حواريات العشق الستون : عن العشق والهوى

ها أنا الآن أجدني عاجزة تماما أمام لغتك كجندي منزوع السلاح.. أسير تحت سراديبك واثقة الخطى.. أحاول عبثا أن أرسمك.. كرسام فقد ملكة مزجه للألوان.. كجبران أحاول أن أكتبك كرمل وزبد وموسيقى وألحان.. ألعن قدري البئيس مرات وأستعيذ بالله مرتين.. مرة لأني لعنت شر قدري الذي حرمني منذ زمن بلقائك ومرة ثانية حين التقيتك.. سيكون لي فيك ما بعدك فأنا سليبة الروح منك.. كيف السبيل إلى العودة إلي..؟ أنت رسخت في الروح تماما كنقش حجري تدمري خالد.. كوشم أخضر شاحب على جبين عجوز أطلسية.. سأضعك بين ثنايا روحي وأمضي نحوك أنت وحدك كغواية جميلة وغرابة عجيبة وضرورة حتمية.. لن نسافر معا أبدًا نحن سنبقى هنا حتى وإن رحلنا سأحملك في روحي حينها فقط أستطيع السفر بك أينما كنا أينما كان موضعك.. لا يهم أن تكون معي الآن بل الأهم أنني معك ولك.. ماذا بوسعي أن أفعل ؟ أتيتك بقدمي. سرت نحوك بخطاي فلتفرض لي طريقي يا رفيقي بالورود فرفيقتك لا تحب إلا الورود الجورية تعشقها حد الثمالة تأخذها في كل مرة وتحسب وريقاتها ورقة ورقة، وتتساءل هل سأحب يوما ما أم أن الحب غادرني إلى غير عودة؟
تارة تنتهي بعد أن تكسب رهان الوريقات بالحب وتارة بلا حب .. وأنا بينك وبين الوريقات الجورية سليبة عليلة.. أحسب خطاي بينكما أحاول عبثا ومجددا أن أمحو الفارق الزمني بين زر قلبك ورصاصتك الرحيمة.. قد أموت لكن الموت في سبيل الوطن شهادة.. قد أنتهي لكن لا علي فكل شيء يمر إلى بداية النهاية.. أو ليس الانفجار العظيم أعظم بداية؟ أو ليس التدمير شكلا من أشكال البناء؟ أو ليس الرفيق جديرا بالبقاء واللقاء؟
خجول ومتعب وجميل وملاعب وملتهب كنصف برتقالة.. غمرتَ وعمرتَ وقضيت وانتهيت ومضيت.. شيئان فقط يستحقان القتال: رجل مثلك ووطن بحجمك…
منهكة ضعيفة عاجزة عن مجاراتك.. أنا فقط ابنة هذه التربة الحمراء أنتمي إليها وتنتمي إلي، فلا البحر لي ولا اليابسة كذلك.. وأنت على اليابسة شاهق عزيز شامخ وللبحر سأقول يوما حتى على اليابسة كدت أغرق..
في البدء كانت الكلمة، وفي النهاية كنت غوايتي المجنونة وعقلي الأرعن وعشقي الهارب وقلبي المتوجس ووضعي الملتبس حتى ظننت أنني فقدت الرغبة في الحياة والكتابة عن فلسفة الحب، وعن العشق والهوى والجوى حتى استفاق قلمي سيالا ذات ليلة قمرية بأسئلة وجودية وأجوبة قدرية أسقطت الفلسفة والأدب، حلت الكيمياء وفقط..
أنا الآن في كامل قواي العقلية اكتفيت بالماء قبل النبيذ حتى لا أقول فيك ما قيل وما لم يقله مالك في الخمر.. سأكتفي منك بوردة شرط أن تكون حمراء جورية عبقة ورائحتها فواحة زكية واضحة تماما كوضوح مواقفي، وضياؤك في ثنايا الروح.. أو لربما بيضاء صافية ندية كامرأة في كامل زينتها في منتصف الثلاثين.. كسر مكنون، كمارد مصباح علاء الدين كعفريت راقد لقرون.. مهما خمدت النيران فستشتعل من جديد في كل قصة عشق سننبعث فيها معا كلعنة حب أزلية تتكرر مرة كل مائة سنة.


الكاتب : إيمان الرازي

  

بتاريخ : 03/06/2022