جسور…جديد التشكيلي التطواني حسن الشاعر بمدينة سلا .. رواق GAB-Art Space بسلا يحتضن المعرض الجديد لشاعر البياض والسواد

تحت عنوان «جسور « يحتضن الرواق الفني «غاب آر سبايس»،/ GAB-Art Space من 4 حتى 22 ديسمبر الجاري، معرضا فنيا فرديا للفنان التشكيلي التطواني، حسن الشاعر، حيث تعرض مجموعة من لوحاته التشكيلية المعروفة ببصمتها البصرية الخاصة التي يغلب عليها الأبيض والأسود.
عن معرضه الفني الجديد يقول الفنان التشكيلي، حسن الشاعر، في تصريح خاص للجريدة: «معرض سلا هو محطة اشتغل فيها على عمل واحد وككل أعمالي السابقة فهو اشتغال على لوحة واحدة. بدأت منذ أكثر من ثلاثين سنة وما زلت مستمر، وكل لوحة أو معرض هي محطة وقوف وبعد ذلك الاستمرار في نفس الإتجاه. كأنها رحلة سفر في اتجاه واحد، وفي طريقي ألتقي وأتقاطع مع مناخات وأشياء مختلفة، لكن دوما في نفس الاتجاه. مرة أسير ببطء، وأخرى بسرعة ومرارا أتوقف في انتظار الجديد….»
عنوان المعرض الذي اعتبره الفنان حسن الشاعر انعكاسا لمفهوم الفن التشكيلي، حيث تتحول وتتشكل الأفكار الى أشكال مرئية وتتحول إلى جسر بين الفنان والجمهور، وبين المتلقي والاحاسيس . هو أيضا ، حسب الفنان حسن الشاعر، يناقش قلة أو انعدام الجسور بين الأشخاص والثقافات المختلفة حيث الجسور أصبحت جسورا تجارية واقتصادية اكثر منها جسورا ثقافية وفكرية…»
عن اختياره للأبيض والأسود كبصمة بصرية جمالية، يقول الفنان حسن الشاعر في تصريح للجريدة : « الأبيض والأسود ليس فقط اختيارا جماليا بقدر ما هو اختزال راديكالي، منذ البداية وأنا أشتغل على فكرة المهاجرين السريين/ الحراكة أو الحراقة كمرجعية خلفية، أشخاص يحرقون أولا هويتهم وماضيهم وعلاقاتهم بالأرض والماء وبالحياة، بحثا عن حياة أفضل، وغالبا ما يلبسون ملابس سوداء وينتهي بهم الأمر في كيس بلاستيكي أسود. من جهة ثانية، الأسود هو جميع الألوان في العتمة، هذه العتمة التي تجعلنا لا نرى أي شيء من حولنا، فقط الإحساس بثقل أجسادنا، محاولين ان نتشبث بحبال مربوطة بنجوم، نجوم العلم الأوروبي ونجوم الأحلام ونجوم الأسرار…أما اللون الأبيض فهو بالنسبة للتشكيلي حسن الشاعر: « لون الجير وبه كذلك تلون القبور لكي ننظفها ونطهرها من بكتيريات الحياة والماضي، هو لون الطهارة وجميع الالوان مشتركة، لون البراءة ولون العذرية ولون الفراغ .. صراع ككل الصراعات في البحث عن التوازن….»
عن هذا التوجه الفني الخاص بالفنان حسن الشاعر، يقول الناقد عز الدين بوركة، الباحث في الجماليات المعاصرة في تصريح خاص للجريدة : «تستثمر أعمال حسن الشاعر توتّر السواد والبياض بوصفه مجالا ديناميا يختبر حدود الرؤية نفسها. السطح يتحول إلى فضاء يتقدّم فيه السواد مثل كتلة نابضة، يضغط على البياض ويتركه في وضع يقظة مستمرة؛ ليست علاقة تناقض بقدر ما هي تدافع بين كثافتين، إحداهما تمتص الضوء والأخرى تبقيه في حالة عبور. في هذا المعنى، يشتغل الفنان على النور والظلمة بطريقة تجعل كل منهما يتسرّب داخل الآخر، إذ تتخذ الظلمة هيئة مادة متدفقة ومتراكبة (خليط مواد وأصباغ)، لزجة، تحتفظ بآثار الجاذبية، بينما يتخذ النور شكلاً هشّاً، مسطحا يتمدد عبر البياض دون أن يغلقه.» ويضيف: «..هذا، وتظهر الإيماءة داخل هذه الأعمال بوصفها خطّا متوترا، سريعا وضروريا، يترك أثره مثل ندبة على سطح اللوحة. ليست الإيماءة بحثاً عن هندسة، بل محاولة للإمساك بلحظة انبثاق الطاقة قبل أن تتلاشى. الخطوط المتقاطعة والمكسورة في المنحوتات واللوحات تمنح الإيماءة جسدا، فتغدو شبيهة ببنية مؤقتة، منصة أو جسر يخترق الفراغ كي يربط بين كتلتين من الصمت. هذا الإحساس بالجسر يهيمن على الأعمال، كما لو أن السواد يشيد معابره فوق فراغات البياض، أو كما لو أن الحركة تبني لنفسها مسارا عابرا في فضاء غير مستقر…».
من جهته، كتب الناقد الفني محمد البهلاوي، في تقديمه لهذا المعرض الجديد، مؤكدا على البصمة الخاصة للرسام حسن الشاعر ضمن المشهد التشكيلي المغربي، يقول : «حافظ حسن الشاعر عبر سنوات من العمل، خلافا للعديد من التشكيليين على أفكار وخطاب واضح، محتفظا بخيط رابط بين جميع أعماله، سواء من حيث الثيمة أو الشكل الفني»، مؤكدا على كون التشكيلي حسن الشاعر حافظ على استمرارية تشكيلية فنية ومتناسقة يمكن التعرف عليها بصريا من النظرة الأولى..
وفي البحث عن هذا التوازن الفني التشكيلي والجمالي يستمر حسن الشاعر في نحت تجربة استمرت منذ أكثر من ثلاثين سنة، محافظا على هويته البصرية والفكرية داخل حقل تشكيلي فني متغير، رافضا أن ينخرط في موجة تجارية تسلبه هويته كفنان مغربي وعالمي.


الكاتب : ليلى بارع

  

بتاريخ : 10/12/2025