حسب المركز المغربي للظرفية.. التضخم أثر بشدة على المستوى المعيشي للمغاربة وتسبب في تدهور دخلهم وقدرتهم الشرائية

قال المركز المغربي للظرفية الاقتصادية إن الضغوط التضخمية كان لها تأثير كبير على مستوى المعيشة والدخل والقوة الشرائية للأسر المغربية.
واعتبر المركز في نشرته الشهرية برسم نونبر 2022، أن الوضع الاقتصادي سجل منذ بداية العام الحالي تزايدا غير نمطي لمستوى التضخم المصحوب بركود اقتصادي. وبينما أظهر معدل النمو انخفاضًا ملحوظا بأكثر من 3 نقاط مقارنة بـالإمكانات الاقتصادية طويلة الأجل، فإن الضغوط التضخمية استمرت في الارتفاع من جديد منذ بداية العام، مما دفع إلى زيادة متواصلة في الأسعار إلى مستويات قياسية لم يسبق تسجيلها منذ عدة سنوات.
وأوضح المركز أن تصاعد هذه الطفرة التضخمية القوية يجد تفسيره في جزء كبير في الارتفاع الملحوظ الذي شهدته أسعار المنتجات المستوردة، بفعل تصاعد التوترات الجيوسياسية والقيود المفروضة على كلا الجانبين من قبل الأطراف المتصارعة في الحرب في أوكرانيا.
وأضاف ذات المصدر أن تفاقم الضغوط التضخمية أثار اختلالات كبيرة في المنظومة الاقتصادية التي يمكن أن تؤثر على السلوك الإنتاجي وعلى توزيع القيمة المضافة وعلى القوة الشرائية، مؤكدا أنه من بين كل هذه الانعكاسات، لا يزال التأثير الاجتماعي هو الإشكال الرئيسي الذي يلقي بتداعياته بقوة على القدرة الشرائية للطبقات الاجتماعية الأكثر هشاشة.
وقد ارتفع معدل التضخم الذي يقاس بمؤشر ارتفاع أسعار المستهلك إلى 6.1٪ في الفترة التي تغطي الفصول الثلاثة الأولى من العام الجاري، مما يمثل أكثر من خمسة أضعاف متوسط معدل التضخم المسجل خلال ​​الفترة 2017-2021 على أساس سنوي. وبلغت الزيادة ذروتها عند 8.3٪ خلال الاثني عشر شهرا الماضية وهمت جميع السلع والخدمات عند الاستهلاك النهائي. هذا التوجه التصاعدي القوي للتضخم يرجع في جزء منه إلى عدم استقرار الأسواق التي عانت من تداعيات التوترات الجيوسياسية على المستوى الدولي، وتضاعف تأثيرها على المستوى الداخلي، من خلال انكماش حاد في العرض، وهو ما أثر بشكل خاص القطاع الفلاحي، لتنضاف هذه العوامل إلى الآثار التي خلفتها الجائحة الوبائية، علما أن الاقتصاد الوطني واجه خلال 2021-2022 أحد أشد المواسم الفلاحية جفافا منذ عدة سنوات والتي أرخت بظلالها على مختلف أنشطة القطاع الزراعي مع انخفاض إنتاج الحبوب بأكثر من 67٪ نتيجة شح كمية التساقطات وعدم انتظامها، وهو ما سيجعل القيمة المضافة الفلاحية في نهاية السنة المالية2022 تتراجع إلى مستوى لا يمكن تعويضه إلا بشكل ضئيل من خلال الأنشطة غير الزراعية.
ولكن بعيدا عما وراء خصوصيات السياق الداخلي، فإن الارتفاع التضخمي القوي يبدو ناجما عن تطور أسعار المنتجات والسلع التي تم استيرادها بعد تصاعد التوترات الجيوسياسية والقيود المفروضة من جانبي الأطراف المتصارعة في الحرب في أوكرانيا مع استمرار اضطرابات أسواق المواد الخام والطاقة، وارتفاع في متوسط ​​سعر النفط، وفقًا لآخر البيانات التي كشف عنها صندوق النقد الدولي، إلى 58٪ في نهاية السنة الجارية، في حين أن أسعار السلع الأساسية الأخرى خارج المحروقات، زادت بدورها بنسبة 11.4٪ في المتوسط على مدار العام. وينعكس هذا الاتجاه التصاعدي بشكل مباشر، على السوق الداخلي، من خلال تأثيره على أسعار الواردات المرتبطة بمنتجات الطاقة، والمنتجات الخام والمنتجات نصف المصنعة.
وأكد المركز المغربي للظرفية الاقتصادية أن عودة الضغوط التضخمية تسببت في اختلالات ملحوظة ومتباينة في الاقتصاد الوطني، معتبرا أن من بين كل هذه التداعيات، يبقى الانعكاس الاجتماعي هو الأكثر إثارة للقلق لدرجة أن قوة هذه الزيادات المتواترة في الأسعار يتم استشعارها بشدة أكبر على مستوى الفئات الاجتماعية الأكثر ضعفًا وهشاشة، وهو ما يزيد من اتساع فجوة عدم المساواة. وأشار المركز إلى أن نفقات الاستهلاك، تأثرت كثيرا بالارتفاع القوي للأسعار بشكل خاص في مكونها الغذائي مما كان له تأثير أكبر على الأسر ذات الدخل المنخفض بالمقارنة مع الأسر ذات الدخل المتوسط ​​أو المرتفع. ووفقا لبيانات الأشهر السبعة الأولى من العام، فقد ارتفعت نسبة أسعار المواد الغذائية بمعدل 10.4٪ بالنسبة للأسر ذات الدخل المحدود مقارنة بـ 7.7٪ بالكاد بالنسبة للأسر الميسورة. على العكس من ذلك، فإن الزيادة في تكاليف وخدمات النقل كانت نسبيًا أقل تأثيرا على استهلاك الفئات الهشة مقارنة مع الأسر المتوسطة الدخل و الميسورة، حيث إن الزيادة التي شهدتها أسعار هذه المنتجات والخدمات (النقل الغازوال) كانت في حدود 6.1٪ بالنسبة للأسر ذات الدخل المنخفض والمتواضع مقابل 14.1٪ بالنسبة للأسر ذات الدخل المتوسط والمرتفع.


الكاتب : عماد عادل

  

بتاريخ : 26/11/2022