خلافا لتمظهرات «اللامسؤولية « المستفحلة في عدد من الحواضر : ساكنة مناطق جبلية فقيرة .. نموذج مميز في الصبر على الشدائد رغم وطأة التداعيات القاسية لـ «الحرب» ضد كورونا

خلافا لما هو عليه الحال في عدد من الحواضر- باختلاف مكانتها الاقتصادية وكثافتها السكانية – التي تعيش على إيقاع استفحال سلوكات «اللامسؤولية» والتهور الصادرة عن يافعين وغيرهم، دون اكتراث بعواقب «التراخي» في ما يخص التعاطي مع التدابير الحمائية تجاه تفشي جائحة كورونا ، يلمح المنشغل ب « المستجدات المجتمعية»، التزاما ملحوظا بالإجراءات الموصى بها من قبل ساكنة المجال القروي في أكثر من جهة ، لدرجة الاجتهاد في تغيير بعض المسلكيات المعتادة حتى تتكيف مع صرامة الإكراهات المتولدة عن حالة الطوارئ الصحية الاستثنائية.
تكيف يظهر بجلاء على مستوى التسوق واقتناء ضروريات المعيش اليومي، «حيث يحرص أغلب المتسوقين – تعلق الأمر برمضان أو باقي الشهور- على ارتياد الأسواق الأسبوعية بشكل مبكر لتفادي كل من ما شأنه التسبب في الازدحام، علما بأن «البيكوبات» والشاحنات باتت تجول باستمرار بين المداشر لتزويد قاطنيها بحاجياتهم من خضراوات وفواكه وغيرها «تفيد أصداء واردة من إحدى الجماعات القروية المحسوبة على النفوذ الترابي لإقليم تارودانت، لافتة إلى أنه «رغم شساعة المنطقة وطول المسافة الرابطة بين هذا الدوار أو ذاك، فإن غالبية الساكنة حريصة على التقليل من تنقلاتها، باستثناء الخروج الاضطراري لقضاء غرض إداري عاجل بمقر الجماعة أو الدائرة، أو اقتناء دواء لمريض لا تتحمل حالته الصحية المماطلة». نفس الأمر ينطبق على الأنشطة الفلاحية المختلفة داخل الحقول، حيث يجتهد الجميع من أجل إنهاء العمل في وقت محدد لتجنب العودة المتأخرة إلى البيت.
وضع باعث على التقدير، حقا، استحضارا لما تعيشه شوارع وأزقة وفضاءات العديد من المدن – كما تجسد ذلك مشاهد مقلقة بالصوت والصورة يتم تداولها يوميا – من تمظهرات فاضحة لمسلكيات تستصغر مخاطر تفشي الفيروس الفتاكة؟
حقيقة صادمة يعاينها المرء يوميا في الأسواق وعلى متن وسائل النقل المختلفة بعاصمة المتناقضات/ الدارالبيضاء، كنموذج، في «الطرامواي – حافلات النقل الحضري – سيارات الأجرة..»، حيث بات ارتداء «الكمامة»، مثلا، بالنسبة لعدد من الأشخاص من مختلف الفئات العمرية ومن الجنسين، سلوكا غير ذي معنى؟
أكثر من ذلك، عادت التجمعات لتؤثث بعض الحدائق وغيرها من الأماكن، كما هو حال بعض الفضاءات القريبة من مؤسسات تعليمية إعدادية وتأهيلية، والتي تضم عشرات التلاميذ في شكل «حلقات « للهرج والمرج، خاصة أثناء «الساعات الفارغة» بين الحصة الدراسية والأخرى؟
وارتباطا بسياق المسلكيات «المعيبة» ذاتها، صارت العديد من الأحياء السكنية، هذه الأيام، تعيش على إيقاع الضجيج الناجم عن تجمعات مدمني المخدرات، والتي تبدأ في التشكل مباشرة بعد الإفطار وإلى ساعة متأخرة من الليل، دون استيعاب لجسامة ما يسببه هذا النوع من «التصرف البلطجي» من أضرار مادية ومعنوية لساكنة الجوار؟
إن ما يتواتر من أخبار بشأن «مسلكيات اجتماعية» مسؤولة ومستوعبة لخطورة المرحلة الراهنة العصيبة – تطبع يوميات ساكنة عدد من الجماعات القروية الجبلية – تفرض قراءة متأنية من قبل كافة المنشغلين بـ «أحوال المجتمع»، كل طرف من منطلق اختصاصه، وذلك في أفق استخلاص ما تحبل به من دلالات عميقة ودروس ثرية في الصبر على الشدائد من أجل الصالح العام، مقارنة مع ما يلاحظ من تصرفات أقل ما يمكن أن تنعت به هي «التهور»، والتي ازدادت وتيرة «اقترافها»، مؤخرا، في العديد من المدن بشكل مريب، يسائل أكثر من جهة، بداية من الأسر، التي تخلت غالبيتها، عن مسؤوليتها التربوية / التأطيرية الحاسمة؟


الكاتب : حميد بنواحمان

  

بتاريخ : 27/04/2021