خلف قرار اللجنة التنفيذية للاتحاد الإفريقي (كاف) بشأن إعادة مباراة إياب نهائي دوري أبطال إفريقيا لكرة القدم بين الترجي التونسي والوداد، وإقامتها على ملعب محايد، مباشرة بعد نهاية كأس أمم إفريقيا، ردود فعل متباينة، حيث فتحت الباب أمام العديد من التأويلات، لا شك أنها قد تنعكس بشكل مباشر على مستقبل كرة القدم الإفريقية.
وسيكون الفريق التونسي، بموجب هذا القرار، ملزما بإعادة الكأس إلى الأمانة العامة للاتحاد مع الميداليات الموزعة على اللاعبين، بمجرد تسلم تبليغ رسمي بمضمون القرار الحالي.
وعموما فإن هذا القرار رافقته مجموعة من الأسئلة، تلخص كلها حالة الارتباك التي سيكون عليها الاتحاد القاري، وستضع مصداقيته على المحك، سيما وأن الفريق التونسي أعلن رسميا عن عدم تنازله عن حقه، وسيذهب للدفاع عنه أمام المحكمة الدولية للتحكيم الرياضي (طاس).
كيف ستتعامل «طاس» مع طعن الترجي؟
أجمع العديد من المهتمين بالقانون الرياضي على أن حكم محكمة التحكيم الرياضية سيكون رياضيا، عكس قرار الكاف الذي كان بحمولة «ديبلوماسية»، سعى من خلاله إلى إمساك العصا من الوسط، وجبر الخواطر. وأضافت مصادرنا أن «طاس» ستبت أولا في الطلب الاستعجالي الذي سترفعه إدارة الترجي والقاضي بإيقاف تنفيذ قرار إرجاع الكأس والميداليات، وبعدها ستبت في الاستئناف في عمومه. وفي هذه الحالة سيكون الوداد، شأنه في ذلك شأن الفريق التونسي، مدعوا إلى تقديم حججه وأدلته ودفوعاته، وبناء عليها ستتخذ المحكمة الدولية حكمها النهائي.
هل ستأخذ «طاس» بالحيثيات التي أسس عليها الكاف قراره؟
أكدت مصادرنا أن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم لم يبت في عمق المشكل، وإنما في شكله فقط، حيث بنى قراره بإعادة مباراة رادس على وجود اختلالات أمنية، وهو ما نفاه يوسف الشاهد، رئيس الحكومة التونسية، على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، حيث كتب “إثر مهزلة الكاف، تحية لقواتنا الأمنية مثال يحتذي به في العالم، ومن يشكك في أمن تونس يتحمل مسؤوليته”.
وتحاشى الكاف الإشارة في حيثيات قراره إلى جوهر الخلاف، والمتمثل في عدم وجود تقنية الفيديو، التي تمسك بها الوداد وأصر عليها، تطبيقا لمبدإ تكافؤ الفرص، بعدما تم العمل بها في لقاء الرباط.
وألمحت مصدرنا إلى أن الكاف أظهر تساهلا في تعامله مع الملفات التي وضعت بين يديه خلال هذا الموسم، ما شجع الطرف التونسي على التمادي. مؤكدة أن المشاكل بدأت بالأحكام المخففة التي صدرت في حق أعضاء النادي الصفاقسي التونسي بعد اعتدائهم على حكم لقائهم أمام نهضة بركان، وأيضا في لقاء الفريق البركاني والرجاء في مسابقة كأس الكاف، حيث اكتفى بإيقاف الحكم سنة واحدة، رغم أنه ارتكب أخطاء أثرت في نتيجة اللقاء، وهو ما تكرر أيضا في لقاء الوداد والترجي في ذهاب نهائي دوري أبطال إفريقيا، حيث أوقف الحكم المصري ستة أشهر، رغم الأخطاء الفادحة والمؤثرة التي قام بارتكابها، فلو أن الكاف تعامل بصرامة مع هذه الأحداث لما وجد نفسه أمام هذا المأزق.
بأي لاعبين سيجرى النهائي المعاد؟
كما هو متعارف عليه في أغلب الدوريات الكروية، فإن عقود اللاعبين تبتدئ من فاتح يوليوز وتنتهي في 30 يونيو. وطالما أن المباراة ستجري بعد الانتهاء من منافسات كأس أمم إفريقيا، التي ستحتضنها مصر في الفترة ما بين 21 يونيو الجاري و 19 يوليوز المقبل، فإن الفريقين معا سيكونان بقوة الواقع والقانون محرومين من خدمات لاعبيهما، الذين ستنتهي عقودهم في نهاية الشهر الجاري.
فهل سيعتمد الكاف على اللاعبين الجدد، والذين سيتوجون بكأس لم يسبق لهم أن خاضوا منافساتها؟ أم أنه سيقرر بشكل استثنائي الإبقاء على الأسماء التي خاضت التصفيات، وتمكين اللاعبين المنتهية عقودهم من التتويج بكأس تعبوا من أجلها؟
هل سيحمل اللجوء إلى «طاس» عهدا جديدا للكرة الإفريقية؟
تتوقع مصادرنا أن تكون أحكام محكمة التحكيم الرياضية صادمة، لأنها تتعامل مع المعطيات والوثائق ولا تحكم على النوايا.
ومن المرجح أن يدفع أحد الفريقين غاليا ثمن ما وقع، فإذا نجح الوداد في إثبات الممارسات اللارياضية التي قام بها الفريق التونسي، وأيضا التأكيد على أنه لم ينسحب من الملعب، عكس ما تدعيه إدارة الترجي، فإنه بالتأكيد سيتوج بطلا لدوري أبطال إفريقيا، بقوة القانون، دون الحاجة إلى خوض اللقاء المعاد، في حين سيكون مصير الترجي هو الحرمان من المشاركة القارية لعامين متتالين مع غرامة مالية كبيرة، غير أن الفريق الأحمر مدعو إلى تجهيز ملف قانوني دقيق ومتكامل، تفاديا لأي مفاجأة غير سارة.
ومن المتوقع أن ينعكس حكم المحكمة الدولية بشكل مباشر على نظام الممارسة الكروية بإفريقيا، حيث سيكون له ما بعده، وسيقطع مع الكثير من الممارسات اللارياضية التي طبعت مسار التنافس الكروي بالقارة السمراء، التي كثيرا ما هضمت حقوق الفرق المغربية، بسبب النفوذ القوي لبعض البلدان، التي كانت إلى وقت قريب تفعل ما تشاء في المنافسات الكروية القارية دون حسيب أو رقيب.
وكان سعيد الناصيري رئيس الوداد، قد أكد على أن الكاف أنقذ سمعة الكرة الإفريقية ومصداقية اللعبة، بقرار إعادة إياب نهائي دوري أبطال أفريقيا في أرض محايدة. وأضاف “لم يساورنا الشك للحظة واحدة في أننا أصحاب حق، والحق يؤخذ ولا يعطى. العالم وليس إفريقيا وحدها تابع تلك الأحداث والفضيحة، وكان من الواجب أن يصلح ما يمكن إصلاحه”.
ومن جانبه عبر فوزي لقجع، رئيس الجامعة، عن ارتياحه بعد قرار الكاف إعادة مباراة إياب نهائي دوري أبطال أفريقيا. وقال لقجع في تصريحات إذاعية “الوداد لم يأخذ إلا حقه، بعد الظلم الذي تعرض له، خاصة في مباراة الإياب”.
في أي ملعب وتحت أي ظروف ستعاد المباراة؟
تتوقع العديد من المصادر أن تجرى المباراة المعادة بين الترجي التونسي والوداد البيضاوي بجنوب إفريقيا أو فرنسا، مع وجود احتمال ضعيف ببرمجتها في مصر أو الجزائر، غير أن الاحتمال الغالب، وفي ظل عدم توافر معلومات رسمية، سيبقى هو جنوب إفريقيا، علما بأن الأسبوع المقبل قد يشهد تداعيات أخرى، سيما وأن لجنة الانضباط، التي يرأسها الجنوب إفريقي ريموند هاك، ستعقد اجتماعا خلال الأسبوع المقبل في القاهرة لإعلان عقوبات أحداث إياب نهائي دوري الأبطال بين الترجي والوداد البيضاوي المعروفة بـفضيحة رادس.
ويتوقع أن تتم معاقبة طرفي اللقاء، تبعا لحجم الأفعال التي تم ارتكابها، إذ يتم ذلك تأسيسا على تقارير الحكام والمراقبين الذين أشرفوا على اللقاء.