حديث في الرياضة الآسفية: التسيير الهاوي وعقلية المردود الانتخابي ..

 

رغم الدينامية التي عرفتها آسفي منذ سنوات على مستوى المشهد الرياضي، والتي توجت بصعود فريق الأولمبيك إلى قسم الصفوة، أو ما يطلق عليها البطولة الاحترافية، فإن المتأمل في أوضاع الرياضة المحلية في تخصصاتها المختلفة يلاحظ مقدار الهشاشة والتهميش والضعف، الذي يعتري باقي الرياضات الفردية منها والجماعية.
في السنوات الماضية على سبيل الذكر،كانت ألعاب القوى ولادة، وكانت المسابقات الوطنية دائما تفرز مشاريع أبطال وشباب يصلون بكل السهولة لتمثيل منتخب المغرب على أعلى مستوى. برز عداؤون كبار جاوروا العالمية (بولاميات، رمزي، الكومري،فليل …) بإمكانيات محلية محضة وبمدربين انتموا لنادي الأولمبيك، فاستطاعوا في لحظة تحد حقيقية تقديم أبطال نافسوا على أعلى مستوى.
اليوم، لا وجود لعمل قاعدي ولأبناء جيل يستطيع أخذ المشعل. ألعاب القوى المحلية باتت في خبر كان، إلا من مجهودات محتشمة تسجل الحضور فقط قبل الانقراض القادم والتام.
الكرة المستطيلة أو الريكبي، التي امتلكت طوال عقود وجوها ولاعبين كبار استطاعوا تسجيل اسم الأولمبيك بين قائمة الفرق الوطنية التي تنافس دائما على الألقاب، في البطولة الوطنية وكأس العرش، دخلت طي النسيان، رغم توفر الإمكانيات والظروف المناسبة للممارسة وتطور ملحوظ للبنية التحتية حاليا،مقارنة بملاعب التراب و»تمارا لكحلة» سابقا
الملاكمة نضيفها هي الأخرى على قائمة المهمشين والرياضات السائرة إلى الزوال، وداخل المكتب المديري هنالك اهتمام مركزي منصب فقط على كرة القدم والباقي شكليات.. هذا يبرز حضور التدبير الهاوي وغياب الاستراتيجي كما قال واحد من قدامى اللاعبين والمسيرين داخل الفريق للجريدة، في إحدى الدردشات المرتبطة بواقع حال الرياضة الآسفية. كل الرياضات التي يحتضنها الأولمبيك ويدعمها «لوصيبي» بمنحة سنوية يقتطع فيها الجزء الأكبر لكرة القدم، تعيش وضعا من التراجع لم تعرفه حتى في زمن «الصينية» والدعم الرفاقي،يواصل نفس المتحدث.
إذن اليوم هنالك في آسفي ملاعب للقرب وملاعب للتدريب وحلبات للقوى وقاعات للرياضات الأخرى ومسبح وغابات للتدريب وشفط الأوكسجين النقي، لكن التراجعات بينة… أين يكمن الخلل؟ هل في التسيير والوجوه التي اقتحمت عالم التدبير المكتفية بإبقاء الرياضات فقط على قيد الحياة؟ أم أن الخلل هيكلي مرتبط بغياب تصور على المدى الطويل وخطة عمل تحافظ على الحياة الرياضية في آسفي، التي عرف تاريخها الطويل منذ عقود كثيرة؟ رياضات ولا في الأحلام،من نوادي لسباق السيارات والدراجات النارية والفروسية وكرة الطاولة، حتى أن المرء لن يصدق لائحة الرياضات التي لعبها الآسفيون وحظوا بممارستها ..
اليوم توزع المنح يمنة ويسرة. كرة القدم تلتهم الجزء الأكبر من الأموال المرصودة على مستوى الخواص من شركات أو مؤسسات،فيما منح البلدية والمجلس الإقليمي والجهة تتحكم فيها بشكل واضح الخلفية السياسية، بمردودها الانتخابي. بمعنى أنني أزرع التمويل لسنوات داخل الولاية الانتدابية وأنتظر نتيجتها في صندوق الاقتراع. وهذا حال جل المنتخبين مع الفرق والجمعيات الرياضية. فالدعم لا يعطى في الغالبية لمستحقيه وللناس الذين يصنعون الأبطال ويهيئون الخلف في مختلف الرياضات، فيما البقية الباقية من عشاق الرياضة يشتغلون بإمكانات معدومة ولهم الخلاء والطبيعة والله في نهاية المطاف.
إذا شئنا الحديث عن دور الشباب وعلاقتها بالتنمية الرياضية داخل المدينة والاقليم، سنجد بنايات تستقبل جمعيات تنشط فيها، تدبر أسباب البقاء وباحثة عن منح كيفما اتفق وممن جاد ويجود من المال العام مع استثناءات قليلة سواء في دور الشباب، التي تستقر في عدد أربع أو خمس، أو في الجمعيات التي تتجاوز الأربعة آلاف جمعية في لوائح محصاة لدى الرسميين. وبالطبع الأنشطة الثقافية تغلب على ما سواها من رياضات في هذه الفضاءات التي ذكرناها باختصار شديد.
الصورة واضحةفي غياب استراتيجية رياضية داخل المدينة، لأن الرياضة عند سلطة التعيين ترفيه وتفريغ للشحنة السلبية وتأطير أمني يخشى أي انفلات، فيما المؤسسات المنتخبة تربط الرياضة بالدعم، وتربط الدعم بالعائد السياسي والانتخابي، لدرجة حتى ملاعب القرب يؤدى عنها للفرق والمواطنين من جمعيات خلقت في جنح الالتباس و باتت مشرفة على الدخول والخروج واستخلاص غير قانوني للمال مقابل الاستغلال، كما قال مستشار جماعي وهو يناقش معنا هاته الإشكاليات المزمنة في الجسد الرياضي الآسفي.
فمتى يفهم القيمون على الشأن العام والرياضي منه على الخصوص أن الرياضة باتت اقتصادا قائم الذات. من عرف التعامل معه وتسويقه سيربح لأنه بذل مجهودا، وستربح معه الأجيال والفئات العمرية في المجتمع.


الكاتب : محمد دهنون

  

بتاريخ : 02/03/2023