حتى لا تتحول الجوائز إلى سلطة

هل تحولت الجوائز الأدبية إلى سلطة قائمة الذات لإنتاج الأسماء الأدبية، وأضحت بالتالي المؤسسات المشرفة عليها تمثل مرجعا معياريا لتقييم الإبداع والمبدعين؟
كيف يمكن مقاربة العلاقة الرمزية بين قيمة ما يكتب والجوائز المتوجة؟
هل يتعلق الأمر بتراتبية أدبية تضع الفائزين بالجوائز في مصاف النجوم، ودونهم في خانة المفتقرين للإبداعية ولشروط الجمالية في مكتوبهم؟ وهو ما يجعل معايير الاختيار، والحالة هذه، معايير أداتية وذاتية في غياب الوضوح حول مسألة المعايير تلك.
كيف يمكن الحكم على عمل إبداعي توج قبل أن ينزوي مؤلفه إلى الهامش، منتشيا بالتتويج اللحظي، أو يتوجه الى الكتابة لكن بأعمال أقل جودة أدبية أو قيمة جمالية؟ وهنا ينتفي هدف التحفيز الذي نتفق جميعا على كونه المبتغى والمنشود من إنشاء ومنح هذه الجوائز حتى لا تندرج في خانة «التكريم».
إلى أي حد تساهم الجائزة في انتشار الأعمال الفائزة إذا أخذنا بعين الاعتبار المواكبة النقدية والإعلامية اللحظية والضعيفة لهذه الأعمال، وهو ما يجعلنا أمام «ظاهرة ثقافية» ليس إلا وليس ممارسة ثقافية واعية بشروطها ورهاناتها وأهدافها، ممارسة تنتصر للحس الإبداعي والشرط الجمالي والرغبة في إشعاع المعرفة والتشجيع على القراءة. هذه القراءة التي تشهد انحسارا في عالمنا العربي سنة بعد أخرى ، فنصبح بالتالي أمام تناقض صارخ:
جوائز تتزايد وتتعدد يافطاتها كل سنة، وقراء في تراجع كل يوم.
يطرح موضوع الجوائز الأدبية، أيضا، مسألة غاية في الأهمية وتتعلق بالإجابة عن سؤال: ما الغاية من الإبداع؟ وهل يمكن للمبدع الحقيقي أن يكتب تحت الطلب وتحت ضغط عامل الزمن؟
لقد ولد التهافت على الترشيح للجوائز، باختلاف أسمائها من المحيط إلى الخليج ، وباختلاف المؤسسات الراعية والمانحة لها، نوعا من الأدب الاستعجالي، حتى لا نقول الاستسهالي، صاحبه ما يمكن تسميته ب»حمى الجوائز» التي أصابت بعض الكتاب فأصبحت كتاباتهم، تحت تأثير هذه الحمى، مجرد هلوسات يجتر فيها الكاتب ويعيد ويكرر دون انتباه ودون قيمة أدبية وجمالية تذكر، مما يهدد عملية الإبداع ويقتل المبدع في نفس الآن، خاصة إذا اطلعنا على سجل الأسماء التي تتردد في نفس الجوائز والتي تقدم أعمالها كل سنة.
نقطة أخرى لا تقل أهمية عما سبق، تثار عند الحديث عن موضوع الجوائز الأدبية تتعلق بلجان التحكيم: تكوينها، اختيار الأعضاء، معايير انتقاء الأعمال، اختلاف الاختيارات الجمالية والنقدية للأعضاء، تكرار نفس البلدان الفائزة، وهو ما جر على لجان التحكيم هاته العديد من الانتقادات ما يطرح السؤال عريضا: هل الأعمال الفائزة هي دائما الأفضل؟ وغالبا ما خيبت بعض الأعمال أفق انتظار القراء عند الاطلاع عليها.
لأهمية هذا الموضوع، وإسهاما في تسليط الضوء على بعض الهنات والايجابيات التي تعتري هذا الموضوع، نفتح هذا الملف لاستطلاع آراء نقاد في الشعر والرواية، وكذا بعض من خاضوا تجربة التتويج بالجوائز لنجيب عن سؤال رئيسي: هل تصنع الجوائز أدبيا حقيقيا.


الكاتب : حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 15/05/2020