جنازة تحت المطر.. بالدموع ودع المغاربة نعيمة سميح، سيدة الطرب المغربي

 

تحت سماء ماطرة اختلطت فيها دموع البشر بقطرات الماء، شيع المغرب يوم السبت 8 مارس 2025، الذي يصادف الاحتفاء باليوم العالمي للمرأة ، جثمان الفنانة نعيمة سميح إلى مثواها الأخير في مقبرة سيدي محمد ببنسليمان.
الأمطار، التي رافقت مراسم التشييع، بدت كأنها انعكاس لحزن جماعيٍ غمر قلوب محبي «سيدة الطرب المغربي»، التي رحلت ليلة الجمعة بعد مسيرة فنية جعلتها أيقونة لا تنسى.
الديفا سميرة سعيد، التي ارتبطت بنعيمة بصداقة تعود إلى أيام الطفولة، عبرت عن جرح الفقدان عبر تدوينة حميمية رافقتها لقطات نادرة تجمعهما في بداياتهما، وكتبت: «اليوم فقدت صديقة الطفولة.. جزءا من ذاكرتي رحل معك.. كنتِ وجها مشرقا بالحياة، إنسانة دافئة بكل معنى الكلمة». الكلمات التي انهمرت كدمعة على الورق، كشفت عن عمق العلاقة الإنسانية التي تجاوزت الفن إلى ذكريات مشتركة، حيث وصفت سميرة نفسها بـ»المشاغبة» مقابل «العفوية الفطرية» لنعيمة، في إشارة إلى ثنائية صنعت تناغما إبداعيا وإنسانيا.
لم يكتفِ عبد الحميد الجماهري، الإعلامي والشاعر، بنعي الفقيدة، بل نسج من كلماته قصيدة حزن، كتب فيها: «غاب الهلال.. صوت تكدست فيه ندف الثلج.. يا ابنة الأعماق، لقد وحدت القمة والقاعدة بنبرتك». كلماته، التي حملت رمزية شعرية، رصدت دور نعيمة في توحيد الذائقة الفنية عبر طبقات المجتمع، من خلال صوتٍ حول الأغنية إلى جسر بين «الملوك وبائعات الورد».
المطربة جنات مهيد، التي شاركت الجمهور صورة قديمة تجمعها بالراحلة، خاطبتها بدعاء خالص: «اللهم ارحمها.. اجعلها من أهل الجنة»، بينما عبرت الإعلامية فاطمة أقروط عن صدمة الخبر بقولها: «الوطن حزين اليوم.. جرح لن يندمل». كلمات أقروط، التي وصفت نعيمة بـ»حبيبة الكل»، لم تكن مجرد نعيٍ عابر، بل خلاصة لحزن جماعي التقطته قلوب الملايين.
أما  الفنان نعمان لحلو، فاختصر المشاعر بكلمات مكثّفة لكنها ثقيلة كالجبل: «انطفأت البحة التي اجتمع المغاربة على حبها.. إنا لله وإنا إليه راجعون». إشارته إلى «البحة» المميزة في صوت نعيمة، التي صارت علامة فريدة في الأغنية المغربية، لخصت سر تعلق الجمهور بها، حيث حولت نبرتها الحزينة أي كلمة إلى قصيدةٍ.
المشهد التأبيني لم يقتصر على الوجوه الفنية، فسفارة فرنسا بالمغرب، نشرت بيانا رسميا وصفت فيه الراحلة بأسطورة الأغنية المغربية، مؤكدة أن ألحانها «ستبقى خالدةً عبر الأجيال». بينما كتب وزير الثقافة محمد المهدي بنسعيد: «فقدنا قامة فنية تركت بصمتها في الوجدان المغربي»، في إشارةٍ إلى دورها في بناء ذاكرة فنية جمعت بين الأصالة والحداثة.
التفاعل الشعبي مع الرحيل تجاوز الحدود، حيث تطرقت  وسائل إعلام عربية  إلى  هذا الفقد والرزء، كما نعاها أيضا  فنانون  وإعلاميون من خارج المغرب، مستحضرين أخلاقها الدمثة وكذلك أغانيها الخالدة.
وكتب  بدوره الفنان سعد لمجرد ناعيا الفقيدة قائلا: «كانت أقرب الفنانات إلى قلبي.. مثالا للطيبة والنقاء»، بينما نعتها الفنانة أسماء لمنور بلقب «لالة نعيمة»، قائلةً: «لم أجرؤ على مناداتها دون لقب التقدير».
الفنانة نجاة عتابو ذكرتها كروحٍ ملهمةٍ،  في حين استحضر الفنان حميدة الباهري، دعمها له في بداياته،
وكتب على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك :» إلى جنة الخلد أيتها الرائعة إلى جنة الخلد أيها الصوت الحزين إلى جنة الخلد أيها القلب الكبير الذي يتسع للكل، لقد أطربت وأسعدت الملايين وها أنت اليوم تبكين الملايين لالة نعيمة لقد عاشرتك عن قرب وكنت محظوظا في عدة سهرات وعدة لقاءات ومناسبات والحمد لله، لن أنسى لك حضورك ودعمك لي أثناء حفل توقيع أحد ألبوماتي وهاهو بين يديك الكريمتين أكبر دليل، لن أنسى إعجابك بمجموعتي (بنات الغيوان)، لن أنسى تشجيعك لي كلما التقينا، لن أنسى كلامك المعبر والنصوح، لن أنسى لك كل هذا أبدا، رحمك لله لالة نعيمة كنت دائما أناديك هكذا وسأبقى رحمك لله وغفر لك وأسكنك فسيح جنانه، ولاحول ولاقوة
إلا بالله العلي العظيم، إنا لله وإنا إليه راجعون».
بدوره نعى  الفنان نبيل الخالدي،رحيل سيدة الطرب المغربي .
وبكلمات مؤثرة،  كتبت الفنانة سامية أحمد:
«غاب علينا الهلال، لله يرحمك يا أيقونة، إنا لله وإنا إليه راجعون.»
أما لطيفة رأفت، فقد عبرت عن حزنها العميق قائلة:
«لله أكبر.. إنا لله وإنا إليه راجعون.. وداعا أيتها الأيقونة، وداعا أيتها الأسطورة.. لا نقول إلا ما يرضي ربنا، عزاؤنا واحد في رحيل سيدة الطرب المغربي العزيزة، لي عمرها تنسى، لالة نعيمة سميح. رحمة الله عليك في هذه الأيام المباركة.»
وكانت المطربة حياة الإدريسي صديقة الراحلة نعيمة سميح، أول من أعلنت عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك عن هذا الرزء وكتبت قائلة:»أختي نعيمة سميح في ذمة لله، بعد صراع طويل ومرير مع المرض.»
بدوره، عبّر الفنان سعيد الخريبكي عن أسفه العميق، قائلاً:»ببالغ الحزن والأسى، تلقيت نبأ وفاة الفنانة الكبيرة نعيمة سميح. أتقدم إليكم بخالص التعازي، سائلا لله أن يتغمد الفقيدة بواسع رحمته، ويسكنها فسيح جناته.»
أما الفنانة فاطمة الزهراء القرطبي، فكتبت:
«لله أكبر، سيدة الطرب المغربي الفنانة نعيمة سميح في ذمة لله، اللهم اغفر لها وارحمها، اللهم اجعل قبرها روضة من رياض الجنة، وامنحها من بركات هذا الشهر المبارك.»
من جهتها، وصفت فدوى المالكي الراحلة بأنها كانت أسطورة في تاريخ الأغنية المغربية والعربية، قائلة:
«المطربة الكبيرة الطيبة المتواضعة الشامخة نعيمة سميح، صاحبة الصوت القوي الحساس، المغربي حتى النخاع، العبقري المتفرد، غادرتنا اليوم إلى دار البقاء. سيظل اسمها خالدا في ذاكرة الفن المغربي والعربي الأصيل.»
كما نعتها الفنانة كريمة الصقلي بكلمات مؤثرة:
«رحم لله أيقونة الغناء والطرب المغربي، الغالية ومحبوبة الجماهير، التي أضاءت سماء الفن بصوتها الفريد وأدائها الرائع. فقدانها هو فقدان لجزء من تاريخنا الفني العريق.»
بدورها نعت الفنانة أسماء المنور، الفقيدة وكتبت عبر حسابها:»غاب الهلال. لم أعهد نفسي قط أناديها من غير اللقب قبل اسمها، لالة نعيمة، لتقديري لها ولفنها ومحبتها التي غمرتني طول حياتي. رحمك لله، يا حبيبة القلوب وأيقونة الفن العربي، أهم صوت مغربي، وأحن أم حكى عنها كل فناني المغرب.»
ومن جانبه، عبر الممثل رشيد الوالي عن صدمته قائلاً:
«علمت اللحظة من طرف الفنان يونس ميكري بوفاة المطربة نعيمة سميح. عزائي لعائلتها الصغيرة، ولكل المغاربة، خاصة الجيل الذي عاش وهو يستمع لأغانيها الرائعة، صاحبة (ياك أجرحي) وعشرات الأغاني التي ستبقى خالدة.»
رحلت  أيقونة الطرب المغربي، لكن صوتها سيظل يرافق المغاربة كظل للمشاعر الجمعية.
رحيلها ليس نهاية، بل تحول إلى رمز يذكر الأجيال بأن الفن الحقيقي لا يموت.. إنه ينتقل من حنجرة المطرب إلى صدى التاريخ.


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 10/03/2025