إلى روح الشاعر المقيم في الخاطر: منير بولعيش
حدثني العقرب، قال:
ستجد حالياً صعوبة في التخلي عن طريقة تفكيرك المعتادة، بالرغم من العواقب السلبية التي قد تكون نابعة من الماضي…
أجبت، أولم أجب، فقلت أو لم أقل:
إننا لا نختار طريقة تفكيرنا… ولا نستشار فيما نصير إليه… غير أن الماضي، بيتنا القديم، يتعقبنا حيثما سرنا، أحببنا أم كرهنا…
يا صاحب الصوت الصداح، عذراً إذا رفعت صوتي المبحوح، في ذكراك، وشددت على أن (الماضي لم يفت)…
ولن يفوت مادام اشتياقي إلى مراتع صباي، في بني مكادة القديمة، يلتهب ولا يخبو إلا لما أتجرع من فيض ذكرى الطفولة السعيدة…
يا أصحاب السعادة، رجاءً اسحبوا سعادتكم من تحت قدمي، كي لا يختل توازني وأصبح نادماً على ما كرعت من مباهجكم…
صدقني أيها العقرب، لا ترهبني العواقب السلبية التي قد تكون نابعة من الماضي، كما نجمّت وبصّرت… وتخيفني تلك السموم المدسوسة في عسل الأيام والليالي التي لم تسقط أوراقها بعد. لذلك تراني لائذاً بلحاف الأيام المسلوبة من عمرنا…
وحيث إن النجم بشرهم، بني «فكرون»، بنصر وتمكين، آن لنا أن نلزم قوقعة الأمس الشاهد على عدم «ضمس» أوراق اللعب التي خرجت لهم باباً أوسع من أحلامنا المجهضة…
ربّتي على ظهري أيتها العصافير التي تحمل أحلامها معها إلى أبعد من قبضتهم، بني «قُفيْزة»… وخبّري السنديان بأن «الكرزيانة» العتيقة دكت ونبت في مكانها شر كبير، وأن عين «قشقاش» لم يبق منها سوى القش الذي لم يجد بعيراً يقصم ظهرها…
غداً، أو بعد غدٍ، أنا على موعد مع (التاريخ)، أدخله من أضيق الأبواب أو يلفظني من أوسعها…
وتخيلوا معي هذه المعادلة المقلوبة التي تتخللها عدة مجاهيل، وعلي أن أعرّفها وأبنيها للمعلوم، إذا أردت أن أمرّ إلى الطابق الموالي حيث الماء يسيل ولا يصيب بالبلل… بلل يا سيدي بوشتى الله يرحمك و»يشبشب» التربة من تحت رأسك المستسلم للنوم الخالد… خالد ذكرك أيها الراحل العزيز الذي علمنا كيف لا نصدق المدينة، ونطلق سيقاننا للقصيدة تحملنا خارج أسراب الطيور المحنطة… طوبى لنا.
نلتقي !