جماجم غاضبة

متاعب السّقّاء نوفل
السَّقّاء نوفل حزين
لأنّ مَاءَ قِربته انقلبَ إلى حِبر
يَوم شَرَع في كتابة رواية
مستعملاً ريشةً وَدَواة
لم ينتبه إلى الأمر
إلّا بعد أن ملأ طاسةً وكان
على وشك تقديمها إلى زبون
وبينما هو يفكّر في ما وقع
غَزا تأمّلُه غُرَفاً
عواطفُه أثّرتْ
في راكبي سَفينة
حُزنه كسرَ كؤوساً في بيوت بالحيّ :
في بيت قاسم المهندس
وبيت الصّبّاغ عبد اللطيف
وبائع الحريرة عبد النّور
يوم انقلب ماءُ قربته إلى حِبر
توقّفت قربَه امرأة كانت تُهرول
وضعتْ يدها على القِربة
وشرعتْ في البُكاء بلا سبب
الدّجاجات اللائي تَبِعْنه
لِيُعاينّ ما حدث لماء القِربة
عولِجن مِن فضولهنّ
بِصدمات كهربائيّة
نَوفل السّقّاء يَجـلس الآن أمام بيته
يحتضن قربته
ولا يفهم
ما الذي دهاها

*

كأس

تركتُ كأسي فارغة
على حافة النّافذة
حَدث ذلك سهواً
لا أكره هذه الكأس
هي كائن مُرْهَف
وتتذكّر أقدامَ أُناسِ عصور بائدة
كانوا قد داسوها
وهيَ بعدُ حبّات رَمل
تتذكّرُ أنّي أسقطتُها مرّةً
دون رغبة منّي
وأبدتْ صبراً ولمْ تنكسِر
بل تدحرجتْ وَرَسَت
فوق أصابعِ قدمي اليُمنى
أحياناً أشعر أنّ أسىً يتخلّل كيانها
فأسكبُ فيها نبيذاً
أو أُغنيةَ شتاء
يحدثُ أنْ أتحدّثُ إليها هَمساً
حتّى تتشرّبَ كلماتي
وكثيراً ما تُغْنيني عَن أرصفة
تتيه فيها خُطاي ولا تَغنم
سوى الضّجر

من المجموعة الشعرية الأخيرة «جماجم غاضبة بسبب الطّقس البارد»


الكاتب : مبارك وساط

  

بتاريخ : 14/11/2025