حين يحتضن القلب الموت ويظلّ واقفاً

 

أنا الذي تحدّثتُ مع الصمت
حتى صار صديقي الوحيد،
أنا الذي احتضن الخراب
فزرعتُ فيه بذور الانتظار،
وبين رماد الليالي
نبتت الأحلام المجهضة،
تسير ببطء نحو فجرٍ لم يأت بعد.

أنا الذي يسير على حواف الليل
حاملاً قلبه بلا درع،
يسأل الموت: لماذا تطرق أبوابي؟
ويجيب بصمتٍ أعمق من الكلمات:
لست خائفاً منك،
فقد تعلمت أن أحتفل بالموت
كما يحتفل العاشق بغياب محبوبه.

أنا الذي أحبّ الحياة
على طريقتي الوحيدة:
أن أواجهها لا كضحية،
بل كشاهدٍ ظلّ واقفاً
حين فرّ الجميع،
أنظر إلى الجراح كأنها خريطة
تدلّني على أماكن قلبي التي لم تُقتل بعد،
أضع يدي على كل وجعٍ
وأقول له: سأحملك حتى آخر رمق.

أنا من يبني من الخيبة صرحاً،
ومن الصمت صدىً يوقظ المدى،
أنا من يعرف أن النهاية ليست نهاية،
وأن الموت ليس إلا نافذة،
من خلالها أطلّ على نفسي
وأرى ما تبقّى من الضوء،
من الصوت، من الحلم،
من كل شيءٍ لم يُحرق بعد.

* شاعر من فلسطين


الكاتب : محمد علوش*

  

بتاريخ : 31/10/2025