جمال الطبيعة والتراث في لوحات.. قراءة لأعمال المغربي إبراهيم شاكر

لقد كان الفن التشكيلي، و ما يزال، جزءا مركزيا في تعبير الإنسان عن ذاته و موطنه ، و في كل بقاع العالم تجد هذا الفن و غيره من الفنون صامدا في تعبيريته عن حياتنا و رؤانا مهما حدث من تغيرات و تطورات تكنلوجية و غيرها.
” إنّ عمر الفن قديم قدم الإنسان، فقد نشأ معه منذ أقدم عصورهن ولازال يلازمه، و كان دليلا على وجوده الحيوي، و لحضارته التي أصبح مقياسا لازدهارها أو تخلفها.
و نحن لا نستطيع الحصول على دراسة كاملة لتاريخ الفن وصلته بالإنسان ما لم نع الصلة الوثيقة بينه و بين المجتمع، و هي صلة أشارت إليها جميع الكتب التي تناولت تاريخ الفن، و أشارت إلى دوره في حياة الإنسان من جهة و دور هذا الأخير في تخليد تاريخه عبر عصوره الطويلة من جهة أخرى “().
و حين نتناول إبداعات فنان معين بالقراءة و الملاحظة فإننا نكتشف أمرين ، الأول درجة مهارة الفنان في منجزه الإبداعي ، و الأمر الثاني ، رؤيته الشخصية للعالم المحيط به .
و في لوحات الفنان المغربي إبراهيم شاكر يبدو لنا الأمران معا ، فالأول يتجلى في حبه للفن التشكيلي مما جعله منفذا للتعبير المباشر وغير المباشر عن خلجاته إزاء مرئياته المتجددة و المتغيرة بتغير الزمن ، و يبدو الثاني في نوع علاقته بالمجتمع الذي يتحرك بين معطياته ، حيث نجد تأرجحه بين الملمح التراثي و الطبيعي ، و يأتي الملمحان بلمسات بسيطة لا تخفي عمق التناول و الرؤية ، يظهر ذلك في المفردات التي تتكرر في أعماله الفنية التي تمتح مادتها من المجتمع بما في ذلك الإنسان و ما له علاقة بحياته من ملابس و عمارة و طبيعة بما تحمله رونق يحس به المبدع قبل غيره. و هو في ذلك يتآلف مع غيره من الفنانين المغرمين بالتراث الأمازيغي و المغربي بكل ما يحمله من جمالية خلدته على مدى قرون وقرون ،
في لوحات إبراهيم احتفاء بالمرأة ، و قد جاء الاهتمام بها في أعمال كثيرة لفنانين مهتمين بتجسيد التراث الأمازيغية لعاملين رئيسيين هما: احترام المرأة و إعلاء لمكانتها في المجتمع ، و اعتبار هذه المرأة بمحافظتها و مناعتها و اعتزازها بالتراث عنصرا قويا من حيث حملها لخصوصيات تراثنا البادي في ملابسها ، و حليها ، و في بعض الأكلات التي تعدها بين الحين و الحين و التي تعود جذورها إلى تراثنا الأمازيغي المغربي المتميز، علاوة على محافظتها على اللغة الأمازيغية أكثر من الرجل الذي تجعله أسفاره ينسى الكثير من الألفاظ متأثرا بلغات غيره.
إلى جانب ثمية المرأة و ما يتعلق بمظهرها و حِرَفها و عملها ، نجد جل المبدعين المغاربة و منهم المبدع إبراهيم شاكر يتناولون في أعمالهم مظاهر الفروسية بما تجسده من جمالية تراثية تعود بنا إلى تاريخ ناضل فيه الشعب المغربي ضد الاستعمار الأجنبي فرسانا على ظهور جياد تجسد القوة في الطاعة والمقاومة.
و لا بد من الإشارة إلى كون هذا الفنان مهتما بالطبيعة و ما تجسده من ملامح الجمال الأخاذ و الساحر ، فتجده يورد في أعماله بعض من المشاهد الجميلة الموحية بالتأمل و مساءلة الأبعاد. و هكذا تجد في أعماله مفردات لها علاقة بالمعمار المغربي في حضن طبيعة تعانقه و تبادله الجمالية التي هي جزء من سعادة الإنسان في كل مكان.
و بعيدا عن عالم المرأة و الطبيعة و المعمار نجد إبراهيم شاكر يدلي بدلوه كغيره من الفنانين في إنجاز لوحات تجريدية بخطوط و أشكال هندسية متداخلة و متقابلة عبر ألوان يطبعها تجانس وتواؤم.
ويبقى الفنان إبراهيم شاكر فنانا مغربيا حاول إلى جانب غيره التعبير عن جوانب كثيرة في حياتنا، جوانب تتوزع بين الإنسان والفضاء الذي يؤويه بما يحمله من معطيات تحدد خصوصياته التراثية والثقافية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ (1) عبد المنعم راوية، الحس الجمالي وتاريخ الفن، دار المعرفة الجامعية، جامعة الإسكندرية، 2005 ص317
2 ـ إبراهيم شاكر ، فنان مغربي ،حاصل على ديبلوم التربية 1977 بالمعهد الملكي لتكوين الأطر لوزارة الشباب والرياضة ،حاصل على ديبلوم تقنيات الرسم 1972م ، شارك في عدة ورشات تدريبية ، ومعارض تشكيلية إقليمية ووطنية …


الكاتب : لحسن ملواني

  

بتاريخ : 02/07/2020