الأشبال يكتبون التاريخ بالشيلي بعد ملحمة بطولية أمام فرنسا ويضربون موعدا قويا مع الأرجنتين في النهائي
كتب المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة فصلا جديدا في كتاب المجد الكروي المغربي، بعدما حجز بطاقة التأهل إلى نهائي كأس العالم للشباب المقامة في الشيلي، لأول مرة في تاريخه، متجاوزا إنجاز جيل 2005 الذي بلغ المربع الذهبي، وأنهى دورة هولندا في الرتبة الرابعة.
وتحقق إنجاز الأشبال أول أمس الأربعاء على حساب المنتخب الفرنسي بضربات الترجيح (5 – 4) عقب تعادل مثير (1 – 1) في الوقتين الأصلي والإضافي، على أرضية ملعب إلياس فيغيروا براندير بمدينة فالباراييسو الشيلية.
ولم يكن هذا العبور التاريخي وليد الصدفة، بل ثمرة عمل فني منضبط، شخصية جماعية ناضجة، وشجاعة تكتيكية نادرة، تحت قيادة المدرب محمد وهبي، الذي فرض نفسه كواحد من أبرز مدربي هذه الدورة، بفعل تعدد قراءاته التقنية وغنى أفكاره التكتيكية.
ومنذ الدقائق الأولى، بدا واضحا أن العناصر المغربية دخلت المباراة بعقلية هجومية وجرأة كبيرة، رافضة الانكماش أمام بطل أوروبا، حيث اعتمد وهبي على محور مزدوج متوازن بين حسام الصادق وياسين خليفي، مع تحركات ذكية للجناحين عثمان معمة وياسين جاسم خلف رأس الحربة ياسر الزابيري.
هذا الضغط العالي للمغاربة في الربع ساعة الأولى أربك الدفاع الفرنسي، الذي وجد صعوبة في الخروج بالكرة من مناطقه، ما أجبره على ارتكاب أخطاء في التمرير والبناء.
وفي الدقيقة 29، جاءت اللحظة الفاصلة حين استعان الحكم بتقنية الفيديو لتأكيد عرقلة تعرض لها باعوف داخل المنطقة، ترجمها ياسر الزابيري إلى هدف في الدقيقة 32، بعد تسديد ضربة جزاء ارتدت من القائم ثم اصطدمت بالحارس ودخلت الشباك.
وبعد الهدف، تحولت السيطرة تدريجيا إلى الجانب الفرنسي، الذي سعى إلى استغلال سرعة الأجنحة وتبادل المراكز بين لوكاس ميشال وأنطوان لافونتين لإحداث الفوضى في الدفاع المغربي، لكن التنظيم الدفاعي المحكم للمنتخب الوطني، بقيادة الحارس المتألق يانيس بنشاوش، حافظ على تقدمه حتى نهاية الشوط الأول.
وفي الجولة الثانية، بدا أن وهبي فضل نهج الواقعية، فخفض خط الضغط الأول إلى وسط الميدان، لكنه واجه موجة اندفاع فرنسية متصاعدة أثمرت هدف التعادل في الدقيقة 59 عبر لوكاس ميشال، الذي استغل سوء تمركز دفاعي.
وشكلت إصابة الحارس بنشاوش في الدقيقة 63 تحولا نفسيا وتكتيكيا في المباراة، اضطر معهما المدرب وهبي لإقحام الحارس البديل إبراهيم غوميز، ماحتم على الدفاع المغربي مضاعفة التركيز أمام محاولات فرنسية مكثفة وقوية.
تدخلات وهبي في ما تبقى من أطوار المباراة أظهرت قراءة ذكية للمباراة، حيث أشراك سعد الحداد بدلا من حسام الصادق، فعاد التوازن البدني إلى الوسط. ورغم الإرهاق الواضح، واصل المنتخب المغربي ضغطه في الأشواط الإضافية، معتمدا على الكثافة في وسط الميدان والتمريرات القصيرة في المساحات الضيقة، ما اضطر اللاعبين الفرنسيين إلى الخشونة في بعض الأحيان، كلفتهم بطاقة الحمراء في وجه رابي نزينغولا في الدقيقة 107 بعد حصوله على إنذارين.
وأظهرت اللحظات الأخيرة من اللقاء نضجا تكتيكيا نادرا لدى اللاعبين المغاربة، الذين فضلوا الاحتفاظ بالكرة وكسب الوقت بدل المجازفة بالهجوم العشوائي، ليجروا اللقاء بذكاء نحو ضربات الترجيح. وكان القرار المفاجئ لوهبي بإقحام الحارس الثالث عبد الحكيم المصباحي قبل ضربات الترجيح نقطة تحول حاسمة، حيث أكد في تصريحات له بعد المباراة، أن الأمر كانت مدروسا مسبقا بناء على تحليلات الفيديو لتسديدات اللاعبين الفرنسيين في الأدوار السابقة، وقد أثمرت بالفعل حين تصدى المصباحي للتسديدة السادسة الحاسمة، مانحا المغرب تأهلا تاريخيا.
وسيضرب المنتخب الوطني موعدا قويا في لقاء النهائي مع نظيره الأرجنتيني، الفائز على نظيره الكولومبي بهدف دون رد.
وستجرى المباراة النهائية ليلة الأحد – الاثنين، بالملعب الوطني بالعاصمة سانتياغو (00 بتوقيت المغرب)، على أن تجرى مباراة الترتيب يوم غد السبت بين منتخبي فرنسا وكولومبيا.