أكد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، يوم الجمعة الماضي، أن معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات يعد إنجازا عظيما في معناه وأهدافه. وقال أحمد التوفيق في كلمة ألقاها بين يدي أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، بمناسبة تدشين جلالته مشروع توسعة معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، إنه “إنجاز عظيم من إنجازاتكم الرائدة في معناها وأهدافها (…) فمنذ إحداث المعهد وسمعته تطبق الآفاق، فلا يمضي أسبوع وإلا وحجت لزيارته الوفود، ولاسيما من الدبلوماسيين والإعلاميين الأجانب، وكذا من الشخصيات المرموقة التي تأتي في زيارات رسمية للمملكة الشريفة”. وأوضح التوفيق أن المعهد صار بحق “عنوانا من عناوين وفائكم لشروط الإمامة العظمى، وعلامة بارزة على النهج الأمثل الذي رسمتموه لتبليغ حقيقة الدين وحمايته من الجاهلين والمنتحلين والمتطرفين”، مضيفا أن جلالة الملك أبى إلا أن يتم إدراجه ضمن مؤسسات جامعة القرويين في إصلاحها الجديد. وأبرز الوزير أنه وبأمر من أمير المؤمنين، تم إحداث هذا المعهد النموذجي الذي يستقبل أفواجا من الطلبة الأجانب بقصد التكوين في الإمامة والإرشاد، مضيفا أنه “على أساس خبرة جلالة الملك العميقة بالوضع الدولي الذي يواجه فيه عدد من البلدان الإرهاب بلبوس الدين، وعلى أساس تضامن جلالته مع البلاد الإفريقية خاصة، أمر أمير المؤمنين بالزيادة في طاقة استقبال المعهد في توسعة ثانية، ثم في توسعة ثالثة”. وحسب التوفيق، فإن المعهد يستقبل كل عام نخبة من مئة وخمسين من الشبان المغاربة الحاملين للإجازة بتميز، والحافظين حفظا تاما للقرآن الكريم، قصد تكوين لمدة اثني عشر شهرا، يؤهلهم ليكونوا أئمة مرشدين معينين لبقية الأئمة في مهامهم، كما يستقبل المعهد إلى جانب هؤلاء كل عام، مئة من الطالبات، بنفس المواصفات الجامعية، مع حفظ نصيب معين من كتاب الله العزيز، قصد التكوين في نفس المدة وبنفس المقرر الدراسي، ليتأهلن للعمل كمرشدات في المساجد وفي مختلف المؤسسات التربوية والاجتماعية، لتبليغ الدين والاستجابة لأسئلة النساء خاصة. وأضاف أن مضمون التعليم في المعهد يشمل تكملات في العلوم الشرعية واللغوية ومداخل للعلوم الإنسانية، كما يتضمن دراسات منهجية وتطبيقات عملية على الإمامة والخطابة والوعظ، تهتدي كلها بالقصد المتمثل في تصحيح معارف الدين بمقتضى الثوابت الحامية من الغلو والتطرف. ويؤطر هذا التكوين، يضيف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، ثلة من العلماء الذين يسيرون على هدى الإمامة العظمى في حماية الدين، الواعين بالسياق العصري الذي يتطلب فهم الأحوال وتوعية الناس بالاختيارات التي تنخرط فيها الأمة، مع حفظ دينها ووحدتها في توافق مع مسيرتها في الرقي والتنمية. وقال التوفيق، إنه وبأمر من جلالة الملك، بصفته أميرا للمؤمنين والقائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، تم في المعهد إحداث قسم خاص لتكوين الأئمة المرشدين المرشحين للتأطير الديني في صفوف القوات المسلحة الملكية، موضحا أن عدد طلبة هذا الفوج مئة طالب، حيث تم بالتنسيق مع القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية إعداد مشروع دليل لكافة المؤطرين الدينيين في صفوف هذه القوات، سيعرض قبل النشر على النظر السديد لجلالة الملك. وأشار من جهة أخرى، إلى أن تكوين الأئمة من البلدان الأجنبية، يشمل تكوينا أساسيا وتكوينا قصير المدى، مضيفا أن الجميع يشهد بأن فتح هذا التكوين بالمعهد ابتكار من جلالة الملك، تتأكد في أنحاء العالم على الصعيدين الرسمي والشعبي الإشادة به وفهم مراميه وأبعاده. وحسب وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، فقد استقبل المعهد طلبة للتكوين من كل من مالي وغينيا كوناكري وكوت ديفوار وتونس وفرنسا ونيجيريا والتشاد. حيث تخرج من المعهد من طلبة هذه البلدان لحد الآن، 712 إماما ومرشدة في التكوين الأساسي التحقوا ببلدانهم. كما استفاد من دورات التدريب القصير الأمد الخاص بالأئمة العاملين في المساجد، 35 من الغينيين و33 من الفرنسيين و107 من النيجيريين و79 من التشاديين و37 من التونسيين، بينما يبلغ عدد الأجانب الموجودين حاليا بالمعهد 778 طالبا. وأبرز التوفيق أن تفويج الطلبة يتم حسب بلدانهم، ويتلقون نفس التكوين في العلوم الشرعية والعلوم الإنسانية، يضاف إليه بالنسبة لطلبة كل بلد، درس في تاريخ ذلك البلد ومؤسساته، يؤطره مدرس من البلد المعني.
خريجون أفارقة يثمنون جهود أمير المؤمنين
أشاد عدد من الطلبة الأفارقة خريجو معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، بجهود أمير المؤمنين، جلالة الملك محمد السادس، من أجل النهوض بقيم الوسطية والتسامح التي يتميز بها الدين الإسلامي الحنيف.
وأكد الخريجون على أهمية المناهج والدروس التي استفادوا منها خلال فترة تكوينهم بالمعهد، والتي تشدد على الانتصار لقيم الوسطية والتسامح والاعتدال والاعتراف بالآخر ونبذ الكراهية والعنف والتطرف.
وفي هذا السياق، أكد سيكو حبيب الشريف (غينيا)، أنه وقف من خلال التكوين الذي استفاد منه بالمعهد، على مدى سنتين، “على أن هذا الدين هو دين الوسطية ونبذ الفرقة والتشتت والتشرذم”، مضيفا أنه “قد يكون المتدين مسيئا ولكن الدين الصحيح يدعو إلى التسامح والاعتراف بالجانب الآخر”. وأكد أنه سيعود بعد التخرج إلى بلده “لتطبيق ما تلقاه من تعاليم سمحة ومنصفة لكل ذي عقل”.
وأعرب حبيب الشريف عن شكره العميق لجلالة الملك محمد السادس، “الذي أتاح له الله تعالى بناء هذا المعهد ليجمع فيه أبناء العالم الإسلامي، حتى يبرز الدين في زيه وحلته الصحيحة، نشكره على هذا، ونتضرع إلى الله بأن يطيل في عمره ويؤلف به بين قلوب المسلمين”.
ومن جانبه أعرب عبد الرحيم الشيخ باه، الذي يعد من طلبة ثاني فوج قادم من مالي، عن اعتزازه بالتكوين الذي استفاد منه بمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات.
وأوضح في هذا الصدد بأن عناصر الفوج تلقوا “علوما قيمة، وعرفنا في هذه الدروس الدين الصحيح والدين الحق، دين الأخوة والتآخي” معبرا عن شكره وتقديره لجلالة الملك على إحداث “هذا المعهد الذي يخدم الإنسان وعلاقته بدينه، كما أمر الله سبحانه وتعالى”.
ومن جهته، نوه أحمد محمد سال إبراهيم، أحد أعضاء الفوج التشادي الأول، الذي حل بالمغرب سنة 2016، بأهمية وجودة التكوين الذي استفاد منه بالمعهد.
وأوضح أن التكوين يمكن من الوقوف على حقيقة “الإنسان المسلم والإسلام الوسطي، وهو النهج الذي جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكذا نهج السلف الصالح”، مضيفا أن الأمر يتعلق بـ”تكوين بعيد عن التطرف والغلو والتشدد”.
أما فاطمتو سوما (غينيا كوناكري)، فأكدت من جهتها، سعادتها بالاستفادة من التكوين بمعهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، والذي قالت إنها وقفت من خلاله على حقيقة وسطية وتسامح الإسلام..
ويعد مشروع توسعة المعهد استجابة فعلية للطلبات المتزايدة، المعبر عنها من طرف عدد من البلدان، الشقيقة والصديقة، الراغبة في الاستفادة من التجربة المغربية الناجحة في مجال التأطير الديني. وقد أعد الشطر الثالث من معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، الذي شيدته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وجهزته بمبلغ 165 مليون درهم، وذلك على مساحة قدرها 10 آلاف متر مربع، من أجل استيعاب الأعداد المتزايدة من طلبة الدول الشقيقة والصديقة الراغبة في الاستفادة من سلك التكوين الأساسي واستكمال التكوين بالمعهد. وتشمل توسعة الشطر الثالث عددا من المرافق، أهمها جناح بيداغوجي يحتوي على قاعات للتدريس والمعلوميات تضم 640 مقعدا، ومدرج كبير على مساحة 2500 متر مربع يتسع لحوالي 1100 مقعد، وجناح للإقامة يضم نحو 350 سريرا. ويعتبر هذا الشطر الثالث امتدادا للشطرين الأول والثاني اللذين سبق تدشينهما من طرف أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس، في 27 مارس 2015، والمتكونين من جناح بيداغوجي يتسع لـ1000 مقعد وإقامة سعتها 700 سرير. وهكذا، سيسمح هذا الشطر بالرفع من عدد المقاعد البيداغوجية من 1000 إلى 2380 مقعدا، ومن الطاقة الاستيعابية لمجموع الإقامات من 700 إلى 1050 سريرا. ويعهد إلى المعهد بتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات، تكوينا يؤهلهم للقيام بمهمة تبليغ أحكام الشريعة الإسلامية، وبيان مقاصدها وإبراز سماحتها ووسطيتها واعتدالها، والمساهمة في الحفاظ على الوحدة الدينية للمجتمع وتماسكه ضمن ثوابت الأمة، والمشاركة في الأنشطة الدينية والتربوية والثقافية. وتناط بالمعهد أيضا، مهمة تكوين وتأهيل واستكمال تكوين القيمين الدينيين الأجانب، حيث يوفر نوعين من التكوين، هما تكوين أساسي مدته سنة للطلبة المغاربة، وسنتان لطلبة إفريقيا، وثلاث سنوات للطلبة الفرنسيين، إلى جانب تكوين قصير المدى ومدته ثلاثة أشهر على الأقل، يستفيد منه الأئمة المزاولون للإمامة والخطابة في بلدانهم، والذين يقصدون المعهد لاستكمال الخبرة وتعميق الفهم والمكتسبات. ويفتح التكوين الأساسي للمغاربة في وجه حملة الإجازة، المسلمة من إحدى الجامعات المغربية أو شهادة أخرى معادلة، الذين لا تتعدى سنهم خمسا وأربعين (45) سنة والحافظين لكتاب الله كاملا بالنسبة للطلبة الأئمة، ولنصفه على الأقل بالنسبة للطالبات المرشدات، المتمتعين جميعا بالحقوق المدنية، المتصفين بأخلاق حميدة والمتوفرين على القدرات البدنية اللازمة. ويعد هذا التكوين اللبنة الأولى في تأهيل الأئمة المرشدين والمرشدات، بما يكفل تطوير التوعية الدينية وتوجيه الوعظ وتحسين الإرشاد الديني. وهو تكوين لم يعرف المغرب له مثيلا من قبل. ويروم تكوين الأئمة المرشدين والمرشدات تمكين حاملي شهادة الإجازة أو ما يعادلها من العمل في مجال الإمامة والخطابة والوعظ والإرشاد، والتدريب على التطبيق العملي للمعلومات النظرية المقررة في البرنامج، والتعرف على ظروف العمل وشروطه وضوابطه في ضوء الرسالة المنوطة بهم. كما يتوخى هذا التكوين التعود على طبيعة العمل والإيمان به لقداسته وأهميته والتشرف بالانتساب إلى سلك العاملين به، والتنمية العلمية والعملية للأئمة المرشدين والمرشدات، وتزويدهم بالمهارات التي تؤهلهم لتكوين أئمة آخرين. ويهدف من جهة أخرى، إلى تكوين أئمة مرشدين ومرشدات من أهل الورع والتقوى والاستقامة فضلا عن العلم والدراية بشؤون الدين ومستجدات العصر، قادرين على المساهمة في استتباب الأمن الروحي والطمأنينة في نفوس المواطنين وتنزيه المسجد من كل ما قد يخل بحرمته. ويشتمل برنامج الدراسة على دروس نظرية ومحاضرات وندوات وأيام دراسية وتداريب تطبيقية، حيث يتضمن التعليم النظري مواد في العلوم الشرعية ومداخل للعلوم الإنسانية الضرورية واللغات والإعلاميات. وبأمر من أمير المؤمنين، جلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، تسهر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية على تكوين الأئمة المرشدين المرشحين لتأطير الجنود في صفوف القوات المسلحة الملكية، كما تقوم، تنفيذا للأمر المولوي السامي، بتنظيم دورات تأهيلية للمؤطرين الدينيين العاملين في صفوف هذه القوات، وذلك بتنسيق تام مع المصالح المختصة في القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية. وفي سياق الحرص على تعزيز التأهيل والترشيد للقائمين بالتأطير الديني داخل المؤسسة العسكرية، تم إعداد مشروع دليل لهؤلاء المؤطرين يذكر بالمبادئ العامة للإمامة والإرشاد الديني في إطار ثوابت المملكة المغربية، ينتظر أن تتم المصادقة عليه. وتعزيزا للروابط الأخوية الوثيقة ولعلاقات التعاون المتميزة التي تجمع المملكة ببلدان شقيقة وصديقة، يحتضن المعهد، بالإضافة إلى تكوين الأئمة المرشدين والمرشدات المغاربة، تكوينا خاصا بأئمة أجانب من دول إفريقية وأوروبية وغيرها. وقد استفاد من التكوين الأساسي والمستمر بالمعهد 1490 طالبا أجنبيا، منهم 65 طالبة مرشدة أجنبية موزعين على دول منها مالي (399)، غينيا (311)، كوت ديفوار (294)، اتحاد مساجد فرنسا (65) والسنغال (139). كما استفاد من دورات استكمال التكوين المستمر كبار الأئمة الغينيين البالغ عددهم 35 إماما، اتحاد مساجد فرنسا (24)، نيجيريا (107)، تشاد (79) وتونس (37). وتم تسليم شهادات استفادتهم من استكمال التكوين والتكوين المستمر بالمعهد. وينظم المعهد، بتنسيق مع المكتب الوطني للتكوين المهني، أطوارا قصيرة للتكوين المهني في شعب الكهرباء والخياطة والفلاحة والإعلاميات، يؤطرها أساتذة من المكتب، حيث استفاد من هذا التكوين 301 من الطلبة.