خبراء وباحثون ودبلوماسيون يتدارسون موضوع الدبلوماسية الموازية والذكاء الاصطناعي والفن والثقافة

أجمع خبراء وباحثون ومختصون على أن الذكاء الاصطناعي إيجابي في عصرنا الحالي لما له من مزايا عديدة في مجالات شتى، ويمكنه تغيير الحياة على أكثر من صعيد ودفع عجلة التطوير والتحديث على عدة مستويات. ومع ذلك، فإنه يحتوي على مخاطر تستدعي الانتباه إليها وتحديد كيفية التعامل معها لتجنب العواقب الوخيمة التي قد تترتب على الإنسانية ومستقبلها.
وأكد المشاركون في ندوة دولية افتتاحية على هامش الدورة الثالثة عشرة للمهرجان الدولي لسينما الذاكرة المشتركة بالناظور، يوم 6 نوفمبر 2024، أن الدبلوماسية الموازية، التي يمكن أن تكون برلمانية، ثقافية، أكاديمية أو مدنية (وتعرف أيضًا بالدبلوماسية الناعمة)، هي دبلوماسية مكملة للدبلوماسية الرسمية، حيث يسعيان معًا للدفاع عن المصالح العليا للبلاد.
وأشار المشاركون إلى أن الذكاء الاصطناعي يمثل أداة مثلى في خدمة الدبلوماسية الموازية للوصول إلى أهدافها النبيلة، ويمكنه أن يساعد بشكل استباقي في العديد من القضايا مثل تحليل البيانات وإعداد المعلومات اللازمة للتفاوض، فضلًا عن وضع الخطط والاستراتيجيات الدقيقة لتحقيق الأهداف المنشودة.
وأكد متدخلون في الندوة أنه في الماضي كان من يملك النفط هو المتحكم في العالم، أما اليوم فإن من يمتلك الذكاء الاصطناعي سيكون هو من يتحكم في مسارات العالم.
وأوضح عبد السلام الصديقي، رئيس المهرجان، في افتتاح الندوة، أن اختيار موضوعها مستلهم من الخطاب الملكي السامي لافتتاح البرلمان، الذي دعا فيه إلى مساهمة الأحزاب السياسية والنقابات والمجتمع المدني في الدبلوماسية الموازية كمكمل للدبلوماسية الرسمية، مستعرضًا جزءًا من هذا الخطاب أمام الحضور.
وتساءل الصديقي عن مفهوم الدبلوماسية الثقافية، معتبرًا إياها ركنًا أساسيًا للبلدان التي تستخدم الثقافة كوسيط لتحسين وتطوير العلاقات الدولية وتعزيز الأمن والسلام.
وبالنسبة للذكاء الاصطناعي، أكد الصديقي أنه يسهل عملية التواصل، ومع كونه اكتشافًا رائعًا، إلا أن من الضروري أن نكون واعين بالمخاطر والتحديات المرتبطة به.
أما رئيس البرلمان الأنديني فقد أشاد بالدبلوماسية المغربية ودورها الهام الذي أتاح للمغرب أن يكون له صوت عالمي وتأثير مستقبلي واضح. كما عبّر عن اعتزازه بتواجده في المغرب ومشاركته في مهرجان الناظور، مشيرًا إلى زيارته لمدن مغربية مختلفة منذ عام 1986، وأثنى على التقدم الذي حققه المغرب على مر السنين.
من جهته، أكد الدكتور والمفكر العراقي عبد الحسين شعبان أن مهرجان الناظور يعد مثالًا بارزًا على الدور الإيجابي للثقافة والفن في مجال الدبلوماسية، حيث جمع العديد من المثقفين والفنانين والإعلاميين من مختلف أنحاء العالم.
وأبرز شعبان على أن الدبلوماسية تعبر عن المصالح الخارجية للدولة في علاقة بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية، مؤكدا من جهة أخرى على أن الذكاء الاصطناعي لابد له من عملية تقنين وضوابط أخلاقية وإلا كانت له عواقب وخيمة على الإنسانية ومستقبلها، وساق مثالا صارخا في هذا الإطار حيث يتم استعمال الذكاء الاصطناعي حاليا في مجال الحروب (أوكرانيا، وغزة ولبنان).
وشدد المفكر شعبان على أن الذكاء الاصطناعي اليوم له سلطة ويعطي قوة، لذلك من يمتلكه سيكون له تأثير على مسارات العالم، ومن يسيطر على النفط يمكن أن يسيطر على العالم، لكن الآن يقول شعبان أن من يملك الذكاء الاصطناعي يسيطر على العالم، وحذر الدكتور شعبان من أن للذكاء الاصطناعي وجهين، وجه إيجابي ووجه خطير، مشيرا في نفس الوقت إلى أن الذكاء الاصطناعي يفيد كثيرا في المفاوضات.
واستعراض الدبلوماسي والسفير المغربي عبد الوهاب البلوقي التعاريف المتعددة للذكاء الاصطناعي بحيث ذكر على أن هذا الأخير له أكثر من خمسمائة تعريف، وهو علم من علوم الحاسوب، وأبرز مظاهر هذا الذكاء الاصطناعي التعلم العميق، وتطوير نفسه ذاتيا دون تدخل الإنسان، ثم الذكاء الاصطناعي الضعيف أو الضيق، حيث يتم تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي لمهام ضيقة، بالإضافة إلى الذكاء الاصطناعي العام فضلا عن الذكاء الاصطناعي الخارق الذي هو ذكاء نوعي وعلمي يتجاوز الذكاء البشري، والجهود البشرية لحد الآن لم تصل بعد إلى نتائج كبيرة في هذا المجال.
وفي ما يتعلق بالعلاقة ما بين الذكاء الاصطناعي والدبلوماسية وكيفية دعم وظائفها، حددها السفير البلوقي في التواصل والتفاوض، موضحا في هذا الصدد أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحسن الديبلوماسية الرسمية ويحسن أيضا الاستعداد للتفاوض ثم في تحليل البيانات وتحضير المعطيات بسرعة فائقة في ما يتعلق بقضايا ديبلوماسية، بالإضافة إلى تقديم تحليلات تنبؤية عبر إنذارات مبكرة، إدارة الأزمات واحتوائها ، خطورة الأحداث ، تحسين الاتصال بين الأطراف المختلفة، فضلا عن فهم الظروف الثقافية والحساسية السياسية وصياغة الرسائل والاستراتيجية والتقليل من الأخطاء الدبلوماسية كما يفيد الذكاء الاصطناعي في المهام الروتينية، كبرمجة الاجتماعات وتحضيرها، محذرا من تفويض اتخاذ القرار للذكاء الاصطناعي، لأن ذلك يشكل خطأ فادحا.


الكاتب : عبد الحق الريحاني

  

بتاريخ : 11/11/2024