صندوق النقد الدولي يدعو إلى التخفيف من تداعيات
ارتفاع الأسعار الدولية على الفقراء على وجه السرعة
حذر صندوق النقد الدولي من تداعيات التضخم وارتفاع أسعار الغذاء والمحروقات على دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وضمنها المغرب. وقال الصندوق إن ارتفاع أسعار السلع الأولية، الذي تفاقم بفعل الحرب في أوكرانيا، سيؤدي إلى آثار اقتصادية هائلة على المنطقة.
وأوضح الصندوق، في تحليل أنجزه ثلة من الخبراء، أنه تم تخفيض توقعات النمو في البلدان المستوردة للنفط، بسبب ارتفاع أسعار السلع الأولية الذي ساهم في تفاقم التحديات الناجمة عن زيادة مستويات التضخم والدين، وتشديد الأوضاع المالية العالمية.
ويعد ارتفاع التضخم أحد أكثر الآثار مباشرة لتزايد أسعار السلع الأولية. وتمثل أسعار الغذاء حوالي 60% من ارتفاع التضخم الكلي خلال العام الماضي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ما عدا بلدان مجلس التعاون الخليجي. لذلك يتوقع خبراء الصندوق أن تظل معدلات التضخم مرتفعة على مستوى المنطقة خلال عام 2022، حيث تصل إلى 13,9% – وهو ما يمثل زيادة هائلة مقارنة بالتوقعات السابقة الصادرة في شهر أكتوبر.
وعزا الخبراء ذلك إلى كون الكثير من اقتصادات المنطقة يعتمد بدرجة كبيرة على شحنات الأغذية الأجنبية (حوالي خمس مجموع الواردات)، كما يشكل الغذاء وزنا ترجيحيا كبيرا في سلة الاستهلاك (أكثر من الثلث في المتوسط)، ويزداد هذا الوزن في حالة البلدان منخفضة الدخل.
واعتبر خبراء الصندوق أن ارتفاع أسعار السلع الأولية سينشأ عنه تأثير سلبي هائل على الحسابات الخارجية للبلدان المستوردة للنفط. ونتوقع تراجع أرصدة الحساب الجاري لهذه البلدان بمقدار نقطة مئوية واحدة من إجمالي الناتج المحلي في المتوسط. وبالنسبة للبلدان منخفضة الدخل، سيمثل ارتفاع أسعار القمح فقط بخلاف العوامل الأخرى ضربة هائلة، حيث يؤدي إلى تراجع الحسابات الجارية بحوالي 1,2% من إجمالي الناتج المحلي في المتوسط.
ويتوقع الخبراء أن تستخدم بعض الدول المتضررة تدابير موجهة لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين، بينما لجأ البعض الآخر إلى زيادة الدعم وفرض الضوابط السعرية لكبح الآثار التضخمية الناجمة عن ارتفاع الأسعار الدولية – وإن كان ذلك سيؤدي إلى تدهور أرصدة المالية العامة ما لم تُتخذ تدابير موازنة.
ويمكن أن يزداد دعم الطاقة فقط بما يصل إلى 22 مليار دولار أمريكي في البلدان المستوردة للنفط خلال عام 2022. ويمثل ذلك أموالا كان من الممكن إنفاقها على زيادة الدعم الموجه أو غيرها من التدابير ذات الأولوية. وعلاوة على إعانات الدعم الحالية، اتخذ بعض البلدان مجموعة من التدابير للتخفيف من تداعيات ارتفاع الأسعار، بما في ذلك التحويلات المباشرة وتخفيض التعريفة الجمركية على الأغذية، مما سيؤدي بدوره إلى زيادة تكاليف المالية العامة.
وقال صندوق النقد إنه يتعين على البلدان مواجهة خطر انعدام الأمن الغذائي والتخفيف من تداعيات ارتفاع الأسعار الدولية على الفقراء على وجه السرعة. وتتمثل الوسيلة الأكثر فعالية على الإطلاق في ضمان حماية الأسر الضعيفة من خلال توفير تحويلات موجهة ومؤقتة في إطار من الشفافية. وحيثما كانت شبكات الأمان أقل قوة، يمكن زيادة الأسعار تدريجيا. وفي البلدان منخفضة الدخل، سيكون من الضروري مواصلة الدعم المالي المقدم من المجتمع الدولي.
ودعا خبراء الصندوق البلدان ذات المديونية المرتفعة، أن تقرن التدابير المذكورة بتدابير موازنة في مجالات أخرى – مثل تخفيض أوجه الإنفاق غير الضرورية، أو التشجيع على زيادة العدالة الضريبية، أو الجمع بينهما – لضمان بقاء الدين في حدود مستدامة في ظل محدودية الحيز المالي المتاح.