حكاية رحلة رياضية امتدت لأزيد من خمسين سنة 15- في رحاب القصر الملكي السعودي

تعتبر نعيمة رودان أول إمرأة مغربية تحرز ميدالية ذهبية لصالح المسايفة المغربية، حدث ذلك في نهاية الستينيات خلال بطولة الألعاب الرياضية للمغرب العربي التي جرت بتونس.ويسجل التاريخ أنها ظلت منذ سنوات صباها وعلى امتداد خمسين سنة مرتبطة برياضة المسايفة كمبارزة،مدربة ومسيرة. ويحسب لها أيضا أنها حملت قضية المرأة الرياضية المغربية على عاتقها مدافعة عن حقها في ممارسة رياضية سليمة وعادلة حيث انضمت للجنة المرأة والرياضة التي كانت تابعة للجنة الوطنية الأولمبية وساهمت إلى جانب زميلاتها من الأسماء الرياضية الكبيرة في منح الرياضة النسوية الاهتمام الذي يليق بها.
لخمسين سنة،لم تنفصل عن عوالم الرياضة، بل وسهرت على أن ترضع أبناءها الثلاثة عشق الرياضة إلى أن أضحوا بدورهم نجوما وأبطالا في رياضة المسايفة محرزين عدة ألقاب في إسبانيا وفي كل التظاهرات بأوربا والعالم.

 

رجعت الى بيتي بداية شهر أكتوبر 1986، لأكمل مشوار حياتي مع زوجي والمولودة الجديدة، كبرت المسؤولية، شغل، بيت، ابنة لأجد نفسي وقد تخليت عن معشوقتي رياضة المسايفة.
لكن هل كان من الممكن أن أتخلى عن رياضة المسايفة؟ هل كان من الممكن أن أتخلى عن جزء هام من حياتي؟
لم يكن ذلك ممكنا..أبدا
كنت أبحث عن الطريقة المثلى لأوفق بين حياتي الجديدة كزوجة وأم ومزاولة رياضتي. مرت ستة أشهر على ولادة بنتي حين كنت رفقة زوجي عائدين إلى المنزل فإذا به يكشف لي عن حلم يشغل باله حيث كان يتمنى أن نزور الديار المقدسة للعمرة. وكأن أبواب السماء كانت مفتوحة، وكأن لله سبحانه وتعالى أراد أن يحقق لزوجي حلمه. يومان فقط مرا على بوحه بما كان يحلم به لأتلقى رسالة من السفارة السعودية تدعوني للتنقل لمقر السفارة بالرباط حيث حدد لي موعد للقاء إحدى الأميرات السعوديات. لم أتردد في الموافقة، وتوجهت بالفعل للسفارة وافقت يوم الثلاثاء 15 مارس 1987.
في مقر السفارة، أخبروني ان وزير الشبيبة والرياضة السيد “السملالي” رحمه لله، هو الذي رشحني للقيام بتدريب الأميرات في قصر الملك فيصل بالمعذر بمدينة الرياض. الأميرات اللواتي كنت سأدربهن كن حفيدات الملك ووالدهم هو الأمير سعود ابن عبد المحسن ال سعود . اللقاء مع الأميرة كان عبر الهاتف،مرت المكالمة مع الأميرة ودعتني للذهاب الى الرياض مع زوجي لمدة 15 يوم للتعرف عليهن قبل توقيع عقد العمل.
رجعت الى الدار البيضاء وأخبرت زوجي بالأمر، كان سعيدا عندما أخبرته بأننا سوف نسافر أخر الأسبوع الى الديار السعودية.
رجعت الى الرباط يوم الخميس 17 مارس1987حاملة جوازات السفر وفي ظرف ساعة واحدة تم اتخاذ كل التدابير من تأشيرة وتذاكر السفر.
في اليوم الموالي الجمعة، طلبنا عطلة من العمل، تم أخدنا بنتنا إلى بيت والدي ثم سافرنا يوم الأحد 20 مارس 1987 على مدينة جدة. وجدنا السائق بالنتظارنا ليأخذنا لأفخم فندق “الرمال”. عند وصولنا، اتصلت بي الأميرة هاتفيا لترحب بِنَا وأخبرتني بالإقامة والاستراحة والاستجمام بجدة لمدة أسبوع.
ذهبنا إلى مكة ثم اعتمرنا برفقة السائق. بعد مرور أسبوع، انتقلنا إلى الرياض للقاء الأميرة، نزلنا كذلك في أفخم الفنادق (خزامة)، لمدة عشرة أيام. قابلت الأميرات واتفقنانا كل شيء في عقد العمل .
قامت الأميرة باستضافتي لوجبة غذاء معها في القصر وكذلك زيارة القاعة التي كنّا سوف نتخدها للتداريب كما أعددت قائمة بللوازم والعتاد. الضرورية للتداريب.
أقمنا لمدة 15 يوم عشنا فيها ايّام رائعة على نفقة الإمارة. رحبت بي الأميرة وكانت جد مسرورة لقبولي الدعوة لتدريبها.
رجعنا الى المغرب تغمرنا أولا فرحة العمرة التي تحققت لنا في طرف وجيز من الزمن وكذلك العقد العملي لرياضة أحبها كل الحب .
حقق لله لي عمرة بيته الحرام كما حقق لي أملي في العودة لحياة المسايفة وأجواءها الرائعة.


الكاتب : عزيز بلبودالي

  

بتاريخ : 12/05/2020

أخبار مرتبطة

يقدم كتاب “ حرب المئة عام على فلسطين “ لرشيد الخالدي، فَهما ممكنا لتاريخ فلسطين الحديث، بشَـن حـرب استعمارية ضد

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *