حفاظا على الأمن الدوائي للمغاربة : فاعلون في قطاع الصيدلة يطالبون بفتح تحقيق برلماني وقضائي مرتبط بنازلة «انقطاع الأدوية»

 

طالب فاعلون في المجال الصيدلاني بتشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق في ما بات يعرف بملف انقطاع الأدوية، الذي يتكرر على مدار السنة مرات ومرات، وخاصة خلال ظهور كل موجة وبائية في ارتباط بجائحة كورونا التي تعرفها بلادنا والعالم بأسره، بالموازاة مع تحقيق قضائي لتحديد ملابسات هذا الموضوع الذي يشكل تهديدا للصحة العامة ويمس بسلامة المواطنات والمواطنين.
وأكد محمد الحبابي، رئيس كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب في تصريح هاتفي لـ «الاتحاد الاشتراكي»، أن الصيادلة حين وجدوا أنفسهم منذ أواخر شهر دجنبر الفارط أمام نقص كبير ثم انقطاع لأدوية تدخل في نطاق البروتوكول العلاجي لكوفيد 19، وأخرى توصف لعلاج الزكام، إضافة إلى أدوية تتكون من مادة الإيبيبروفين وبعض المضادات الحيوية الخاصة بالأطفال، نبهوا للوضع من أجل إيجاد حلول لهذا المشكل انطلاقا من المسؤولية الأخلاقية والمهنية الملقاة على عاتقهم وليس لتحميل المسؤولية لأية جهة من الجهات، لأنهم في علاقة يومية مع المواطنين الذين يطالبون بتلك الأدوية غير المتوفرة، الأمر الذي يتعذر معه تلبية طلباتهم.
وأبرز الدكتور الحبابي في تصريحه للجريدة، أنه عوض الإسراع بالبحث عن أصل هذا المشكل ومعالجته، أصدرت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بلاغا تنفي فيه أي انقطاع للأدوية، مما خلق لبسا كبيرا، جعل العديد من المواطنين يتواجهون مع الصيادلة الذين وجدوا أنفسهم في وضع لا يحسدون عليه، ويظهرون بمظهر الذي يتوفر على الدواء ويمنحه بكيفية انتقائية. وشدّد المتحدث على أنه خلال كل المدة الفارطة تم ربط الاتصال بالموزعين على امتداد ربوع المملكة، والكل كان يعطي نفس الجواب بخصوص الأدوية المشار إليها، إذ لم يقتصر الأمر على موزع واحد، وهو ما يؤكد وجود خلل ما، لأنهم بدورهم لا يتوفرون على تلك الأدوية. وانتقد رئيس كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب الطريقة التي تعامل بها وزير الصحة والحماية الاجتماعية مع هذا الموضوع، «الذي قام بشخصنة الأمر، وخاض في ذمم الصيادلة وقام بالتشهير بهم في بعض المنابر الإعلامية»، وفقا لوصفه، مضيفا بأن الأمر لم يقف عند هذا الحد، إذ زارته بصفته صيدلانيا لجنة تفتيش يوم الجمعة 14 يناير التي قامت بمهمتها بشكل عاد ولم تقف عند أي اختلال، واستفسرت عن الأدوية المقطوعة دون أن تجد لها أثرا، حيث توصلت بجميع البيانات التي تخص الشركات الموزعة التي تؤكد انقطاع الأدوية منذ فاتح يناير إلى غاية 14 من نفس الشهر.
وأوضح الحبابي، «أنه انطلاقا من 15 يناير بدأ توفير بعض الأدوية بشكل تدريجي، ثم فوجئ يوم الأربعاء الموالي بزيارة لجنة تفتيش ثانية تحلّ بصيدليته، للبحث في نفس الموضوع والتساؤل عن مدى توفر الأدوية التي كانت مقطوعة من عدمه، حيث تسلمت نفس البيانات مرة أخرى»، وبعد يومين، يقول المتحدث، «وجدت نفسي مستهدفا في أحد المنابر، حيث تم الإدعاء بأن لجنة التفتيش وجدت الأدوية مخزّنة في صيدليتي بكمية كبيرة، كما تم توجيه اتهامات تمس ذمتي الشخصية والتشهير بي». وأكد الفاعل والنقابي في القطاع الصيدلاني في تصريحه لـ «الاتحاد الاشتراكي»، أنه «عوض التعامل بشكل مسؤول مع المشكل، فقد أصبحنا أمام محاولات لتكميم الأفواه والترهيب عبر المفتشية التي تحولت إلى أداة ووسيلة للضغط في يد وزير الصحة والحماية الاجتماعية»، مشددا على أن «المفتشية لم تحترم مرسوم التفتيش الذي يحث على سرية المصادر، لأنه لغاية اليوم لم يتوصل بأي تقرير في الموضوع كما هو منصوص عليه، وخلافا لذلك تم تسريب معطياته المغلوطة للتغطية على المشكل الحقيقي والجوهري».
وكان المكتب الوطني لكونفدرالية نقابات صيادلة المغرب قد أصدر بيانا على خلفية هذه الأحداث، أعرب من خلاله عن « تأسفها لأجوبة الوزارة داخل قبة البرلمان، كمؤسسة دستورية محترمة، وعلى طريقة التعاطي مع أسئلة نواب الأمة، التي تم التعامل معها بأسلوب المناورة والتغليط والخوض في الذمم المادية الشخصية لبعض الصيادلة، عوض الاعتراف بالأزمة وإيجاد الحلول لتداركها». وأكدت الكونفدرالية «استنكارها لاستعمال الوزير لنفوذه»، منتقدة ما وصفته بـ «الشطط في السلطة، من خلال إرسال لجن تفتيشية للوزارة، حيث أرسل لجنتين متتابعتين لرئيس الكونفدرالية في أقل من أسبوع، كوسيلة للضغط واستعمالها للترهيب وتكميم الأفواه؛ مع تسريب الوزارة لمضمون محضر التفتيش لوسائل الإعلام رغم السرية المطلوبة بموجب القانون في ضمان سرية المحاضر»، مما يعكس، بحسب هذا التنظيم النقابي «النية المبيتة للوزارة لفبركة الوقائع بما يرفع عنها المسؤولية».


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 26/01/2022