حكاية صورة : عندما يشتاق أطفال وهم في الحجر الصحي إلى الشاعر المغربي إدريس علوش

إلى أصغر برعمين في الصورة : لينا اسبيطي ومحمد معزوزي

 

 

الشاعر المبتسم أو الضاحك في الصورة، يتحلق حوله أطفال منهم المبتسم كذلك ومنهم الغارق في
الضحك، انتشاء بهده اللحظة التاريخية، التي يعود حدثها لصبيحة يوم السبت 23 نونبر 2019. وقتها
حضر إدريس علوش الى اسباتة بالدار البيضاء ،بدعوة كريمة من جمعية ورشة للتربية والثقافة والفن،
التي برمجته رفقة شعراء آخرين محمد عرش، محمد فراح، نور الدين ضرار ومحمد بوجبيري في إطار
الملتقى الرابع لحاضرة اسباتة.
حل ابن مدينة أصيلة الجميلة، الذي استهل النشر بداية التسعينيات بأضمومة «الطفل البحري»،
كمشارك في التظاهرة الثقافية، وباعتباره ضيف شرفها بامتياز.
أما البراعم المبتسمة والضاحكة وهي متحلقة حوله، فقد نبشت في الأنترنيت مقتفية آثار مبدع
«مرثية حذاء» و»فارس الشهداء» وغيرها من الأضمومات والدواوين الشعرية. قام الأطفال بذلك بإيعاز من مدرستهم لمادة اللغة العربية الأستاذة ربيعة الصبار الشغوفة بالشعر والأدب،والتي تسعى أيضا
بالموازاة مع تدريس متعلميها إلى حثهم من الآن على مصاحبة ومرافقة خير جليس،عبر ورشات
فصلية وأخرى خارجية،من قبيل لقائهم صبيحة ذلك السبت بالشاعر ادريس علوش،الذي كان
مصحوبا برفيقه في درب الإبداع وبمكتب نادي هايكو موروكو الشاعر نورالدين ضرار والفاعل
الجمعوي عبد الحق أزهر،حيث ردد الأطفال من ريبيرتوار المخيمات الصيفية مجموعة من الأناشيد،
كانوا يستهلونها تناوبا في ما بينهم،بإلقاء كلماتها بطريقة تعبيرية ثم انتقلوا في مرحلة ثانية الى فقرة
الإنشادات الشعرية، التي تضمنت مختارات من أضمومة ضيف شرف اللقاء «هي غيمة وأفقها قصيدة
العمر» الصادرة سنة 2019 عن منشورات ايديسيون بلوس،ثم مطولته الجميلة والحابلة بفيض من
المشاعر الإنسانية «يماينو» التي برع أربعة منشدين صغار في قراءة مقاطعها بطريقة أقرب الى الإلقاء المسرحي، لتختتم تلك الصبحية الأدبية بكلمة عريسها،الذي افتتحها من حيث انتهى الأطفال، أي بقصيدة «يماينو» المهداة لوالدته الراحلة،التي نظمها عنها وبإلهام منها كذلك، ثم عبر عن إعجابه بما قدمته له
هاته البراعم حاثا إياها على مواصلة الاهتمام بالأدب بشتى أصنافه وفنونه بالموازاة مع الدراسة ..
مناسبة عودتي لهذا الحدث، الذي مرت عليه شهور عدة،هو أن أبطال هاته الصورة، الملتزمون
الآن ببيوتهم، جراء الحجر الصحي الذي فرضته جائحة فيروس كورونا،والذين يتابعون إسوة ببقية
تلاميذ وطننا دراستهم عن بعد، حيث يتواصلون مع أطرهم التربوية،وفي ما بين بعضهم البعض، اعتمادا على وسائل التواصل الحديثة. لكنهم من حين لحين وحتى لا يتسرب الضجر أو الملل إلى عقولهم ونفوسهم، يلبون دعوات مرشديهم للمشاركة في بعض المسابقات أو الأنشطة الترويحية والتثقيفية.ومن بين هده الاستراحات الأدبية والفنية، تداولهم لهذه الصورة التذكارية مع هذا الطفل البحري ،الذي ساقته برمجة مسبقة، إليهم، من مدينة العرائش حيث يعمل ويعيش إلى منطقة اسباتة ..
بعد تداول الفتيان والفتيات تلك الصورة الجماعية في ما بينهم عبر واحدة من وسائط التواصل،
شرعوا يتبارون في ما بينهم عن حيثيات ومناسبة التقاطها، بمحاولات تعبيرية، زاوجت بين المقالة
والحكاية، بحيث لم تترك أمرا أو حدثا جرت أطواره في تلك اللمة الأدبية إلا وسردته ..
وعلى مدى ثلاثة أيام ظللت أتوصل بما أبدعته تلك العقول والقلوب الفتية، فهناك من جرب الكتابة
بصيغتين مختلفتين عن تلك اللحظة غير المنفلتة، وهناك من عبر بواسطة تسجيل صوتي متخيلا نفسه
مذيعا تلفزيونيا أو ضيفا من ضيوف نشرات الأخبار أو البرامج الحوارية ..
ابتهجت نفسي وانشرح قلبي لما اطلعت عليه وما سمعته، لكن أقوى ما أثر في هو تعبير الأطفال عن
اشتياقهم للشاعر ادريس علوش، رغم قصر المدة الزمنية التي قضوها برفقته، متمنين له رمضانا كريما راجينه أن يجيبهم عن الآتي :
أين تقضي يا شاعرنا فترة الحجر الصحي .. ؟ هل في أصيلا حيث ولدت وقضيت طفولتك ؟ أم في
العرائش حيث تعمل وتعيش ؟ ثم كيف تقضي يومك خلال هدا الحجر ؟ وهل هناك أنشطة كنت مبرمجا فيها وحالت جائحة كورونا دون القيام بها ؟
وارتباطا بالسؤال الأخير فأبطال الصورة محور حديثنا، هم في الوقت ذاته أبطال مسرحية «دفاعا
عن لغة الضاد»،التي كانت جاهزة للعرض في مهرجان جائزة العيدي زيداني لمسرح الطفل المدرسي
في دورته الثانية،الذي كانت أطواره ستجرى بالمركب الثقافي الحي المحمدي، أواخر شهر مارس
احتفالا باليوم العالمي للمسرح، وكانت الدورة الحالية ستعرف تكريم الفنان المغربي والعربي القدير
محمد مفتاح ..لكن رياح كورونا عصفت بهذا الملتقى الفني كما غيره من الأنشطة ..
وعودة إلى الأسئلة الموجهة لشاعرنا ادريس علوش، من قبل هذه النخبة من نساء ورجال الغد،فنترك له حرية اختيار الوسيلة التي يرتضيها مناسبة للرد عليهم وتنويرهم وله منا أرق وأجمل التحايا ..


الكاتب : عبد الحق السلموتي

  

بتاريخ : 07/05/2020