جمالك، سَيِّدتِي، هَزَّ رُوح الله ! ..

 

(هِيَ، جَمالها، أرْكَع آلِهَة الجَمال، وَالوَحْشَة، وَالماء الزُلال والتُراب، وَالحَصَى، وَالحَجر، وَالشِعْر، وَالمدَى، وَطِيب الآيات، وَسِواكا من عَنْبَر).

هَمْسكَ خَمْرَة، طَوْقكَ وَلِيّ، جَفْنكَ أَمِير،  رائِحتكَ سُلْطان.
هَل اللّٰه هُوَ الَّذِي أَرْسَلَكَ إلي ؟!).

وَأَرْعَشهُ، وَحَيَّرَهُ..

ورَمَيتِنِي فِي فَراغ النِسْيان كَي أَنْسَى مَعْشُوقَتي.
مَعْشُوقَتي، جَمَّدَت عَقارِب ساعاتها، وَأَوْقاتها. حَبَسَت أَنْفاسها. صَمَّمَت سَكَناتها عَلَى نَبَض قَلْبِي.

أَنا، شَذَّبتُ هَفَواتِي عَلَى مَقاس خَيْرها، وَظِلّها، وَظِلالها ..
وَهِيَ، بُرْج من خَلِيَّة نَحْل.
هِيَ، شهدانة عَلَى بَرِيق الشهد، حِينِ العَسَل يَغِيب.
هِي، نُزُول طِيب الندَى عَلَى وريقات ٱِنْتِظار العاشِقِين.
هِيَ ، الحَقِيقَة عارِيَة، حافِيَة، تُداعِب ٱِنْعِكاس عِشْقنا،
يَتَدَلَّى كَعَناقِيد عِنَب كويراته بِلَّور سَاحِر،
خاطِف لِلَهف الشوْق، وَالعَطَش، فِي صَحْونا، وَسُهادنا .

رُوحكِ، قراح.
يَفُوح مِنها عِطْر فَوّاح.
رُوحكِ، صافِيَة. عَذْبَة. خالِصَة. متوهجة. لِيس فِيها ذَرَّة شَرّ.

هِيَ، فِي الصفاء، كَالمَرْمَر.
هِيَ، فِي حِشْمَة اللَمَعان، كَالبَدْر، كَرُقاد القَمَر.
هِيَ، هَزَّت رُوح اللّٰه، وَسالَت كَالريح.
هِيَ، قِطَع مَن وَتَرَ غَجَرِي، جابَت قُرْطُبَة، وَعادَت أَنْدَلُساً، وَنَغْم تَواشِيح.

هِيَ، الطفقة الكُبْرى.
هِيَ، البُرْكان العَظِيم.
مَن سُلالات البَرَكَة، مَن سَجايا شَيْء لا يُوصَف.

هِيَ، جَمالها، أُرْكَع آلِهَة الجَمال، وَالوَحْشَة، وَالماء الزُلال، وَالتُراب، وَالحَصَى، وَالحَجر، وَالشِعْر، وَالمدَى، وَطِيب الآيات، وَسِواكا من عَنْبَر.

هِيَ، حُسْنها، أَرْبك خُطَط الشَيْطان.
هِيَ، وَشَمها، كَتَعاوِيذ السحْر، جَمَّدَ ماء إِبْلِيس.
بِها، شَيْء من مَدَد.
هبَل، فِي حَياَتي كُلّها، مِثْله، لَم أَراه.

هِيَ، عَذابها، لا أَرْتَضِيه لَأَحَد.
هِيَ، جَمالها، هَزَّ رُوح اللّٰه ! ..

جَمالكِ، مُطْلَق.
حُسْنكِ، كُلِّي،
كُلِّي،
وَكُلِّي.

كُنْ، لِي،
وَكُنْ، لِي.

فَمَن لِي ؟
مَن لِي، غَيْركِ، فَلَيْسَ لِي سِواك !

أصاعد، كَاللوْلَب ، نَحْوَ الرذاذ.
أصاعد، كَفَتْحَة جُرْح،
تُبَخَّر دَمهُ،
مَطراً، يَسْقِي سُلَّم صُعُودِي، إِلَيك،
وَرْداً أَحْمَرا.
وَرْداً صافِيا.

بَهاؤكِ، سَرْمَد.
نُوركِ، أَبْهَى.
و أَبْهَى.
شَعاعكِ، رَغْوَة من حُسْن خَلْق البَرِّيَّة.
زُبْدَة أَتَت عَلَى خَيالِي،
شَهْوَة، شَهِيَّة.
أَنْتِ، فَيا،
رَضِيع سِنْدِيانَة،
تكبرين بَينَ أضلعي،
تُحَوِّلِينِي إِلَى تُوت من عرعار،
إِلَى الصنوبرة العَرِيقَة، الأَبَدِيَّة،
فَوْق تاج عُرْسِي، فوق تاج آلامِي ..

أَنْتِ وَالخَمْرَة نُقْطَتانِ مُتَعانِقَتانِ.
فَمَن مِنكُما الخَمْرَة
وَمِن مِنكُما أَنْتِ ؟!
إِن أَرَدتُ سُكْرِي
خَوْفِي أَن أَشْرَبكِ أَنْتِ.
وَإِن اشتقت لَلقِياكِ،
خَوْفِي غَرَقِي فِي صَهْباء اللَوْن !
أَو:
نَبِيذنا، تِرْياق.
ما أَلْذكِ حِين تَخْتَلِطِينَ بِهِ. وَتَسْبَحِين. وَتَذُوبِين.
فَأَصِيح عالِيا فِي عُمق الكاس.
أَينكِ يا ٱِبْنَة اللّٰه ؟
أَينكِ فِي هٰذِهِ الرَغْوَة المُقَدَّسَة ؟
كَيْفَ لِي أَن أَسْحَب صَداكِ من هٰذِهِ الفَوْضَى القُزَحِيَّة ؟

أَنْتِ نَبِيذ اللّٰه، ياقُوت من سَمَرْقَنْد.
أَنْتِ عَصِير رُوح العالِم.
أَنْتِ زُبْدَة الحِكْمَة، حِينِ الدَهْر لا يَدُور ولا يتمدد.
سَمَرْقَنْد ،
تِلْكَ آلتِي عَيَّرتِنِي بِبَياض شَعْرِي ،
بِجُنُونِي ، وَمُجُونِي .
وَأَنا، الواقِف أَمامهُ، ذَلِيلاً، مطواعا، خَنُوعا، خشُوعاً،
حابسا لَدَمْعه،
قابِضا بِأَنْيابه عَلَى الوَجَع المُبارَك فِيهِ،
راضِياً عَلَى قسمتِه،
لا هتا وَراءِ رَضاه، باحِثا عَن سِكينته، فِي سَماه.
سائِلا عَن مَصِير سَيْره،
مرتجفا، أَمامهُ، من عَثر خُطاه !

لَمّا ساقتكَ أَقْداركَ،
وَسَقَتكَ الأَقْداح.
مَن ريق الشَهْوَة وَالانْبِلاج.
وَسَرجَتك الأحبار بِسِيقان مِلاح.
وَحَطّ عَليكَ طَيْر الغَرام،
وَمَوْج من الطَلّ وَالند،
وَسَيْل من عصائر أَبارِيق اللَوْز وَالمِشْمِش وَكُرُوم البَهاء.
عَلَى سَجدكَ، فِي مِحْراب اشتياقك،
السهاد، عَليكَ، نام واستراح !

هَمْسكَ خَمْرَة، طَوْقكَ وَلِيّ، جَفْنكَ أَمِير،  رائِحتكَ سُلْطان.
هَل اللّٰه هُوَ الَّذِي أَرْسَلَكَ إِلَي، كَيّ أُصَلِّي مَعَ ذُرِّيّاتِي،  مَعَ صَنائِعِي،   مَعَ يَرَقاتِي، مَعَ قَزّ الصوف والحَرِير ؟
هَيَّئَت مَرْقَدِي، نَسَجَت مَعْبَدِي، لِأُصَلِّي لِوَجْه أَلْحَق لِأُصَلِّي لِوَجْه اللّٰه !


الكاتب : امال حجي

  

بتاريخ : 05/01/2024