حول اللقاء الشعري المغربي – الإسباني «جيران في الشعر»

مراد القادري، رئيس بيت الشعر:
الدينامية السياسية في حاجة إلى سماد، وسمادها هو الثقافة

 

ينظم بيت الشعر في المغرب وجمعية الصداقة الأندلسية المغربية، خلال الفترة من يومه الخميس 29 فبراير إلى ثاني مارس المقبل بالرباط، اللقاء الشعري المغربي الإسباني الأول تحت شعار «جيران في الشعر»، وبمشاركة نخبة من الشعراء والمثقفين من المغرب وإسبانيا.
وفي سياق هذا اللقاء الشعري،أكد رئيس بيت الشعر في المغرب، مراد القادري، أن النخب في المغرب وإسبانيا مؤتمنة على الإرث الحضاري المشترك بين البلدين، باعتباره وديعة بين يديها ويتعين أن ترعاها وتصونها.
وقال القادري في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، عشية انعقاد اللقاء الشعري المغربي الإسباني الأول الذي ينظمه بيت الشعر في المغرب وجمعية الصداقة الأندلسية إن «النخب في البلدين هي المؤهلة لتكون النموذج المضيء لباقي الفاعلين الآخرين في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية»، موضحا أن «هذه النخب مؤتمنة على الإرث الحضاري المشترك الذي يظل وديعة بين يديها. إنها مطالبة على الدوام برعاية هذه الوديعة وصيانتها من أي تطرف أو انقطاع».
في هذا الحوار، يسلط مراد القادري، رئيس بيت الشعر في المغرب، الضوء على أهداف هذا اللقاء ودلالة شعاره، ودور البعد الثقافي في تعزيز دينامية العلاقات بين المغرب وإسبانيا، إلى جانب الفرص التي يتيحها التنظيم المشترك لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2030 لخدمة الثقافة والفن بالمنطقة.

 

p ينظم بيت الشعر في المغرب وجمعية الصداقة الأندلسية المغربية، بحر الأسبوع الجاري بالرباط، اللقاء الشعري المغربي الإسباني الأول، ما هو الهدف العام من هذه التظاهرة؟

n نستهدف من هذه التظاهرة تعزيز الحوار الثقافي والشعري والإنساني بين شعراء المغرب وإسبانيا، وخاصة الأندلس، التي لا تجمعنا بها أقدار الماضي فحسب، بل تربطنا بها مصائر جيوسياسية حيوية، وهي المصائر التي من شأنها أن تتقوى، وتنعكس آثارها إيجابا على العدوتين معا، إذا ما تكاثفت جهود التواصل والتفاهم والحوار بين المثقفين والشعراء والفنانين من خلال الاستضافات المتبادلة، والزيارات المنتظمة واللقاءات المشتركة التي تعينهم على فهم أعمق لقضايا الحاضر ورهانات المستقبل. فنحن في بيت الشعر في المغرب نعتقد أن النخب في البلدين هي المؤهلة لتكون النموذج المضيء لباقي الفاعلين الآخرين في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية، كما أن هذه النخب مؤتمنة على الإرث الحضاري المشترك الذي يظل وديعة بين يديها. إنها مطالبة على الدوام برعاية هذه الوديعة وصيانتها من أي تطرف أو انقطاع.

p تقيمون هذه التظاهرة الثقافية تحت شعار «جيران في الشعر». ما الدلالة التي يكتسيها هذا الشعار؟

n المغرب والأندلس جيران من طينة خاصة. جوار يتعدى الجوار الجغرافي، الذي يمكن قهره برؤية أضواء الأندلس من سور المعكازين بمدينة طنجة، بل هو جوار تاريخي وثقافي وشعري، حيث الأندلس تقيم في المغرب في جنائنه وحدائقه وطعامه وموسيقاه وموشحاته وأزجاله، كما هو حال المغرب الذي يسكن عميقا في الأندلس، من خلال تراثه ومعماره وصوامعه وشعرائه ومتصوفيه ونساكه. لذلك، أظن أن اختيارنا لهذا الشعار دليل على رحابة مفهوم الجوار الذي يربط بلدنا بجاره الشمالي، وهي الرحابة التي لا يمكن التعبير عنها إلا شعريا ومن خلال الشعر، الذي لا يعني القصيدة فقط التي انكتبت هنا أو هناك وهاجرت بين الضفتين، ولكن الشعر بما عنوان للالتقاء بهواء الحياة، ملتحما بالإنسان والطبيعة والكون.

p يأتي تنظيم هذا اللقاء بعد أيام قليلة فقط من زيارة عمل رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، للمغرب التي عكست دينامية تعزيز التعاون والشراكة بين البلدين في كافة المجالات. كيف يمكن في نظركم استثمار العمل الثقافي في خدمة وتعزيز هذه الدينامية، سيما في بعدها المتعلق بالعلاقات الثقافية؟

n يبدو أن هذا اللقاء الشعري الأول جاء في وقته، فهو، كما ورد في سؤالكم، ينعقد أياما بعد زيارة رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز إلى بلدنا، مانحا للقائنا الشعري المشترك دلالة بالغة، وكأنه ينقل إلينا رسالة أساسية مفادها أن البعد السياسي لا يكتمل إلا بالبعد الثقافي والشعري، فهذا الأخير هو الكفيل بإعطاء معنى للدينامية السياسية التي انخرط فيها المغرب وإسبانيا، متجاوزين البرودة التي كانت قد طالت العلاقة بين البلدين.
الدينامية السياسية في حاجة إلى سماد. وسمادها هو الثقافة، تلك القوة الناعمة التي بمقدور تعبيراتها ومظاهرها المختلفة أن تحقق التقارب بين الشعوب وتعزز جهود اللقاءات السياسية.

pشدد بلاغ الديوان الملكي الصادر، عقب زيارة العمل هذه، على الآفاق المتفردة للتعاون المفتوحة أمام البلدين الجارين، والتي يمثل التنظيم المشترك – مع البرتغال – لكأس العالم لكرة القدم 2030 رافعة إضافية لتعزيزها. أي فرص يتعين استغلالها بمناسبة هذه التظاهرة العالمية من أجل خدمة التراث والفنون والثقافة للمنطقة؟

n خلال السنوات القادمة، وفي أفق الموعد الكروي الكبير لسنة 2030، ستكون الثقافة، على ضفتي المتوسط، أمام امتحان كبير. إنها مدعوة لاختبار كل طاقاتها وإمكاناتها لتكون رسولا لتعزيز قيم الحوار ليس بين البلدان الثلاث المستضيفة لهذا الحدث الهام (المغرب- إسبانيا- البرتغال) فحسب، ولكن بين الجهات الأربع للمعمور وكذا القارات الخمس التي ستحج إلى الحوض المتوسطي للتباري الكروي. في هذا الإطار، يمكن لنا باعتبارنا نسيجا ثقافيا أن نجعل من هذه اللحظة مناسبة للتعريف بتاريخنا وفنوننا وتراثنا المتوسطي، الذي يحتل التراث المغربي والأندلسي داخله مكانة معتبرة.
لذلك، سيكون نجاح بلدنا مع شريكيه إسبانيا والبرتغال، نجاحا ذا معنى إذا ما تجاوز البعد التنظيمي الصرف، ليقدم نموذجنا الثقافي المتوسطي، الذي انتصر دوما للتعدد والتسامح والإيمان بالاختلاف. وأظن أن المدخل الأنسب لذلك هو التعريف بثقافتنا وحضارتنا الضاربة القدم في التاريخ والتي عاشت بين عدوتي المغرب والأندلس في جو من الود والوئام بين الأديان والثقافات.

 


الكاتب : أجرى الحديث : عبد اللطيف أبي القاسم

  

بتاريخ : 29/02/2024