جسدٌ واحد … وسهام عِدَّة


المقاوم
جسد يُـفْدى
لا أعظم منه ولا أنقى
لم يتلون كالحرباء، ولم يتستر،
منذ الطنطورة حتى قانا
ومجازر أخرى حتى حيِّ الشيخ و من صبرا
كان الأجرأ
من دفقة ضوء لا تتهيب
أن تتألق أو تهمي من مدمعْ
ليس يلوذ بظل جدار قد ينقض
أو يغفو عن فجر
أو يشغله نبضٌ،
لا يغفل عن وعد أو يتأخر
عن أروع ما في الوان الزهر
وما في عطر الأرض
هو أقوى من قمم لا تتزعزعْ
لا يهوي إن هبَّتْ حرب
أو ومضت عاصفة تكشف
عن رؤيا درب
عينًا صافية لا يخطئ راميها
هدفًا فيما تحمل كتفاه من
حجرٍ أو مدفعْ
لا أقوى صبرًا منه على ما
تأتي الأيام به
من طعنات شتى مما يُتوقع
أو مما لا يُتوقعْ
ظلم ذوي القربى ، وجرائر
أصحاب الكنز مما فوق الأرض وما تخفيه
أحوال الطبعْ
وخيانة ما اقتسم الإخوة
– صبح مساء –
من خبز
يحكى عن إخوته بضع
حزازات في قصة جبّ
ألقوه إليه
لكن ظل الجسد الأطهر
أقوى رغم الغدر
ورغم الجرح الموجعْ
يتقدّم من نصر محفوظ
الأسرار
إلى النصر الأكبر
بينما ينكفئ الإخوة عما أدركه
من عز
في أسر الخوف على مقعد
خزي
في دنيا سترى عن قرب
ما يتساقط منهم
في أدنى أحوال التاريخ
ومزبلة العجز
17/12/ 2023 ـ
قبل رحيل الليل
صار البحر بلا لون تحت ظلام ،
كان عليه اللحظة أن يصفرّ ويسودُّ وقد هاجت،
فيما يشهد مما جاوره أشباح
عابرة ـ لا تدرك ـ في الأجواءٍ،
فقد خان الموج به من رعبٍ،
دفقاتِ سيول دماءً هطلت،
وجحيما كانت من حمرة ما
يتأجّجُ فيه تأكل سحر ملامح
أوجه أكثر من سار به، دون
بهاء ملائك أطهارٍ شبَّت قبل
نزول المتراكم من أنقاض
بأيادي جبناء طاروا تخفيهم
في أجنحة أصواتٌ ما دوت
حتى انهارت فوق رؤوس
براءات كانت بين الوعي وبين الغفو ،
ليسأل تحت الضوء نداء باكٍ عاجَله
ومضٌ ناريٌّ :
ـ «عمُّو… هل حلمٌ ما أبصرُ أم
جد بات يساورني
حتى أرسب بين ذراعي مغتصب
لا وجه له، بين مرايا مجهول
حتى أدنى درك أعمى في
عنف القسوة ، عمُّو …هل
جدّ الجدُّ، وغصنا حقا في ليل
لا آخر له؟
ما ابيضّ البحر على
الشاطئ من رهبة ما يجري
من دفق دماء فوق الأرض
ولا أسودّ ، وما امتدّ خرابٌ
أخفى الأشياء جميعًا ، أو
حُجِبَتْ شمس حتى لم نبصر
رقصة آخر أشلاء بنات كن
استشُهدن وقد صرخت أمٌّ:
بين دموعٍ هاميةٍ:
ـ واكبداه، ويا فلذات من
أغلى ذاتي، كيف صعدتُنَّ
إلى أعلى سموات الخلق
بدون عَشاء.
هي ذي غزَّةُ عادت قبل
خفوت هدير لا يهدأ تحت
بروق ورحيل دجى، عن بحر
يتماوج في القلب إلى آخر
بحر لن يهدأ حتى موت النارِ:
ـ ستنهضُ ، لن تنساها
صلوات تهتف في غير
ركوعٍ، تدعوها من كل جهات
تتنفس ما زالت. لم يهجرها
نبض الشهداء.
16/12/ 2023 ـ

منتفضًا سأقوم
أتضاءل في تيار ناريّ
يعصف بي، بينا أتبخر لا
يبصرني مارٌّ
بإزائي، أنأى، إذ أصعد أو
أدنو، بينا تتناثر من أشلائي
حتى لستُ أُرى،
إلا شلوًا مما يتعالى مني، إذ أتساقط
مهزومًا
معتقلًا في معتركي، في
ضغط لا يتركني، وأحس
بعبءٍ مما
ليس يُرى يُوهي كتفيّ
كأنقاضٍ تعلوني، حتى لا
أبصر ما
يتوارى خلف غطائي،
ـ أعصابة أحجارٍ تثقل عينيَّ،
فلا ألمس غيْرَ نشيج كالموسى ـ
ليس بعيدًا ـ ضمَّ لهاثي
مذبوحا بلهيبٍ مشتعلٍ من
أحشائي.
وهنالك أصوات أخرى تأتيني
ـ أهنالك أحياء؟
أتوقع أن تمتد أيادٍ ترفعني،
لا يقدر صوت أن يسمع أو
يبصر وجهي إذ يغرق بينا سدت
أتربة ما بيني و
بين الكلمات،
توهمت هتافًا يصرخُ، أو
يهتف مكتومًا في صدري:
ـ إن هنالك أحجارًا في حلقي.
لكن شهيقا ينكرني يسبق
صوتي والأصوات الأعلى
من يصدر عني ، يملأ من فوقي كل
الأجواء.
تأتي أحجارٌ أخرى ويضاف
نثار مما ينهار بأحزمة النيران.
فأهمس تحت غطاء من
أنقاض تحجب اضواء سماء:
ـ سأقوم، وأمضي منتفضًا لن أترك أرضي…
للعدوان
19/22//2023


الكاتب : أحمد بنميمون

  

بتاريخ : 19/01/2024