خلال ندوة أكاديمية حول مشروع قانون مالية سنة 2022 : خبراء يحذرون من الإجهاز على العدالة الضريبية ومن تغول الإدارة والنكوص التشريعي

 

شدّد الدكتور محمد شادي، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، خلال أشغال ندوة وطنية جرى تنظيمها مؤخرا، في موضوع “قراءات متقاطعة في مشروع قانون مالية 2022″، على أن هذا المشروع جاء بمجموعة من الأهداف التي تصب في وضع الأسس الرئيسية للدولة الاجتماعية والنموذج التنموي الذي نادى به الملك محمد السادس، مؤكدا على حجم الانتظارات المرتبطة به، خاصة وأنه يجب أن يساهم في خلق دينامية في الاقتصاد الوطني عبر توسيع دائرة الاستثمار العمومي وتشغيل الشباب، إلى جانب إدماج المواطنين في التغطية الصحية عبر إعادة هيكلة القطاع الصحي.
من جهته، أبرز ممثل الهـيئة الوطنية للمحاسبين العموميين خلال كلمة له، على أن الندوة التي تندرج ضمن الأعمال العلمية والإشعاعية التي دأبت الكلية على تنظيمها، مواكبة منها لكل المستجدات التي تعرفها المالية العمومية خصوصا، والأحداث الوطنية ذات الصلة عموما، لها قيمة علمية وأكاديمية كبرى، بالنظر إلى خلاصات النقاش المثمرة، سواء بالنسبة للطلبة الباحثين أو باقي الفاعلين من مختلف المواقع المهتمين بالشأن المالي. وشدّ المتحدث على أهمية المرتكزات التي يقوم عليها مشروع قانون مالية سنة 2002 من أجل تنزيل سليم للأولويات والأوراش المسطرة والدفع بمغرب النهوض الاقتصادي والإقلاع التنموي.
وأكد مجموعة من الخبراء والمختصين في الشق المالي والضريبي والجامعيين خلال الندوة على أن مشروع قانون المالية السنة يعتبر لحظة أساسية في الحياة التشريعية والمالية، وفي الاختيارات الاستراتيجية المرتبطة بالسياسات العمومية وبتنزيل النموذج التنموي، مشددين على أنه ليس مجرد أرقام وتوقعات بل يحمل في طياته اختيارات وأولويات السياسات العمومية لكافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وبالتالي فهو مرتبط بشكل مباشر بكافة مناحي الحياة اليومية للمواطنين والمواطنات. وأبرز الدكتور جواد لعسري، الأستاذ الجامعي بجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء في هذا الإطار، أن مشروع قانون مالية سنة 2022 يشكّل أول اختبار لنوايا المشرّع بخصوص إصلاح النظام الضريبي، الذي وردت مضامينه في القانون 69.19 والذي عرفت مادته السادسة 23 تعديلا، من أجل إحقاق العدالة الضريبية، الأمر الذي انتفى في مشروع قانون مالية السنة المعروض على النقاش حاليا، مبرزا أن هذه الحقيقة تتجسد في عدد من المستويات، كما هو الحال بالنسبة للخصومات المقررة لفائدة الرياضيين التي لا يظهر أي أثر مماثل لها على أجور باقي الموظفين والأجراء.
واستغرب الخبير المالي وأستاذ التعليم العالي، الكيفية التي أجاز بها المشرع الضريبي استثناء 90 في المئة من أجور الرياضيين من الضريبة على الدخل، مع اعتماد التدرج ليتم تضريبها في 2027 بالنصف فقط، في حين أن نصفها الثاني لن تطاله أية اقتطاعات، في الوقت الذي يغيب فيه هذا المقتضى في قطاعات أخرى، وهو ما ينتفي والشعار الذي تم رفعه في إعداد القانون 69.19 الذي قيل إنه سيقوم على العدالة. ووقف الدكتور لعسري عند نقطة أخرى منتقدا تفاصيلها وآثارها، لأن من شأنها إما الإضرار بمصالح الدولة على مستوى الخزينة أو بمصالح الملزم، ويتعلق الأمر بتعديل المادة 212 من المدونة العامة للضرائب، وهو التعديل الذي وصفه بالكارثة التشريعية، من خلال اعتماد أسلوب المحاورة الشفوية مع الملزم بخصوص التصريحات التي تقدّم بها للإدارة الضريبية، مشيرا إلى أنه ما بعد 2020 وبحكم هذا المقتضى الجديد، لم يعد لوسائل الإثبات التي تعتمدها الإدارة والحجج التي يتقدم بها خصومها أي دور، بما أن المحاورة الشفوية بات يتم الاعتماد عليها للتضريب الملزم حتى قبل انتهاء عملية الفحص والتدقيق من طرف مأموري إدارة الضرائب، ودون التأكد من وجود خلل في المحاسبة حقا؟ وشدّد الأستاذ الجامعي المختص في المالية والضرائب على أن المادة 212 في صيغتها الجديدة غير منسجمة مع القانون الإطار، خاصة المادة 15 منه، التي تؤكد أن الضريبة تُفرض على الإثباتات، وبالتالي فالأمر يتعلق بمقتضى غير دستوري، مبرزا في الوقت نفسه أن المشرع لم يتناول الجزاء القانوني المترتب عن الإخلال بمسطرة المحاورة الشفوية، كما لم يحدد وسائل إثباتها، مؤكدا أن التأكد من صدقية المحاسبة وقانونية التقييدات المحاسبية تكون من خلال الفحص المحاسبي ولا يمكن لمأمور الضرائب أن تكون له صورة واضحة إلا بعد انتهاء الفحص، وهو ما يفرغ المادة 2 من مضمونها هي الأخرى، التي تنص على ضرورة توطيد الثقة بين الإدارة والمرتفقين.


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 07/12/2021