كنتَ ترى الحرب في الشاشةِ وتخافُ.
تراها خلال لُعبةِ أبناءِ الدربِ وتخافُ.
حربٌ بين كثبانِ الرمادِ ومقبرةِ الخائنين.
كان الموتُ قريباً منا في كلِّ محطةٍ.
كلما عبرتْ رصاصةٌ، حَجَرةٌ. أو فرقعةٌ طائشةٌ في احتفالاتِ عاشوراء.
تنامُ وتعلمُ بسقوطِ الطائراتِ والمُسيِّراتِ على رؤوسٍ نائمةٍ.
والحصيلةُ قتلى وجرحى.
مشوهون ومشرَّدون.
سياراتُ الإسعافِ يحتلُّ صفيرُها الشوارعَ والرؤوسَ.
الحربُ لا أحد ينجو مِنها. لا أحدَ يَبقى.
قِلَّةُ موّادِ التغذيةِ والماء والحُبِّ.
امرأةٌ تحملُ شيئا ما وتجري خلفَ ابنها وتبكي. وتبكي معها السَّماء.
والأرضُ غادرها الماءُ.
ولم يعدْ هناك مكانٌ للحياةِ.
الكلماتُ فقدتْ قدرتَها على الوُقوفِ.
الصمتُ في العيون يرى ويختفي خلفَ خرائبَ فقدتْ مواقعَها في الخرائطِ.
الجنازاتُ نصوصٌ لا سِرَّ لها.
دمٌ. ثوبٌ أبيضُ. وحناجرُ لمْ تعدْ تقوى على الصُّراخ.
ومِنْ نافذةٍ تطلُّ امرأةٌ شهِدتْ احتراقَ جارتِها.
الجرافاتُ تمحو الدَّمار.
ويصّاعدُ من بينِ أسنانِها دُخانٌ وعُصاراتُ أُمٍّ فقدتْ كبدَها
في حربٍ لا هُدنةَ لها.
تتوقَّفُ الألسنةُ والعيونُ.
تصعدُ صفّاراتُ الإنذارِ.
ويخلو الجَوُّ لأطبّاءَ بِلا حُدودٍ. وقُضاةٌ بلا قلبٍ.
تسقطُ خيالاتُ ذكاءِ المِقصّاتِ وأحاديثُ السّاحراتِ.
الغاراتُ نزواتٌ لا تُغيِّرُ شيئاً في جيولوجيا النِّظامِ العالمي للأرضِ والأدبِ. الحربُ مُتعةٌ في الظلامِ.
الحربُ بحرٌ أخفقتْ في تركيبِ موجاتِها. مدٌّ وجزرٌ بينَ جَسدينِ.
إبحارٌ غيرُ مضمونٍ دائماً. ولا أحدَ ينجو من الغرقِ.
تنتهي الحربُ وتبقى امرأةُ النافذةِ تنتظرُ حَبيبَها.
وتنتظرُ ابنَها عائداً بِدونِ حقيبةٍ!
مقطع من «ألواح طينية»