جيلان: من الأصالة إلى العالمية

 

لا تزال أغنية «ها وليدي» للفنانة المغربية خولة مجاهد، المعروفة فنياً بـ»جيلان»، تثير اهتمام الجمهور وتحقق انتشاراً واسعاً منذ طرح الكليب الرسمي للأغنية على قناتها على يوتيوب، وذلك يوم الجمعة 13 يوليو الماضي
تُعد أغنية «ها وليدي» واحدة من أبرز أعمال خولة مجاهد، وقد حققت انتشاراً واسعاً عبر مختلف منصات البث الرقمي. تحكي الأغنية قصة إنسانية عميقة تُعبّر عن الأمومة والحنان، بأسلوب شعري موسيقي راقٍ، ما جعلها تتردد في أذهان الجمهور وتخلق تواصلاً عاطفياً مع المستمعين
حظيت «ها وليدي» بردود فعل إيجابية واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث أعاد العديد من الفنانين والمشجعين من جنسيات متعددة، من دول شمال إفريقيا وأوروبا، غناءها أو نشرها أو إعادة أدائها، مما ساهم في وصولها إلى جمهور متنوع وواسع جغرافياً
تتسم «ها وليدي» بتنوع موسيقي فريد، حيث تجمع بين الموسيقى الشعبية المغربية (كالعيطة والراي) والأصوات الإلكترونية المستحدثة، مع إيقاعات الهيب هوب، لتشكّل بذلك لوحة صوتية مفعمة بالحياة والروح. ويعكس التوزيع الموسيقي والعناصر الكوريغرافية المصاحبة للأغنية حرص خولة مجاهد على تقديم عمل فني متكامل
تشمل الدول التي أبدت اهتماماً ملحوظاً بالأغنية كلاً من المغرب، الجزائر، تونس، فرنسا، إسبانيا، وبعض دول الخليج، مما يعكس تلاقحاً ثقافياً بين الجماهير
تُعد الأغنية تحية غنائية للوطن والتراث المغربي، حيث يضفي الفيديو كليب لمسات من مشاهد كرة القدم، والروح الوطنية، والرقص الشعبي، ومراسم الشاي، وفن التبوريدة، واللباس التقليدي (القفطان). وقد برزت فيها جيلان كرمز للمرأة المغربية القوية والمتمسكة بثقافتها. وفي هذا الإطار، صرّحت في إحدى خرجاتها الإعلامية أن «ها وليدي» ليست مجرد أغنية من أجل الشهرة، بل عمل فني يحمل رسالة فخر بالانتماء والوطن، ويعكس عمق الهوية المغربية وروحها الشابة والمتحضّرة. وقد وصفها بعض النقاد بأنها قد تُصبح «النشيد غير الرسمي» لكأس الأمم الإفريقية 2025 التي ستُقام في المغرب
وبالرغم من أن أغنية «ها وليدي» قد حققت شهرة كبيرة لجيلان، إلا أنها ليست العمل الوحيد الذي لاقى استحسان الجمهور. فقد أصدرت الفنانة مجموعة من الأغاني التي تناولت موضوعات اجتماعية وثقافية متنوعة، مما جعلها من الأصوات المميزة في المشهد الموسيقي المغربي المعاصر. ومن بين أعمالها: «ماما» سنة 2017، «الويكيند» سنة 2016، «Je t’aime» (2018)، «ألو ألو» سنة 2019، و»إيترانجي» سنة 2020
كما كشفت عن تعاونات مميزة، من بينها أغنية «تي أمو» سنة 2021، وهي إعادة لأغنية فرقة «كاليما» بالدارجة والإنجليزية، والتي حصدت مشاهدات بالملايين، وأغنية «وي وي» مع زوجها عبد الإله عراف، المعروف بـ»بيتهوفن»، والتي حققت أكثر من 2.5 مليون مشاهدة. ثم جاءت أغنية «شي أوقات»، التي تناولت مواضيع الاكتئاب والمراحل الصعبة في الحياة، عبر كلمات عميقة ولحن مؤثر
تجدر الإشارة إلى أن خولة مجاهد وُلدت في 9 يناير 1994 بمدينة الرباط، وسط أسرة موسيقية؛ فقد كان والدها، سعيد المحجيد، عازف كمان، وعرّفها على الغناء منذ نعومة أظفارها. بدأت مسيرتها الفعلية من خلال نشر فيديوهات غنائية على مواقع التواصل الاجتماعي، ما لفت الأنظار إلى صوتها الفريد وأسلوبها المتأثر بمزيج من الجاز، والإر إن بي، والموروث المغربي. كما شاركت جيلان في برنامج اكتشاف المواهب «ذا فويس» بنسخته العربية، حيث أثبتت حضورها وأبدعت بأدائها المتميز، مما مكّنها من بناء قاعدة جماهيرية قوية. لاحقاً، اعتمدت اسم «جيلان» للتعريف بنفسها دولياً، وهو ترجمة لاسمها الحقيقي، ويعني «الغزالة»، ليكون اسماً يسهل نطقه ويُتداول بسهولة بين الجمهور الإفريقي والعالمي
تُعرف جيلان بمزجها الفريد بين الموسيقى التقليدية والحديثة، وقد برزت في الساحة الفنية بفضل صوتها المميز وقدرتها على دمج الموسيقى المغربية الأصيلة مع الأساليب المعاصرة، مما يجعلها جسراً بين الأجيال والثقافات. منذ بداياتها الفنية، استطاعت أن تثبت حضورها القوي من خلال أغاني تحمل رسائل إنسانية واجتماعية عميقة، وتعكس الهوية المغربية برؤية حديثة. كما تعتمد على الجانب الحركي في عروضها، حيث تدمج بين الغناء والكوريغرافيا، مضيفة بذلك بُعداً جمالياً متكاملاً لأعمالها.
خولة مجاهد، أو «جيلان»، ترتبط فنياً وحياتياً بمحمد عبد الإله عرفات، المعروف بـ»بيتهوفن»، وهو منتج موسيقي يشكل دعامة أساسية في مسيرتها.
جيلان تُجسد نموذجاً جديداً للفنان المغربي الذي يُتقن المزج بين الأصالة والمعاصرة، وقد انطلقت من برامج المواهب المحلية، لتنمو عالمياً عبر تبني هوية موسيقية جامعة للغات والأساليب، وصولاً إلى «ها وليدي»، التي رسّخت مكانتها كصوت وطني جريء ومعبر


الكاتب : سهام القرشاوي

  

بتاريخ : 29/08/2025