مثل شعبي يعكس تناقض الغايات مع المواقف، فلا حديث اليوم يدور في أوساط المؤسسات التعليمية الرائدة بمديرية الرباط إلا عن المقلب الذي سقط فيه مديرو تلك المؤسسات، بعد أن اكتشفوا أنهم وقعوا في شراك تلاعب الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة الرباط-سلا-القنيطرة وإحدى شركات الأمن الخاص.
هذه الأخيرة، وبالتنسيق مع مصالح المديرية، أخبرت رؤساء المؤسسات التعليمية بضرورة الإسراع بتعيين شخص يُسند إليه مهام الحراسة داخل المؤسسات. وبالفعل، تمت العملية بسلاسة، ووقع المساكين عقود العمل وصادقوا عليها لدى السلطات، وهيّأوا وثائقهم ليباشروا عملهم على الفور، لاسيما وأن لجان افتحاص مستقلة تابعة للمرصد الوطني للتنمية البشرية تقوم بزيارات مكوكية ومكثفة للوقوف على جاهزية المؤسسات ومدى تطبيق برامج مشروع «مدارس الريادة»، الذي شهد في مرحلته الأولى إعفاءات بالجملة لمديري المديريات التعليمية جراء انخفاض مؤشرات النجاعة.
وبما أن الحراسة تُعد ركنًا أساسيًا ومؤثرًا في رفع هذه المؤشرات، لجأت الأكاديمية السالفة الذكر، بتواطؤ – على ما يبدو – مع إحدى شركات الأمن الخاصة، إلى تثبيت الحراس في بوابات المؤسسات كـ»ديكور» ريثما تمر زوبعة لجان الافتحاص. وهذا ما وقع فعلاً، عندما أخبر ممثل الشركة المديرين بقرار إيقاف تشغيل الحراس، مع وعد بإعادتهم إلى العمل مع مطلع السنة الدراسية القادمة، أي في شهر شتنبر، نظراً لـ»إكراهات مالية» لدى الأكاديمية، وهي حجة مردودة ولا تستقيم مع أي منطق، لأن هذه العملية من الناحية القانونية تعد صفقة تخضع لدفتر التحملات، يُحدد فيها الحقوق والواجبات بين الأطراف الموقعة عليها ضمن آجال زمنية محددة.
وبالتالي، فكلام ممثل الشركة لا يعدو أن يكون ضحكًا على ذقون المديرين، الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة مع حراس الأمن أولاً، من حيث إخبارهم بالإعفاء المفاجئ والمتسرع، وثانيًا بخصوص أداء أجور أيام الخدمة.
وإلى غاية كتابة هذه السطور، الكل ينتظر ما ستسفر عنه الأيام القادمة، وإن كان الجميع على يقين أن هناك «إنًّ» في القضية.