حسن بحراوي ينتظر «عودة المرحوم»

بعد روايتيه «بنات ونعناع» و»النمر الفيتنامي» يعود الكاتب والناقد حسن بحراوي الى عوالم الرواية بعمل جديد موسوم بـ «عودة المرحوم» والصادر عن دار أبي رقراق.

وفي كلمة تقديمية للرواية نقرأ أن العمل هو « محاولة روائية ثالثة للروائي والناقد حسن بحراوي بعد (النمر الفيتنامي) و(بنات ونعناع)، غير أنها تدور هذه المرة حول موضوع طريف يغادر الواقعية المباشرة ليعانق تجربة فنطاستيكية من طينة غريبة نوعا ما. شخصية حمّاد وهو أستاذ ومناضل طلابي سابق يموت في حادثة سير قبل أربعين سنة. ثم ها هو فجأة يعود إلى الحياة فيواصل ارتياد مقهاه الاعتيادي ويتجول في الأسواق، بل ويفكر بجدية في مشاريعه المستقبلية (نشر ديوان أو الزواج مثلا)…
يتابع السارد البطلَ حماد في حياته الجديدة وينقل لنا تفاصيلها ومنحنياتها لحظة بلحظة. كما يعود بنا إلى ماضي الشخصية عندما كانت على قيد الحياة قبل أربعة عقود ويكشف عن علاقاتها اليومية والنضالية فتكون المناسبة سانحة للإطلال على مشاهد مثيرة من سبعينيات القرن الماضي بحلوها ومرّها، وخاصة بذكرياتها ولطائفها. والسارد يفعل ذلك في شيء من السخرية المرحة والكآبة القاتمة، ولكن في جميع الأحوال بلغة شفافة تعيد إلى الأذهان أسلوب هذا الكاتب في مختلف نصوصه الإبداعية.
من جملة ما يميز هذا العمل كذلك أن السارد يتحدث من موقع الشهادة والمعايشة، حيث يشارك في الأحداث فعليا وفي أقل الأحوال يتابعها في حميميتها وتفاصيلها السبعينية الصغيرة. وهذا الملمح أكسب الرواية قيمة حكائية مضافة هي قيمة المواكبة والمصاحبة للشخوص وهي تنهض بالأحداث أولا بأول، وخاصة تصل معها إلى النهايات السردية والواقعية التي اختار الكاتب أن يقدمها لنا باتباع طريق غريب نوعا ما: أي التمهيد بالفانطاستيك وهو تصور ما لا يمكن أن يحصل، للاستغراق في وقائع اجتماعية وسياسية لا تبعد عنا سوى بمسافة زمنية منظورة مثل شيوع المخدرات تحت تأثير ظاهرة الهيبية، وجنوح الشباب من تلاميذ وطلاب إلى تبني المد اليساري المناهض للمجتمع التقليدي وللنظام المستبد على حد سواء».
يقدم لنا الكاتب في «عودة المرحوم» عصارة تجربة جيل ما بعد الاستقلال الذي بلبلته الإيديولوجيات وهدهدته الأحلام، ولكنه لم يقطف من كل ذلك سوى السراب والأوهام.


بتاريخ : 08/02/2020