حسن قرنفل أستاذ علم الاجتماع بجامعة شعيب الدكالي بالجديدة «للاتحاد الاشتراكي» : نحن في لحظة اكتشاف لمغرب جديد، علينا الابتعاد عن الافكار التي تنقص من قيمة المجتمع

مقدمة عامة
يعيش المجتمع المغربي اليوم على إيقاع الخوف والدهشة وهو يكتشف مؤسساته ومواطنيه من جديد كما لم يعرفهم من قبل.
– هل ستعيد كورونا ترتيب المجتمع المغربي من جديد وتصالحه مع مؤسساته ومع منظومة قيمه الاجتماعية والثقافية والفكرية .
-هل هي بداية تشكل وعي جديد بضرورة …
اسءلة حملناها لبعض السوسيولوجيين المغاربة الذين أجابوا باختصار عن اسئلتنا في انتظار ان ينضج السؤال، بعد انفراج الأزمة، ويكتمل التحليل …….

p استاذ حسن قرنفل ،يعيش المغاربة اليوم حالة من الخوف والدهشة ،الخوف من الفيروس والدهشة مما يعرفه الوضع العام من اجراءات استيباقية وانضباط وتطوع …هل يمكن ان نقول اننا امام مصالحة مع المؤسسات واعادة لترتيب المجتمع؟
n المغرب ليس وحده من يعيش وضعية الهلع والخوف ،هي حالة جميع المجتمعات الآن، وقد ادى الخوف بالشعوب الى الكثير من الانضباط ، ولاحظنا أن بعض المجتمعات اخذت تستجيب بقوة ،تحت وطأة الهلع، للتدابير والاجراءات ،وقد كانت لوقت قريب غير مبالية بذلك.
بالنسبة للمغاربة او لعدد كبير منهم كانوا ولمنذ اسابيع فقط ،يشككون بل يشتمون مؤسسات الدولة العمومية من مستشفيات ومدارس عمومية مثلا ويعتبرون ان مؤسسات السلطة لا تشتغل ويتساءلون عن مدى جدواها وفاعليتها ،فجأة يكتشف الجميع أن هذه المؤسسات تقوم بعمل جبار وكبير بتفان وتضحية شديدين لخدمة المواطنين، وهنا ظهرت قوة السلطة والمؤسسات .ويمكن أن اقول بكل موضوعية أن الدولة المغربية اليوم تقوم بواجباتها على الوجه الاكمل ، وأنها اتخذت اجراءات تبدو قاسية ولكنها مقبولة رغم قساوتها.لأن المجتمع اصبح يدرك الخطر المحدق واخذ العبرة من بعض المجتمعات التي تهاونت واستهانت بعدو لن تقدر أسلحته والقوة التي يتوفر عليها. وهي الاخطاء التي استفاد منها المغرب وفرض سلسلة من الإجراءات القاسية التي لم يكن من الممكن الاستجابة لها في الايام العادية ، ولكن اليوم الكل او الاغلبية ممتثلة لأوامر السلطة.

p هل يمكن أن نقول أننا أمام تشكل وعي مغربي جديد ؟
n من الصعب أن نتصور شعبا سيتعلم الانضباط من أزمة استمرت لأسابيع ، فمع مرور الشهور ستعود حليمة لعادتها القديمة.
شخصيا أرِى أن المجتمع يعيش الآن تحت تأثير ادرينالين جماعي ، هناك ادراك جماعي بالاخطار المحدقة واخذ الاحتياط والمكوث بالمنازل.
هل سيستمر هذا الانضباط داخل المجتمع في المستقبل؟ لا اعتقد فطبيعة المجتمعات لا تتغير .هناك بعض الازمات تتعلم منها بعض الشعوب لكن لا ارى أن مجتمعنا سيعرف هذا التغيير ، عندي أمل في الفئات الشابة أن تستخلص بعض العبر من هذه الظرفية وتعيد التفكير في المستقبل والتفكير في الآخر والمجتمع .
بكل موضوعية الأمر لا يكون بهذا التفاؤل الكبير، ولكن نتمنى أن تكون انطلاقة مجتمع متراص منضبط عقلاني.

p هناك مجموعة من المبادرات التطوعية الذاتية والمؤسساتية للتصدي للازمة، ألا يبشر هذا بمصالحة المغاربة مع مؤسساتهم؟
n نحن في لحظة اكتشاف لمغرب جديد ،روح جديدة وطنية ومتقدمة، يمكن أن تكون بوادر جديدة شريطة أن يأخذ كل واحد في تأمل هذه المرحلة وتكثيف القوى التي يملكها الآن ،لأنه يتبين اننا نستطيع ان نستثمر هذه القوة لبناء المغرب الجديد والابتعاد عن الافكار التي تنقص من قيمة المجتمع .
قبل شهرفقط ،كانت هناك نظرة جماعية تنقص من قيمة البلد والمعلمين والمعلمات والاساتذة والاستاذات والاطباء والطبيبات، خصوصا في القطاع العام ، ورجال ونساء الأمن والسلطة، فاكتشفنا اليوم أن هذه المؤسسات الصحية والتعليمية العمومية والسلطة تمتلك الكثير من روح المسؤولية و التضحية والانخراط في الاجراءات التي اتخذتها الدولة باخلاص كبير لحد جعل جميع الدول تحسدنا عليها .
أيضا هذا الحماس الذي انبعث فجأة من المدارس والجامعات وانخراط رجال ونساء التعليم في جميع المستويات في تلقين الدروس عن بعد للتلاميذ والتلميذات والطلبة لتمكينهم من الاستمرار في دراستهم .
كل هذه العناصر الايجابية نكتشفها بكثير من الدهشة،ويجب ان نستثمرها من اجل مغرب جديد .

p استاذ قرنفل، كما تتبعنا هناك بعض الأحياء الشعبية لم تستجب بسهولة للاجراءات ،بصفتكم استاذ علم اجتماع ،كيف نفسر هذه الفوضى التي عرفتها هذه الاحياء.
n لايمكن أن نقول كل الأحياء الشعبية ، يمكن فهم الأمر ولايمكن قبوله، بالطبع في هذا الظرف ،جميعا نعرف أن الاحياء الشعبية تعرف الكثير من الظواهر الاجتماعية من اكتظاظ بشري في المنزل الواحد ومن بطالة ومخدرات وغيرها من المشاكل الاجتماعية، الا أن الظرف والوضعية غير عادية وهي وضعية استنفار تتطلب من الجميع و لعموم الشعب، بما فيه الفئات الشعبية التي تعيش ظروفا صعبة،الامتثثال لهذه الاجراءات ،الامر ايضا يتعلق بالتربية ويجب بذل مجهود في هذا الجانب.
هذا الوضع الذي عشناه ولاحظناه يحثم على الدولة التفكير في ايجاد حلول للوضعيات المجتمعية التي تعيش حالة الفقر والهشاشة ، ونتمنى ان يحمل المشروع التنموي الجديد برامج وحلول لتقليل الهوة بين طبقات المجتمع المغربي .
أود أن أشير في الاخير الى فوضى كبيرة اخرى تهدد تماسك المجتمع المغربي وهي انتشار الاخبار الزائفة ،فمهما قاومناها فإنها تؤثر سلبا على البلاد . يجب تنقية فضاء المعلومنة من الشوائب التي تضر بسمعة الوطن وتشوش على الرأي العام اذا أردنا أن نتجاوز هذه الأزمة بنجاح،وننتقل لمغرب جديد.


بتاريخ : 27/03/2020