازن
وقد شهد اللقاء حضوراً نوعياً لعدد من دكاترة الجامعة من مختلف التخصصات، من بينهم:د. نجلاء قنيطرات، د. فاطمة الزهراء الجمري، د. أنس بنإشو، د. مريم بن منان، د. إدريس ولد الحاج، د. إبراهيم أزوغ، د. سعد بولحنان، د. صلاح بن حمو، د. زهرة الغالبي، ود. سعيد أوجيل، إضافة إلى د. الفاضلي.
كما عرفت المحاضرة مشاركة طلابية وازنة من جامعة الحسن الأول وجامعة الحسن الثاني، مما يعكس الاهتمام المتزايد بموضوع التعلم الذاتي بوصفه مدخلاً أساسياً لتجويد تعلم اللغات الحية وتحسين فرص الاندماج الأكاديمي والمهني.
تنظيم محكم ونقاش تفاعلي مثمر
وقد تولّت د. فاطمة لحسيني تنسيق وتسيير هذا اللقاء العلمي، حيث أدارت الجلسة بأسلوب تفاعلي فتح المجال أمام الطلبة لطرح أسئلتهم وتقاسم تجاربهم في تعلم اللغات، مما أضفى على النقاش طابعاً علمياً حيوياً وتواصلاً مباشراً بين الطلبة والمحاضر.
وفي ختام اللقاء، أجمع الحاضرون على أهمية مثل هذه المبادرات العلمية التي تربط بين التنظير والممارسة، وتفتح آفاقاً جديدة أمام الطلبة لاعتماد طرائق تعلم حديثة تقوم على الاستقلالية، والمثابرة، والتكوين المستمر.
وتُعد هذه المحاضرة لبنة جديدة في مسار انفتاح جامعة الحسن الأول على القضايا البيداغوجية المعاصرة، وترسيخاً لدورها في تأطير الطلبة علمياً ومنهجياً لمواجهة تحديات تعلم اللغات في زمن التحول الرقمي.

