جورج آرثر فوريست : إفريقيا يمكن أن تُطعم العالم

زار المزارع الإفريقي جورج آرثر فوريست باريس للدفاع عن أطروحته التي عرضها في كتاب بعنوان «أفريقيا يمكن أن تُطعم العالم». وبالنسبة للرئيس السنغالي السابق، ماكي سال، الذي كتب تقديم هذا العمل، فإن هذا الكتاب يُعد «صرخة أمل لانتشال إفريقيا من مأزق التبعية الغذائية القديمة والمُكلفة».
وقد تزامن صدور هذا الكتاب وتقديمه في باريس مع قمة «التغذية من أجل النمو» (Nutrition for Growth – N4G) التي نظمتها وزارة أوروبا والشؤون الخارجية لفرنسا في 27 و28 مارس 2025. وخلال هذه القمة، تعهد المجتمع الدولي باتخاذ التزامات طموحة لمواجهة تحدي سوء التغذية بجميع أشكاله. وقد تم الإعلان عما يقرب من 28 مليار دولار لدعم التغذية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مما يعكس تعبئة استثنائية وتجديد الالتزام بالتعددية. وهي قمة مثل فيها المغرب وزير الفلاحة.
ومع ذلك، وفي ظل الاضطرابات الجيوسياسية المتزايدة في العالم، خاصة تلك التي فرضتها إدارة ترامب، يبقى السؤال مطروحا حول مصير إفريقيا وأمنها الغذائي؟

n كنت أودّ أن أتحدث عن تجربتكم في إفريقيا، وعن بلدكم الكونغو الديموقراطي وعن كتابكم «أفريقيا يمكن أن تُطعم العالم». وهنا، كيف أقولها؟ نحن أمام مفارقة كبيرة. لقد لاحظتم أن إفريقيا قارة غنية جدًا، ومع ذلك، فإن الواقع مخيّب للآمال: الفقر يطال كل أرجاء القارة. كيف تفسرون هذه الحالة؟

pp هذا صحيح، يُقال دائمًا إن إفريقيا غنية لكنها فقيرة. لقد أُريد لها أن تكون كذلك، وأحيانًا أُريد لها أن تبقى فقيرة. الآن، عليها أن تعتمد على نفسها، وعلى القادة أن يستفيقوا ويقولوا: «علينا أن نتحرك ونشجع المستثمرين على القدوم والتطور وتنمية البلاد، وخاصة في مجال الصناعات الزراعية التي تُطعم العالم.» لا يجب أن نقتصر فقط على تشجيع قطاع المناجم، فالجميع يلهث وراء المناجم، لكننا ننسى أن الصناعات الزراعية هي الأهم في العالم. الأساس في كل شيء هو إطعام الناس؛ من دون ذلك، لا يمكننا أن نحيا.

n في رأيكم، ما الذي ينقص الأفارقة؟ هناك أراضٍ خصبة وواسعة، وهناك يد عاملة شابة. فما الذي ينقص الأفارقة؟

pp كما قلت، تم إدخال أطعمة معينة لتلبية حاجات بعض الصناعات الأوروبية. على سبيل المثال، في السنغال، تم إدخال القمح والأرز. وتم فعل الشيء نفسه في دول إفريقية أخرى. فقدنا كل ما هو جيد ومحلي، هذه المنتجات اختفت. يجب أن نعود إلى هذه الأغذية الأساسية. أعتقد أن هذا هو الأهم. على سبيل المثال، نحن نزرع الذرة في الكونغو، ونزرع القمح لصناعة البسكويت.

n فلماذا لا نطرح هذه المنتجات في السوق المحلي؟

pp لدينا مساحات شاسعة. يمكننا زراعة الأرز. لكن علينا أن نزرع الأرز لأن الناس بحاجة إليه، ليس فقط للآخرين، بل للغالبية. أرى أن على الشعوب أن تعود إلى غذائها الأساسي، فهو جيد جدًا.

n في رأيكم، المشكلة هي في تبعية الزراعة الإفريقية لحاجات الآخرين. لنأخذ مثال أوروبا، والمغرب على وجه التحديد. هو بلد يستورد الحبوب التي يحتاجها، لكنه يصدر كميات كبيرة من الطماطم، والأفوكادو، والبطيخ، وغيرها من المنتجات الزراعية التي تلبي حاجات السوق الأوروبي. هذا يعني أن الزراعة لا تستجيب لحاجات السكان المحليين بالأساس؟

pp هي تلبي حاجات فئة معينة، لكنها لا تلبي حاجات أغلبية السكان. إذا أراد المغرب أن يُطعم سكانه، فعليه أن يطور زراعة تستجيب لاحتياجاته. المغرب بلد زراعي كبير؛ يمكنه أن يفعل ذلك، لأنه بلد يملك الوسائل وينجز العديد من المشاريع في إفريقيا. لديه القدرة على تطوير منتجات للتصدير وأيضًا إنتاج ما يلزم من حاجيات سكانه.

n في كتابكم «أفريقيا يمكن أن تُطعم العالم»، أنتم متفائلون رغم كل الصعوبات؟ لقد قلتم إن المستقبل سيكون في آسيا وإفريقيا، لأنهما منطقتان تمتلكان أراض خصبة وسكانًا شبابًا. وهذا يُعتبر إمكانيات هائلة للمستقبل لا تتوفر عليها أوربا التي تعاني من الشيخوخة؟

pp نعم، لديهما أراضٍ خصبة وسكان شباب، وأيدٍ عاملة شابة ومؤهلة للزراعة. كل شيء موجود في إفريقيا. في أوروبا، لم يعد أحد يريد العمل. إذن، ما الذي تبقّى لأوروبا؟ إنها الشراكة مع إفريقيا. كل شيء موجود في إفريقيا. كانت الشريك المفضل، وهي من يمكنها إنقاذهم.

n لكن أوروبا لم تدرك ذلك بعد؟

pp الأوروبيون لم يفهموا أشياء كثيرة. وإذا أخذنا بعين الاعتبار الوضع الجيوسياسي الحالي، نحن في عالم معقد.

n هل تعرفون تجربة دولة إفريقية مثل المغرب في المجال الفلاحي؟ كانت هناك برامج للحكومة من اجل تطوير الفلاحة كـ «المخطط الأخضر»، وبعده في 2020 جاء برنامج «الجيل الأخضر»، أي أن المغاربة جربوا عدة برامج للخروج من أزمتهم في مجال الفلاحة ويحاولون خلق زراعة تستجيب لاحتياجاتهم. ما رأيكم في هذه التجربة من بلد إفريقي؟

pp كما تعلمون، يمكنهم تنفيذ برنامجهم وتحقيق أهدافه، لكن من خلال استخلاص العِبر من إخفاقاتهم يتم إيجاد الحلول. وهم سيصلون في النهاية إلى حلول. لقد وجدوا بعضها بالفعل. ونحن أيضًا مررنا بإخفاقات، لكنها كانت دروسًا بالنسبة لنا في الكونغو.

n كيف ترون مستقبل بلدكم، جمهورية الكونغو الديمقراطية، رغم كل الصعوبات والحرب اليوم؟

pp إنه بلد يملك إمكانيات هائلة. إنه بلد كبير. وأنا أثق بهم. لديهم مستقبل ويجب العمل من أجل تحقيقه.


الكاتب : التقاه بباريس يوسف لهلالي

  

بتاريخ : 11/04/2025