محمد طارق: قانون كتب بمنطق تقييد الحرية في زمن انسداد الحوار الاجتماعي
بعد أن أكدت المركزية النقابية للفيدرالية الديمقراطية للشغل، أن مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب والمعروض على البرلمان، تتعارض أغلب فصوله مع المضمون الديمقراطي والحقوقي للدستور، بل يعد قانونا عكسيا ونكوصيا وعصيا على التطبيق ويتنافى مع اتفاقيات منظمة العمل الدولية، قال محمد طارق، أستاذ القانون الخاص بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، إن قانون ممارسة الحق في الإضراب، المعروض على البرلمانيين والبرلمانيات في اللجنة هو قانون كتب بمنطق تقييد الحرية وبمنطق مناصرة طرف على طرف آخر. هذا المنطق كان مرفوضا، رفضته النقابات وعبرت عن ذلك في العديد من اللقاءات، وكتب هذا القانون في زمن انسداد الحوار الاجتماعي، نتذكر أزمة الحوار الاجتماعي في الولايتين الحكوميتين السابقتين.
وأضاف الخبير في التشريع الاجتماعي، في نشرة الأخبار بالقناة الأولى، إن القانون، اليوم، يعاد إلى طاولة التشريع ولكن برؤية روح إيجابية أهمها، هو توافق مبدئي حول قواعد أساسية، وهو مراجعة النص المودع اليوم في مجلس النواب والذي سيخضع للمناقشة، لأن الحكومة التزمت التزاما حقيقيا أمام اللجنة بأن تراجع كل المضامين التقييدية التي كانت تقيده من حيث لغة النص ومن بعض الأحكام التي كانت تتحدث عن العقوبات السالبة للحريات والعقوبات التأديبية في حق الأجراء المضربين، ومن حيث مراجعة إقرار توازن في بنيات النص، تنظيم حق الإضراب في القطاع العام وتنظيم حق الإضراب في القطاع الخاص. الحكومة اليوم استجابت وتسمع جيدا لمطالب النقابات خصوصا على مستوى القطاعات الحيوية، والمواطنون المغاربة مع الإضراب ولكن ليس مع ذلك الإضراب الذي يوقف سير المرافق الحيوية، فالإضراب يجب أن يضمن حدا أدنى من الخدمات في الإدارة العمومية .
وأضاف طارق أن الحوار الذي يجري على مستوى النص التشريعي سيدخل في هذه التفاصيل لمراجعتها ولتعديلها من أجل حماية هذا الحق، ويجب أن نحول القانون من قانون يمنع إلى قانون إيجابي يتعامل مع قضية الحق في الإضراب من منطق الحماية وحماية أطراف العلاقة الإنتاجية أي حماية الطبقة العاملة، وهذا شرط أساسي ومهم وكذلك حماية الرأس المال الوطني أو الأجنبي .
وختم محمد طارق قائلا إن المغرب دولة منفتحة على الكثير من الاستثمارات ولنا ميثاق للاستثمار، وهذا التوازن يجب أن تحرص عليه الحكومة ويجب أن يحرص عليه الجميع، لأنه لا معنى أن نكون بدون قانون تنظيمي للحق في الإضراب.
ودعت فرق المعارضة إلى إخراج القانون وفق «روح التوافق»، انسجاما مع مضمون الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه جلالة الملك في 09 أكتوبر 2015 بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية التاسعة، والذي أكد فيه جلالته أن بلورة مشروع القانون التنظيمي للإضراب «تقتضي إجراء استشارات واسعة، والتحلي بروح التوافق البناء، بما يضمن حقوق الفئة العاملة، ومصالح أرباب العمل، ومصلحة الوطن».
واعتبرت الفرق أن هذا النص بحاجة إلى إجماع وطني لكونه يعني المجتمع ككل، والفرقاء جميعهم، داعية إلى «توسيع المشاورات مع مختلف النقابات بغض النظر عن تمثيليتهم، والحوار العميق مع مختلف الشركاء الاجتماعيين والخبراء».
كما سجلت أن مشروع القانون التنظيمي للإضراب «شائك تتقاطع فيه أبعاد حقوقية، اجتماعية، اقتصادية، وقانونية، بشكل معقد»، معتبرة أن الخروج بنص متفق عليه «لن يتأتى سوى بإعمال الذكاء الجماعي وروح التوافق المتين والخلاق».
وتم التأكيد، وفقا لمداخلات بعض مكونات المعارضة، على أن هذا الملف «قضية أولوية تتجاوز منطق الأغلبية والمعارضة، ومنطق السياسي والنقابي، ومنطق التوجس المتبادل بين الطبقة العاملة والمقاولة، سعيا نحو إيجاد توافقات بناءة تكون في مستوى مغرب 2024 وما بعده».
وأكدت عدد من المداخلات على ضرورة تجويد هذا النص القانوني، بما يكفل «حماية الحق في ممارسة الإضراب»، وإخراجه «في انسجام تام مع أحكام الدستور، ومع التشريعات الدولية والتزامات المغرب في هذا المجال، وبما يضمن الحق في الإضراب».
وتمت المطالبة أيضا، بتخفيف القيود الواردة في مشروع قانون الإضراب وبلوغ أقصى درجات التلاؤم مع الاتفاقيات الدولية في هذا المجال، وحماية بعض القطاعات من الإضراب الشامل نظرا لحساسيتها الاجتماعية مثل المستشفيات وقطاع العدالة، وكذا تدقيق النظر في الآجال والشروط والأسباب والدوافع للإضراب والجهة الداعية له.
مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالاضراب / الدعوة إلى تغليب روح التوافق من أجل إخراج القانون التنظيمي إلى حيز الوجود