قبل أن يقدم المغرب، سنة 2007، مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية حلا لنزاع الصحراء، والقاضي بنقل جزء من اختصاصات الدولة المغربية إلى جهة الحكم الذاتي الموسع للصحراء، ليدبر سكانها شؤونهم بأنفسهم بشكل ديمقراطي، بينما تحتفظ الرباط باختصاصاتها المركزية في ميادين السيادة، كان الراحل الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي، الوزير الأول آنذاك، قد صرح في شتنبر 2002 بمطار العيون، بأن المغرب يهيء مشروعا للجهوية بالنسبة للاقاليم الصحراوية من أجل تقديمه للامم المتحدة.
وأوضح اليوسفي بهذا الخصوص “لقد فضلنا البحث عن حل سياسي يسمى الحل الثالث، ويعني بأن المغرب مستعد للتحاور مع مواطنيه المحتجزين في تندوف من أجل التوصل الى اتفاق بخصوص تكوين مؤسسات ذات صلاحية تتيح لسكان الاقاليم الصحراوية إدارة شؤونهم بأنفسهم، كما يحصل في العديد من الدول التي تتوفر على نظام جهوي واسع وعميق، ولكن دائما في إطار السيادة المغربية”.
واعتبر اليوسفي بأنه من الممكن دراسة النموذج الاسباني، وكذلك نماذج بلدان أخرى تنهج مثل هذا النظام الجهوي.
وفي حوار مع جريدة “ليبرتي” الجزائرية، قال اليوسفي “أتمنى معرفة رأي الجزائريين حول قضية الصحراء- وأنا لا أتحدث عن الرسميين- لقد تلقينا العديد من الإشارات والشهادات من لدن الشعب الجزائري الذي يفضل ربط علاقات جيدة مع المغرب على أن يشهد هذا الوضع”.
وذكر الوزير الأول بأن التعاون بين المغرب والجزائر “كانت تشوبه عدة شوائب منذ الاستقلال”، مستدلا على ذلك بمثال السيد بلعيد عبد السلام عضو الحكومة المؤقتة آنذاك الذي كان منذ تنصيب هذه الحكومة يجري اتصالات هاتفية منتظمة مع تيندوف لمعرفة ما إذا كان السكان الذين يقيمون هناك سيستمرون في مواصلة ولائهم للمغرب أو سيكونون إلى جانب الجزائر.
وأوضح عبد الرحمان اليوسفي أن الفرنسيين كانوا حريصين خلال مفاوضات ايفيان على رسم حدود الجزائر “مع حذف الصحراء، إلا أن المغاربة دافعوا عن الوحدة الترابية للجزائر”.
وأكد اليوسفي، في حوار آخر نشرته صحيفة “سود كوتيديان” السنغالية، في 12 أكتوبر 2002، أن المغرب يؤيد “حلا سياسيا” لقضية الصحراء يتيح لأقاليمه الجنوبية التمتع بـ “نوع من الحكم الذاتي” وللدولة المغربية “التنازل عن بعض الاختصاصات” لفائدة هذه الأقاليم.
وأوضح المتحدث أنه “تبين أن الحل المتعلق بإجراء استفتاء في الصحراء المغربية، والذي اقترحته الأمم المتحدة سنة 1988 لايمكن تطبيقه بسبب مناورات البولسياريو”.
وأضاف أن “الأمم المتحدة أصبحت على اقتناع بأنه من غير الممكن تنظيم الاستفتاء بسبب المشاكل المطروحة وأنه يتعين الانتقال الى حل سياسي” مؤكدا أن المغرب “أعطى موافقته على المقترح المقدم من طرف الأمين العام للأمم المتحدة والوسيط جيمس بيكر”.
وقال “إننا نؤيد حلا سياسيا يكمن في منح هذه الأقاليم نوعا من الحكم الذاتي، حيث تتنازل الدولة عن عدد من اختصاصاتها لفائدة الهيئات المنتخبة بهذه الأقاليم”.
إلى ذلك، قال اليوسفي في ندوة بمدينة نظمها الحزب، في السابع من دجنبر 2018، إن “كل الملفات المطروحة للتداول بين المغرب والجزائر يجب أن تناقش بدون طابوهات”، مضيفا: “بلدينا وقادتها ليسوا في حاجة لأية وساطة كي يمتلكوا شجاعة ابتكار حلول لكل المشاكل العالقة بينهما”.
وتابع اليوسفي: “نحن جميعا ملزمون بإبداع الحلول، من موقع الأخوة والتاريخ المشترك، بذات الروح التي ميزت التزام بلادنا وجيل الوطنية والفداء، سواء في دولنا أو مجتمعنا”.
وأضاف: “لا تزال ترن في أذني كلمات أخي الأخضر الإراهيمي، القلقة، والتي قالها بالرباط، وكيف أنه يئسنا كجيل بعد فشلنا في تحقيق حلم المغرب الكبير، وأتمنى أن جيل القادة الجدد في بلدينا سينجزون المهمة تلك، بإصرار ويقين وصبر”.
حين أعلن الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي عن “الحل الثالث” لتسوية نزاع الصحراء
بتاريخ : 06/11/2024