جمعيات تزور الفتاة وأسرتها لتقديم الدعم وتطالب بإقرار نسب الطفل

عبرت عن صدمتها من الحكم الصادر ضد مغتصبي طفلة قاصر ضواحي تيفلت

 

بعث تحالف ربيع الكرامة والجمعية الديموقراطية لنساء المغرب  رسالة مفتوحة إلى وزير العدل والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئيس النيابة العامة، للتعبير عن صدمة التحالف الشديدة واستيائه العارم وكافة القوى الحقوقية والديمقراطية ببلادنا ومختلف فئات الشعب، من آثار الحكم القضائي الذي أصدرته غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، بتاريخ 20 مارس 2023، ضد ثلاثة متهمين تناوبوا جماعيا وبصفة متكررة على اغتصاب طفلة لم يكن سنها يتعدى 11 سنة، ونتج عنه حمل وولادة.
وسجل التحالف أن المحكمة مصدرة القرار ضربت الصفح عن بشاعة الجرائم المرتكبة في حق طفلة، وتغاضت عن العقوبة التي تحددها فصول المتابعة بالأمر بالإحالة الصادر عن السيد قاضي التحقيق، خاصة الفصل 488 من القانون الجنائي الذي يشدد العقوبة المنصوص عليها في الفصل 485 المتابع به المتهمون، ويرفعها بالنسبة لهذه الحالة المأساوية إلى 30 سنة سجنا، و»اجتهدت» في إعمال كافة ظروف التخفيف (عدم السوابق، الظروف الاجتماعية…) لتنزل بالعقوبة إلى سنتين حبسا. والأخطر هو جعلها نافذة في حدود سنة ونصف بالنسبة لمتهمين اثنين، مما يعد صراحة شكلا من أشكال تكريس الإفلات من العقاب بدلا من أن يكون، من باب أولى وأحرى، ضمانا للعدالة الجنائية للطفلة الضحية.
وأضافت الرسالة أن بعض ظروف التخفيف المعتمدة في تعليل القرار الجنائي لا تنطبق إطلاقا على هذه القضية، وقد تم توظيفها بصفة مستفزة تتعارض مع استراتيجيات الدولة وتوجهاتها وتصريحاتها بشأن حماية الطفلات والأطفال من الاعتداءات الجنسية. فمن غير المقبول نفي القرار الجنائي الخطورة الواضحة وضوح الشمس عن الأفعال الإجرامية الوحشية وعن مرتكبيها لتبرير المنطوق الصادم.
إن القرار الجنائي الصادم لم يحقق العدالة الجنائية للطفلة سواء في شقه الزجري المتعلق بالدعوى العمومية، أو في شق جبر الأضرار النفسية والمادية المرتبط بالدعوى المدنية التابعة، تردف الرسالة، فالتعويض الهزيل لن يجبر الأضرار البدنية والسيكولوجية العميقة لطفلة تعرضت لاعتداءات جنسية متكررة وحملت قسرا وأنجبت، ولا الأضرار النفسية والمادية لوالديها، كما أنه لا يعكس أدنى تفهم للمستلزمات الضرورية لتربية طفل وتحمل مسؤولية تنشئته. وهو ما يعمق من الإحساس بالظلم و»الحكرة» والإقصاء من الحق في العدالة بما تحمله في طياتها من أمنين قانوني وقضائي.
وطالبت بتغيير جذري وشامل للقانون الجنائي، يعيد النظر في «السلطة التقديرية» للقضاء، نطاقا ومرتكزات وفلسفة، وفي التفاوت الكبير بين الحدين الأقصى والأدنى للعقوبة، وفي ظروف التخفيف بشأن جريمة الاغتصاب وغيرها من الاعتداءات الجنسية، ومراجعة شاملة لقانون المسطرة الجنائية، وإزاحة العراقيل التي وضعت حصرا وعن سبق إصرار أمام الجمعيات النسائية للتنصب طرفا مدنيا في قضايا العنف ضد النساء، مما يحول دون اضطلاعها بدورها الدستوري.
واستقبل بيت سناء، ضحية الاغتصاب الجماعي بتفيلت، أعضاء من فدرالية رابطة حقوق النساء وشبكة الرابطة إنجاد ضد عنف النوع في زيارة تضامنية برفقة خبير نفسي لتقديم الدعم للفتاة وأسرتها.
الزيارة كان الهدف منها التضامن مع الطفلة المغتصبة وأسرتها، وإخضاع الضحية لجلسة استماع من قبل خبير نفسي.
الوفد الحقوقي شدد على ضرورة إنصاف سناء وطفلها، وطالب بإقرار نسب الطفل، الناتج عن الاغتصاب الذي تعرضت له الطفلة والدته، الذي يظل إلى حد الساعة دون نسب أو اسم عائلي رغم الخبرة الجينية.
وفي هذا الإطار، قالت نجية تزروت، رئيسة شبكة الرابطة إنجاد ضد عنف النوع: “هي زيارة تضامنية رفقة أخصائي نفسي لتقديم الدعم للطفلة والاستماع إليها ومؤازرتها، والتعبير عن التضامن النفسي والاجتماعي معها”.
وأضافت تزروت: “حين قدومنا إلى بيت الضحية، كان الواقع بمثابة صدمة كبيرة بالنسبة لنا، فمحيط الأسرة الذي يمتاز بالهشاشة والفقر واضح وباد على الأسرة، أما الطفلة فهي صغيرة جدا وذات بنية ضعيفة جدا، وحين الحديث معها يتبين أنها طفلة صغيرة جدا، كل ما يجب أن تقوم به هو اللعب والدراسة وأن تعيش طفولتها كأقرانها لا أن تجر مأساة كبيرة أو أن تربي طفلا تظهر كأنها أخته الكبرى”.
وجددت تزروت انتقادها للحكم الصادر في حق المتهمين، قائلة: “هو حكم مخفف جدا وجائر في حق الطفلة، لا يتلاءم مع الجريمة البشعة في حقها، على الدولة توفير الحماية الواجبة وجبر ضرر الطفلة وعبرها طفلات أخريات، فهناك طفلات أخريات ربما لم يستطعن الحديث أو لم يصل إليهن الإعلام ويجرُرْن مأساتهن بصمت”.
من جانبها، قالت سميرة موحيا، رئيسة فيدرالية رابط حقوق النساء: “نجدد انتقادنا للحكم الصادم الذي لم يراع ظروف الهشاشة والفقر التي تعيشها هذه الفتاة، إذ في ظل غياب التنمية المجالية وبعد المدرسة اللذين جعلا الأب يوقفها عن الدراسة لحمايتها، يتم اغتصابها في عقر دارها”.
وتحدثت موحيا عن وليد الطفلة، قائلة: “هو اليوم بدون هوية، لم يسجل في الحالة المدنية ولم ينسب لأبيه إلى حد الساعة ولا يحمل اسما عائليا”، متابعة: “على الدولة تسجيله وحمايته من الوصم الاجتماعي والنبذ والنظرة الدونية للمجتمع، لا يمكن الإقرار بالبنوة دون نسب، يجب أن تكون هناك أبوة ونسب، وأن يتحمل الأب مسؤولية هذا الطفل الذي لا ذنب له والإنفاق عليه”.
وعبر المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين، عن استياء قوي من قضية الاغتصاب الجماعي الذي تعرضت له فتاة قاصر دون سن التمييز( 11 سنة ) – نواحي تيفلت – بلغ حد هتك عرضها نتج عنه حمل وولادة .
ونبه المرصد الوطني، في بلاغ له، إلى خطورة هذا النوع من الافعال على الضحايا وانعكاساتها السلبية على المجتمع بكل مكوناته.
وتأسف لكون الطفلة الضحية لم يسبق لها أن ولجت المدرسة وهي ظاهرة لا شك أن مجموعةً من مناطق المغرب تعرف مثلها.
وحمل المسؤولية كاملة للسياسات الحكومية، خصوصاً في جانبها التربوي والاجتماعي التي لم تتمكن بعد من تعميم التعليم وتوفير الحماية الاجتماعية، وهو ما يناقض تصريحات مسؤولي هاته القطاعات .
ودعا المجتمع بكل مكوناته إلى إعادة طرح قضايا الطفولة والمرأة ومناقشة الأسباب الحقيقية التي تسبب في مثل هاته الأحداث المشينة من مثل سياسات التربية والتكوين، والطفولة والشباب ، وقضايا المرأة، ولعل ظاهرة عدم الالتحاق بالمدرسة والهدر المدرسي وعدم الاستقرار العائلي والفقر وغياب عدالة مجالية واجتماعية في مجموعة من المناطق …كلها تساهم في مثل هذه الأحداث .
جمعية ملتقى الأسرة المغربية أكدت من جانبها أن الحكم المتعلق بجريمة اغتصاب طفلة  قاصر عمرها 11 سنة  – ضواحي تيفلت –  شكل صدمة قوية للرأي العام الحقوقي والوطني .
ورأت الجمعية في بيان لها، أن هذا الحكم الذي لم يتجاوز السنتين  في حده الأقصى، والذي شمل المتهمين الثلاثة، أثار غضب وتنديد الجمعيات النسائية والحقوقية وعموم المغاربة.
و أمام فظاعة هذا الاعتداء الوحشي، تسائل الجمعية مختلف مؤسسات الدولة المسؤولة قانونا عن حماية الأطفال وعن مدى تفعيل المقتضيات الدستورية المتعلقة بالحق في الوقاية والحماية،  وكذلك الحق في المحاكمة العادلة، وعن إعمالها لالتزاماتها الدولية في ما يخص تفعيلها لاتفاقية حقوق الطفل .
ورأت الجمعية أن اعتماد هيئة القضاء لهذا الحكم يعد خرقا  صارخا لمقتضيات القانون الجنائي؛ إذ لا يتلاءم مع بشاعة  الجريمة المتمثلة في الاغتصاب الجماعي المتكرر تحت طائلة التهديد، والذي نتج عنه حمل وولادة طفل، مطالبة بفتح تحقيق نزيه في هذا الملف لإعادة الاعتبار  لسلطة القضاء وللقانون وللطفلة المغتصبة ولأسرتها .
أمام تنامي الاعتداءات الجنسية التي باتت تهدد أمن وسلامة الأطفال والنساء الجسدية والنفسية والعقلية ، يدعو البيان جميع  مؤسسات الدولة إلى أن تتحمل مسؤوليتها القانونية والأخلاقية من خلال اعتماد جملة من التدابير  في مقدمتها،  تأسيس قضاء متخصص في قضايا الأسرة والطفولة؛ إصدار قانون مناهضة العنف ضد الأطفال يضمن الوقاية والحماية وعدم الإفلات من  العقاب والتكفل؛ إحداث مراكز متخصصة في المصاحبة والتكفل بالأطفال ضحايا العنف والاعتداءات الجنسية، المراجعة الشاملة لجميع القوانين لتتلاءم مع مقتضيات الدستور( مدونة  الأسرة  والقانون الجنائي …)؛ التطبيق العادل للقانون تفعيلا لمقتضيات الدستور خاصة الفصلين 110 و117؛ تفعيل الآليات القانونية والمؤسساتية المنصوص عليها في الدستور  (المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، هيئة المناصفة ومكافحة التمييز…)؛ التفعيل الشامل والناجع للسياسة العمومية المندمجة لحماية الطفولة .


الكاتب : جلال كندالي – وكالات

  

بتاريخ : 06/04/2023