حكاية رحلة رياضية امتدت لأزيد من خمسين سنة 21- عندما استمع جلالة الملك محمد السادس لقصتي بإمعان

 

تعتبر نعيمة رودان أول إمرأة مغربية تحرز ميدالية ذهبية لصالح المسايفة المغربية، حدث ذلك في نهاية الستينيات خلال بطولة الألعاب الرياضية للمغرب العربي التي جرت بتونس.ويسجل التاريخ أنها ظلت منذ سنوات صباها وعلى امتداد خمسين سنة مرتبطة برياضة المسايفة كمبارزة،مدربة ومسيرة. ويحسب لها أيضا أنها حملت قضية المرأة الرياضية المغربية على عاتقها مدافعة عن حقها في ممارسة رياضية سليمة وعادلة حيث انضمت للجنة المرأة والرياضة التي كانت تابعة للجنة الوطنية الأولمبية وساهمت إلى جانب زميلاتها من الأسماء الرياضية الكبيرة في منح الرياضة النسوية الاهتمام الذي يليق بها.
لخمسين سنة،لم تنفصل عن عوالم الرياضة، بل وسهرت على أن ترضع أبناءها الثلاثة عشق الرياضة إلى أن أضحوا بدورهم نجوما وأبطالا في رياضة المسايفة محرزين عدة ألقاب في إسبانيا وفي كل التظاهرات بأوربا والعالم.

 

في اختتام العرس الرياضي، تم تكريم المدرب المقتدر (الحاج عمر السفيني) لتفانيه في خدمة رياضة المسايفة، كما تم تكريم أبنائي الثلاثة نظير مشاركتهم القيمة في منافسات تلك التظاهرة.
كنت أشارك في كل الأنشطة الرياضية والجمعوية التي تقام فوق تراب عمالة عين السبع الحي المحمدي، ولعل دعم العامل واعترافه بما قدمته للرياضة الوطنية أعاد لي ثقتي وجعلني أنسى عدة محطات صادفت خلالها التجاهل وعدم الاعتراف، وهنا لابد وأن أعود لحكاية حفل تدشين مركب نور للترويض الطبي، حيث كان علينا إنجاز أحد أكبر المركبات الصحية الخاصة بالترويض بمنطقة “بوسكورة” بالدارالبيضاء،وكنت ملزمة بالسفر إلى برشلونة لتوقيع الصفقة مع أحد المصانع المختصة الاسبانية. سافرت لمدة أسبوع وقمت بتوقيع كل الالتزامات المطلوبة لجلب جميع الاَلات .
قمت وشركتي بتمويل اقتناء التجهيزات وكل الآليات لفائدة المركز، وجاء وقت الافتتاح ، واسدعيت من طرف الجمعية المكلفة بهاذا الإنجاز لأن شركتي كانت هي الممول لكل الاَلات المختصة للترويض، وقبل وصول صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله وأيده لترأس الحفل، قام بعض أعضاء الجمعية بإبعادي من الصف الذي سوف يمر به صاحب الجلالة، لكن ولحسن حظي وقفت بجانب أشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وعند خروج صاحب الجلالة الى الساحة أشار الي فهرعت للسلام على جلالته وسألني من أكون وماهو عملي.لمست في جلالته الانسانية بكامل معانيها.
أجبت جلالته أنني المندوبة عن الشركة الممولة لاقتناء وتوفير المعدات الطبية. فاستغرب جلالته من ردي، وقال لي ” ممكن آلالة تشرحي لي بالتفصيل ما حدث، لأنه قيل لي أن الجمعية هي من مولت من مالها لاقتناء هذه التجهيزات”. لم أتردد، وكأن الله سبحانه وتعالى مدني بالشجاعة والجرأة على الفصح عن كل الحقيقة.. ولمدة خمسة عشرة دقيقة، وقف جلالته يستمع لي باهتمام وبتركيز. لامست في نظرة جلالة الملك محمد السادس شيئا من الغضب وفي نفس الوقت كثير من الرضى تجاهي.. لن أنسى نظرته لي ووضعه يده الكريمة على كتفي قائلا: ” الله يرضي عليك..قمت بعمل ممتاز تبارك الله عليك”.
ما حدث من بعد هو أنه تم تعليق افتتاح المركز كما حجب عن الجمعية شيك الهبة التي كان جلالته سيهبها للمركز. ولم يتم افتتاح المركز رسميل إلا بعد أن مرت سنة ونصف تقريبا بعد حفل تدشينه من طرف جلالة الملك محمد السادس.
في عين السبع الحي المحمدي، كنت أحضر كل حفلات التدشين وكل الأنشطة والمباريات الرياضية المختلفة بطلب شخصي من طرف عامل عمالة عين السبع الحي المحمدي. وكانت المرحومة “سمير الزاولي ” تحضر معنا أيضا لكونها كانت تنتمي كذلك لعمالة الحي محمدي عين السبع.
في واقع الأمر،قضيت مع سميرة اجمل اللحظات ، كانت دائما مبتسمة وتعمل بجدية ، أعطت الكثير لكرة القدم المغربية بعد والدها “العربي الزاولي” رحمه الله، وخاصة ما أعطته لقضية المرأة المغربية الرياضية، وكذلك تفانيها معانا في لجنة “المرأة والرياضة” للجنة الأولمبية المغربية، كانت سميرة الزاولي،حقيقة، بمثابة قيمة كبيرة في الرياضة المغربية .
بعد أشهر قليلة، توصلت برسالة من السيدات اللواتي أسست معهن الجمعية الرياضية للإلتحاق بهن ، وطبعا قبلت الدعوة وقررت السفر برفقة ابنتي .
سافرنا الى جواسنبورغ لمدة عشرة ايّام ،قمنا بكل الأشغال لتأسيس الجمعية كما قمنا بوضع النظام الأساسي ومنحوني لقب “الرئيسة الشرفية والمؤسسة للجمعية “.
سنة 2004 كانت سنة مليئة بأشياء إيجابية وأخرى سلبية. من أجمل وأحلى الأشياء والتي منحتني كل السعادة نجاح ابنتي البكر في امتحان الباكالوريا بامتياز حيث الفضل كان يرجع لأخي الأستاذ المقتدر في مادة “الرياضيات والفيزياء”بثانوية محمد الخامس ، والذي أكن له كل التقدير والحب والاعتراف له بالشكر على الاهتمام الذي أعطاه لابنتي في تلك الفترة.
ومن أسوأ الأشياء مرض والدي، تراجع شركتنا في السوق وغدر كبير من أقرب الناس لي على الصعيد الرياضي.


الكاتب : عزيز بلبودالي

  

بتاريخ : 19/05/2020

أخبار مرتبطة

يقدم كتاب “ حرب المئة عام على فلسطين “ لرشيد الخالدي، فَهما ممكنا لتاريخ فلسطين الحديث، بشَـن حـرب استعمارية ضد

يؤكد الفيلسوف ميشيل فوكو أن عصر الأنوار «لم يجعل منا راشدين»، ظلك أن التهافت الأخلاقي للغرب ظل يعيش، إلى الآن،

نعود مجددا إلى «حياكة الزمن السياسي في المغرب، خيال الدولة في العصر النيوليبرالي»، هذا الكتاب السياسي الرفيع، الذي ألفه الباحث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *