خمسون سنة من المعاناة.. مغاربة محتجزون في مخيمات العار بتندوف

مفارقة صارخة في الجغرافيا والمصير

 

في اليوم العالمي للاجئين، الذي يصادف 20 يونيو من كل سنة، تتجه أنظار العالم نحو أوضاع اللاجئين في مختلف أنحاء المعمورة، غير أن مأساة إنسانية مزمنة لا تزال مغيبة عن الضمير الدولي، وهي مأساة آلاف المغاربة المحتجزين قسرا في مخيمات تندوف جنوب غرب الجزائر، منذ ما يزيد عن نصف قرن.
منذ سنة 1975، يعيش هؤلاء المغاربة في ظروف لا إنسانية تحت سلطة غير شرعية تفرضها ميليشيات «البوليساريو»، وبدعم مباشر من الجيش الجزائري، الذي يحتضن هذه المخيمات على أراضيه دون أي رقابة أممية حقيقية. فقد تحولت مخيمات اللاجئين المفترضة إلى ما يشبه السجون المفتوحة، حيث يُمنع السكان من أبسط حقوقهم، وعلى رأسها حق العودة إلى الوطن الأم، المغرب.
إن استمرار هذا الوضع الشاذ يُعدّ انتهاكًا صارخًا لكل المواثيق الدولية، وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، واتفاقية جنيف بشأن اللاجئين، التي تضمن حرية التنقل والعودة الطوعية، وتمنع تحويل أوضاع اللاجئين إلى أدوات ضغط سياسية أو أوراق مساومة في نزاعات إقليمية.
يعيش هؤلاء المحتجزون في ظروف قاسية من الفقر والتهميش وانعدام الأمل، حيث يتم استغلال المساعدات الإنسانية وتحويلها عن مسارها، في غياب أي شفافية أو محاسبة. كما تسجَّل انتهاكات مستمرة بحق النساء والشباب، من تجنيد قسري إلى منع السفر والتعبير.
50 سنة من القهر والتغييب
منذ 1975 وإلى حدود سنة 2025، لم يعرف هؤلاء المغاربة غير حياة القهر، والعزلة، والتوظيف السياسي لقضيتهم من قبل النظام الجزائري، في تحدٍّ سافر لكل المبادئ الإنسانية. لم يُسمح لهم بالعودة إلى المغرب، ولم تُمنح لهم فرصة اختيار مصيرهم، في وقت تستمر فيه آلة الدعاية في تزييف الحقائق وإدامة المأساة.
مفارقة صارخة في الجغرافيا والمصير

وفي الوقت الذي يُحتجز فيه الآلاف من المغاربة قسرًا في صحراء تندوف، يعيش إخوانهم في جنوب المملكة المغربية، في مدن العيون، السمارة، الداخلة، بوجدور وغيرها، في سلم وسلام، ويشاركون في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بكل حرية، في إطار مغرب منفتح يسير بخطى واثقة نحو التنمية والازدهار. هذه المفارقة الصارخة تفضح زيف الشعارات وتبرز الحقيقة التي لا يمكن طمسها.
مقترح الحكم الذاتي: طوق النجاة والكرامة

وفي هذا السياق، يظل مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به المملكة المغربية سنة 2007، تحت السيادة الوطنية، حلاً واقعيًا، جادًا وذا مصداقية، يشكل طوق نجاة لهؤلاء المحتجزين، ويفتح أمامهم باب العودة إلى حضن الوطن في إطار كرامة ومصالحة وعدالة اجتماعية. إنه الإطار الأمثل لإنهاء هذا النزاع المفتعل، وتمكين أبناء الصحراء المغربية من إدارة شؤونهم المحلية في ظل السيادة الوطنية الكاملة، بعيدًا عن الوصاية والاستغلال السياسي.

نداء إلى الضمير العالمي

بمناسبة هذا اليوم، ترفع الأصوات الحرة نداءها إلى المنتظم الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، من أجل التدخل العاجل لإحصاء هؤلاء المحتجزين، وضمان حريتهم في العودة الطوعية إلى وطنهم، وإنهاء هذه المعاناة التي طالت أكثر من اللازم.
إن استمرار مأساة تندوف هو جرح مفتوح في الضمير الإنساني، لن يندمل إلا بإحقاق الحق، وتمكين كل مغربي من العودة إلى تراب بلاده في كرامة وأمن.


الكاتب : الحسين غوات

  

بتاريخ : 07/05/2025