حصاد 2022.. عودة الروح إلى الفن والهشاشة والإكراهات تجثو على صدر الإعلام

تميزت سنة 2022 التي نودعها، بعودة الحياة إلى شرايين الجسد الفني، بعدما أصابت جائحة كورونا العالم و المغرب أيضا، حيث طال الركود العديد من المجالات وعلى رأس ذلك المجال الفني،ليجد المبدعون أنفسهم في عطالة.
مع التخفيف من حالة الطوارئ سنة2022، تحركت عجلة الفن ، وعادت معها المهرجانات الغنائية والسينمائية والمسرحية، وكانت مناسبة كي يتنفس الفنانون والمبدعون الصعداء.
لقد شهدت السنة المنصرفة عدة أحداث فنية متنوعة، تألق فيها الفنانون المغاربة عربيا ودوليا، وأبانوا عن علو كعبهم، مما ساهم في تسويق صورة إيحابية للمغرب.
نفس السنة، عرفت بالإضافة إلى الجوانب المضيئة التي نستعرض بعضا منها في هذا الملف، عرفت أيضا رحيل العديد من الفنانين المغاربة، الذين غادروا دنيا الناس، تاركين خلفهم إرثا فنيا سيظل شاهدا على عطاءاتهم، وتركوا أيضا فراغا، يصعب ملؤه باعتبارهم قامات فنية كبيرة

 

فنانون مغاربة يفرضون حضورهم عربيا

استطاع العديد من الفنانين المغاربة أن يفرضوا أسماءهم خارج أرض الوطن، حيث تخطت إبداعاتهم حدود الوطن ، وبذلك استطاعوا أن يسوقوا للأغنية المغربية ،وللهجة الوطنية ،التي ما فتىء الآخر يتذرع بأنها لهجة غير مفهومة.
أسماء كثيرة، جعلت المتلقي العربي، يردد أعمالها، وتتناقلها وسائل الإعلام العربية، بل تحرص الفضائيات العربية على استضافة نجومنا المغاربة، كما كانت الأولية للمبدع المغربي، في الدعوة لحضور المهرجانات العربية الكبيرة، والنماذج هنا كثيرة.

نجوم عربية تتغنى باللهجة المغربية

من بين الفنانين العرب الذين اختاروا الغناء باللهجة المغربية كانت الفنانة أصالة نصري، التي أدت رفقة الفنانة المغربية أسماء لمنور أغنية « سيد الغرام «، وذلك أياما قليلة عن دخول السنة الجديدة، وقبلها اختار العديد من النجوم العرب طرح إبداعاتهم باللهجة المغربية، من بين هذه الأسماء، نجد الفنان اللبناني جوزيف عطية الذي طرح أغنية مغربية رفقة الشاب فضيل، بعنوان «تلاقينا تاني «، كذلك الأمر بالنسبة للفنانة المصرية كارمن سليمان، التي أطلقت ديو رفقة الفنان زهير بهاوي، بعنوان « حبك إنت »،
الفنانة اليمنية بلقيس طرحت هي الأخرى، أغنية مغربية، بعنوان «صابرة «، وكذلك الفنانة اللبنانية مايا دياب، التي أدت أغنية بعنوان «ديالي «.
وانضم الفنان الفلسطيني فادي اندراوس، إلى قائمة الفنانين العرب الذين أغرموا باللهجه المغربية، حيث طرح أغنية بعنوان «دادا » ، وكذلك مريام فارس وغيرها من الفنانين العرب.

أسود الأطلس والجمهور المغربي يهيمنون على مونديال قطر فنيا

استطاع أسود الأطلس من خلال الإنجاز العظيم في مونديال قطر، أن يسوقوا للهجتنا ، بعدما عملوا على ترديد أغاني بعد كل انتصار، وهو الشيء الذي وثقه أبطالنا عبر فيديوهات نشروها عبر صفحاتهم الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، وهو ماجعل الجمهور العربي يردد هذه الأغاني، كذلك الأمر بالنسبة للجمهور المغربي الذي حج إلى الديار القطرية لتشجيع المنتخب الوطني، وفعلا كان هذا الجمهور خير سفير لبلده بشهادة الإعلام العربي والدولي.

ريدوان، نورة فتحي ومنال.. نجوم تسطع في سماء المونديال

استطاعت أسماء مغربية أخرى أن تكون حاضرة بقوة في مونديال قطر، وعلى رأسهم، الفنان العالمي ريدوان رفقة المغربيات نورة فتحي ومنال، وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» قد عين ريدوان ابن مدينة تطوان، مديرا تنفيذيا لقطاع الترفيه، وجمعته بالاتحاد أعمال سابقة. فبعد إنتاجه لأغنية «بامبو» التي كانت بمثابة اللحن الرسمي لمونديال 2006 في ألمانيا، وأغنية مونديال روسيا 2018 ،عاد «ريدوان» لإنتاج وتوزيع الأغنية الرسمية لكأس العالم في قطر، وحملت عنوانا حماسيا جاء باللغة العربية هذه المرة، «هيا هيا»،إضافة إلى أغنية أخرى بمشاركة أربع فنانات عربيات، ضمن الألبوم الغنائي الخاص بالمونديال، وحملت الأغنية عنوان «light the sky»، شارك فيها كل من العراقية رحمة رياض، واليمنية بلقيس فتحي، والمغربية الكندية نورة فتحي، والمغربية منال.
وجاءت الأغنية الأخيرة من سلسلة أغاني كأس العالم قطر 2022 بلمسة نسائية عربية، إلا أن كلماتها كانت أغلبها باللغة الإنجليزية، فيما تم إضافة مقطع باللغة الهندية من أداء نورة فتحي، وآخر باللغة الفرنسية واللهجة المغربية من أداء منال وغيرها التي كانت من توقيع «ريدوان «.

مهرجانات سينمائية ومسرحية تعيد الدفء إلى الجمهور والفنان

بعد سنتين من التوقف، عادت العديد من المهرجانات إلى الواجهة، على رأسها المهرجان الدولي للسينما بمراكش، الذي حضره العديد من النجوم العالمية والعربية وكذلك المغربية، بالإضافة إلى المهرجان الوطني للفيلم بطنجة ، ومهرجانات أخرى التي احتضنتها مجموعة من المدن المغربية، سواء في فاس ، الرباط ، سلا ،تطوان والناظور وغيرها من المدن المغربية، كما عرفت هذه السنة عودة تدريجية للقاعات السينمائية، مع عروض مسرحية جديدة على الخشبة .

رحيل أهرام الساحة الفنية

غيب الموت سنة 2022 أسماء فنية مغربية، تركت بصمة واضحة في مجال تخصصها، لايمكن للنسيان والزمن محو ما تركته من منتوج إبداعي رصين، أغنى الخزانة الفنية المغربية .
ومن بين هاته الأسماء، هناك عبد اللطيف هلال، عبد الرحيم الصمدي، ورائد المسرح المغربي عبد القادر البدوي، والممثلة رشيدة الحراق، والفنان القدير نور الدين بكر، والنجمة الشعبية خديجة البيضاوية، والفنان القدير فتح الله المغاري، والمخرج محمد عاطفي، عمر دخوش، الحسين طلال، رشيدة الرحال، عبدالرحيم الصمدي، سكينة الصفدي ،ميلود العرباوي..

الإعلام الوطني والمجتمع.. إكراهات وتطلعات

من أهم ماميز سنة 2022 إعلاميا، الوقوف على واقع الإعلام المغربي والإكراهات التي تعيشها المقاولة الصحافية الوطنية، وكذلك الهشاشة التي تطال معظم الصحافيات والصحافيين والعاملين بهذا القطاع، وفي هذا الباب، نظم مجلس النواب، لقاء دراسيا تحت عنوان “الإعلام الوطني والمجتمع: تحديات ورهانات المستقبل” ،الذي جاء في إطار تعميق النقاش حول مستقبل الإعلام بالنظر إلى ما يشهده القطاع في ظل الطفرة الرقمية، وظهور أنماط أخرى للتواصل.
وأبرز المتدخلون، أن الإعلام الوطني شهد تطورا كبيرا خلال السنوات الماضية، وساهم في تعزيز البناء الديمقراطي، مؤكدين على ضرورة القيام بمراجعة النموذج الاقتصادي للمقاولة الإعلامية، عبر تشجيع الاستثمار في هذا القطاع.
وبعدما أشاروا إلى بعض الإكراهات التي يشهدها القطاع، شددوا على ضرورة وضع تصور جديد لطريقة اشتغال المؤسسات الإعلامية، لاسيما في ظل التحولات التي يعرفها القطاع خصوصا مع بروز الصحافة الإلكترونية ووسائل الاتصاال الحديثة مما يتطلب مقاربة جديدة تجعل القطاع قادرا على مواكبة هذه التحولات.
واستحضر المشاركون ، توصيات الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع الذي تم تنظيمه سنة 2010 ، والتي ركزت على ضرورة القيام بإصلاحات في مجال المقاولة الصحفية ومحيطها الاقتصادي والصناعي والتسويقي.
وبخصوص القانون الأساسي للصحفيين المهنيين، اعتبر عدد من المشاركين أن هذا القانون في حاجة إلى إعادة قراءة وملاءمة بالنظر إلى التطورات الجديدة التي يعرفها المشهد الإعلامي، داعين، في نفس الوقت، إلى التعامل مع الإعلام كخدمة عمومية، واقتراح حلول عملية لتجاوز العوائق التي يعرفها القطاع.
وخلصوا إلى ضرورة توسيع مجال وقاعدة التكوين في مجال الإعلام، وتشجيع التكوين المستمر، مشددين، كذلك، على أهمية الاهتمام بالبحث العلمي الإعلامي ودعم مؤسساته.


الكاتب : جلال كندالي

  

بتاريخ : 31/12/2022