خلال جلسة المناقشة العامة لمشروع قانون المالية : عبد القادر الطاهر: ميزانية 2026 غير عادلة وغير منصفة وتعتمد على ضرائب تثقل كاهل المواطنين

سلوى الدمناتي: الحكومة أنهكت المواطن وبددت الوعود… والمغرب يتذيل المؤشرات الدولية في ولايتها

 

أكد النائب البرلماني عبد القادر الطاهر، عضو الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بمجلس النواب، أن أرقام مشروع قانون المالية لسنة 2026 تظهر أن 40 في المائة من إيرادات الميزانية تأتي من الضرائب المباشرة، وهي الضريبة على الدخل والقيمة المضافة والضريبة على الشركات، في حين أن 60 في المائة من الإيرادات تأتي من الضرائب غير المباشرة، وعلى رأسها الضريبة على الاستهلاك الداخلي والرسوم الجمركية.
وشدد النائب الاتحادي، في مداخلته خلال جلسة المناقشة العامة لمشروع قانون المالية بلجنة المالية والتنمية الاقتصادية، الأربعاء 29 أكتوبر، على أن الضريبة غير المباشرة هي ضريبة عمياء تُفرض على جميع المغاربة والمستهلكين دون تمييز، مما يجعلها تثقل كاهلهم وتزيد من الأعباء المعيشية على الفئات المتوسطة والضعيفة.
وأوضح عبد القادر الطاهر، أن هذه الميزانية تبقى غير منصفة وغير عادلة، لأن تمويلها يعتمد أساسا على الضرائب غير المباشرة بدل الضرائب المباشرة، مشيراً إلى أنه رغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتوسيع القاعدة الضريبية، فإن بعض التدابير ما تزال غير عادلة، داعياً إلى إخضاع ذوي الدخل المرتفع إلى الضرائب بشكل منصف ومتوازن.
وأضاف النائب البرلماني أن الميزانية استفادت من ارتفاع الأسعار والتضخم، ما مكنها من تحقيق مداخيل مهمة وعائدات قوية، لكنها جاءت على حساب الطبقة المتوسطة التي تضررت من غلاء المعيشة وارتفاع تكاليف الاستهلاك.
وأشار إلى أن هناك ارتفاعا مقلقا في نفقات التسيير بنسبة بلغت 100 في المائة، مبرزا أن هذا المعطى يتناقض مع مضامين المذكرة التوجيهية لرئيس الحكومة التي دعت إلى تقليص نفقات التسيير، في حين ينص مشروع قانون المالية على زيادة في نفقات المعدات والعتاد.
وفي ما يتعلق بالتمويل، كشف عبد القادر الطاهر أن المغرب سيقترض 123 مليار درهم لتلبية الاحتياجات المتبقية لتمويل الميزانية، معتبرا أن ارتفاع الديون سيثقل كاهل الدولة ويؤثر على توازناتها المالية المستقبلية.
وانتقد النائب الاتحادي كذلك العلاقة السلبية بين المؤسسات العمومية والدولة، مشيراً إلى أن التحويلات المالية نحو هذه المؤسسات «تبقى غير مراقبة ودون أجندة محددة، في غياب تام للشفافية والنجاعة في التتبع».
كما نبه إلى تفاقم العجز التجاري نتيجة ضعف الصادرات وارتفاع الاستيراد، مبرزا أن الحكومة لم تتخذ أي إجراءات لتثمين المنتوج الوطني أو الرفع من الإنتاج المحلي بما يحد من التبعية للخارج.
وخلص عبد القادر الطاهر في ختام مداخلته إلى أن الحكومة الحالية ستترك إرثا ثقيلا ومعضلات اقتصادية واجتماعية يعاني منها المغاربة، بسبب عدم امتلاكها الجرأة والقدرة والشجاعة في الإصلاح.
من جهتها، وجهت النائبة البرلمانية سلوى الدمناتي، عن الفريق الاشتراكي، خلال مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2026، انتقادات قوية للحكومة، معتبرة أن الولاية الحالية وصلت إلى نهايتها بحصيلة مثقلة بالغلاء والبطالة وخيبة الأمل، بعد أربع سنوات من الشعارات التي رفعتها حول الدولة الاجتماعية والإقلاع الاقتصادي وتحسين القدرة الشرائية. وأكدت أن هذه السنة المالية تمثل لحظة تقييم سياسية حقيقية لا موسماً جديداً للوعود، مشيرة إلى أن المواطنين يتساءلون اليوم عن مصير الوعود التي أطلقتها الحكومة منذ سنة 2021، من قبيل مليون منصب شغل، ومنح 2000 درهم عند أول ولادة، و2000 درهم للمسنين فوق 65 سنة، إلى جانب مشاريع «طبيب الأسرة» و»بطاقة المريض» وغيرها من الوعود التي لم تجد طريقها إلى التنفيذ.
وأوضحت الدمناتي أن المغرب في ظل هذه الحكومة تراجع إلى مراتب مقلقة في مختلف المؤشرات الدولية، إذ يحتل المرتبة 123 في التنمية البشرية، و154 في جودة التعليم، و94 في الصحة، مبرزة أن 76 في المائة من الأسر المغربية تدهور مستواها المعيشي، وأن 10 في المائة منها لم تعد قادرة على الادخار، فيما بلغت نسبة البطالة 13 في المائة، ورغم تراجعها الطفيف إلى 12.8 في المائة فإنها تبقى رقماً قياسياً في تاريخ البلاد. وأشارت إلى أن 331 ألف طفل يغادرون المدرسة سنوياً، وأن شاباً من بين كل ثلاثة شباب عاطل عن العمل، فضلاً عن وجود مليون ونصف شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة لا تعرف الحكومة عنهم شيئاً، لا من حيث الدراسة ولا من حيث الشغل.
وقالت النائبة إن منظومة التكوين المهني تحتاج إلى إصلاح جذري، لأن العديد من الأسر تضحّي بالكثير لتعليم أبنائها في مؤسسات خاصة، ليجدوا أنفسهم في النهاية عاطلين عن العمل. وأضافت أن مختلف فئات الشعب نزلت إلى الشارع للاحتجاج، من أطباء وأساتذة ومحامين ومفوضين قضائيين وموظفي جماعات ومتقاعدين وشباب، معتبرة أن شعار الحكومة حول العناية بالمواطن من المهد إلى اللحد أصبح مفارقة مؤلمة، بعدما شهد المغرب لأول مرة مسيرات مشياً على الأقدام من قرى ومناطق نائية في اتجاه العمالات والولايات، بينما غاب المنتخبون المحليون عن الإنصات إلى هذه الفئات.
وانتقدت الدمناتي لجوء الحكومة إلى الصفقات التفاوضية لتصريف 40 مليار درهم مخصصة لقطاع الصحة من أصل 140 مليار خصصها جلالة الملك لقطاعي الصحة والتعليم، بدعوى الحالة الاستعجالية، مشيرة إلى أن الاستعجال الحقيقي هو حالة ضحايا زلزال الحوز الذين مازالوا إلى اليوم ينامون في الخيام بعد ثلاث سنوات. وأضافت أن هذه الصفقات غالباً ما تُسند لشركات معروفة مسبقاً، وبأثمان لا يقبلها المنطق السليم، مطالبة بالشفافية ومكافحة الفساد الذي قالت إن مؤشره ارتفع بـ43 نقطة بين سنتي 2018 و2023 حسب تقرير الهيئة الوطنية للنزاهة ومحاربة الرشوة.
وأكدت أن الجماعات المحلية بدورها تعاني من الريع والصراعات السياسية وضعف المردودية، بينما المشاريع الكبرى تُنجز تحت إشراف مباشر من الولاة والعمال، كما هو الحال في مدينة طنجة، موجهة التحية إلى رجالات وزارة الداخلية على مجهوداتهم. وتساءلت النائبة بشأن 27 ألف منصب شغل التي سيخصص منها 8000 لوزارة الصحة، عن الكيفية التي ستوفر بها الحكومة الموارد البشرية اللازمة، مشيرة إلى أن كليات الطب ومعاهد المهن الصحية لا يمكن أن تخرج هذه الأعداد في مدة قصيرة، وأن الاعتماد على مراكز التكوين الخاصة غير كاف ما لم يتم اعتماد شهاداتها رسمياً.
كما شددت على أن المقاولات الصغيرة جداً والمتوسطة تمثل الدينامو الحقيقي للاقتصاد الوطني، داعية إلى مواكبتها بالإعفاء من الضرائب والضمان الاجتماعي في سنواتها الأولى، وتمديد برامج الإدماج والتحفيز لأكثر من سنتين حتى تتمكن من تحقيق الاستقرار. وانتقدت في المقابل عدداً من الشركات الأجنبية المستفيدة من امتيازات ضخمة دون أن توفر فرص عمل كافية، معتبرة أن الاستثمار ينبغي أن يكون نوعياً لا كمياً فقط. كما نبهت إلى مخاطر القانون الفرنسي الجديد الذي يمنع شركات مراكز النداء من العمل خارج فرنسا، وما قد يترتب عنه من تسريح أزيد من عشرين ألف مستخدم مغربي في هذا القطاع.
وفي حديثها عن الفلاحة، سجلت الدمناتي أن المغرب فقد تدريجياً طابع الفلاحة المعيشية التي كان يعيش منها الفلاح الصغير، لصالح الضيعات الكبرى التي تحتكر الدعم، داعية إلى مراجعة هذه السياسات لضمان العدالة المجالية. أما في ما يخص قطاع الرياضة، فأشارت إلى أن الاعتمادات المخصصة لتأهيل الملاعب تمثل استثماراً مزدوجاً، لأنها من جهة تجدد البنية الرياضية، ومن جهة أخرى تتيح للمغرب استضافة تظاهرات كبرى مثل كأس الأمم الإفريقية وكأس العالم، معتبرة أن الرياضة يمكن أن تكون محركاً اقتصادياً وسياحياً مهماً للبلاد، وأن الاقتصاد الرياضي رافعة حقيقية لاسم المغرب على الساحة الدولية.
واختتمت النائبة البرلمانية كلمتها بالتأكيد على أن إصلاح قطاعي الصحة والتعليم لن يتحقق إلا عبر محاربة الفساد وترسيخ الشفافية في تدبير المال العام، مشددة على أن المغاربة يستحقون حكومة تشتغل بجرأة وفعالية لا بشعارات موسمية ولا بوعود مؤجلة.


بتاريخ : 01/11/2025