خيانة للقيم الديمقراطية الأوروبية؟ عن تصويت ريما حسن «المثير للجدل» و»المخزي» ضد الكاتب «بوعلام صنصال»

 

تبنى البرلمان الأوروبي مؤخرا قرارا يدعو إلى «الإفراج الفوري وغير المشروط عن الكاتب الفرنسي – الجزائري «بوعلام صنصال»»، المحتجز في الجزائر منذ نونبر 2024 بتهم «مثيرة للجدل». وفي حين حظيت هذه المبادرة بدعم واسع النطاق من قبل أعضاء البرلمان الأوروبي، إلا أنها كشفت أيضا عن انقسامات غير متوقعة داخل المجموعات السياسية الأوروبية.
تصويت يشعل موجة الغضب
في البرلمان الأوروبي

في 23 يناير 2025، تبنى «البرلمان الأوروبي» قرارا يدعو إلى: «الإفراج الفوري وغير المشروط عن الكاتب الفرنسي – الجزائري «بوعلام صنصال»، المسجون في الجزائر منذ أكثر من شهرين». هذا النص، الذي تدعمه أغلبية كبيرة من أعضاء البرلمان الأوروبي (533 صوتا مؤيدا و 24 صوتا معارضا وامتناع 48 عن التصويت) لا يدين فقط اعتقال «بوعلام صنصال» ولكن أيضا اعتقال النشطاء والصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان الآخرين المحتجزين بسبب ممارستهم حقهم في حرية التعبير. ومع ذلك، تميز هذا التصويت بحدث غير متوقع وهو ظهور صوت معارض من بعض النواب من حزب (LFI)، بمن فيهم «ريما حسن» التي صوتت ضد القرار. أثار هذا الاختيار، موجة من السخط بين أعضاء البرلمان الأوروبي وفي وسائل الإعلام.
ريما حسن: تصويت «مخزي» و»مثير للجدل»!

وجدت «ريما حسن»، الناشطة المؤيدة للفلسطينيين المنتخبة تحت «LFI»، نفسها في قلب الجدل بعد التصويت ضد هذا القرار. حيث اعتبر الكثيرون هذا الخيار «دعما ضمنيا للنظام الجزائري في قمعه للمعارضين السياسيين». بالنسبة ل»رافائيل غلوكسمان» فإن «هذه اللفتة ليست غير مفهومة فحسب، بل إنها أيضا لا تستحق ممثلا منتخبا يجلس في مؤسسة من المفترض أن تدافع عن الحقوق الأساسية».
وفي بيان نشر على وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة به – بعد فترة وجيزة من التصويت – أعرب غلوكسمان عن غضبه: «كيف يمكن تبرير مثل هذا الفعل؟ التصويت ضد إطلاق سراح كاتب مسجون بسبب أفكاره، هو خيانة لقيمنا الديمقراطية»، كما أشار إلى «أن هذا النوع من المواقف يضعف مصداقية البرلمان الأوروبي عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم».
انتقدت شخصيات سياسية أخرى خطوة «ريما حسن»، حيث قال «فرانسوا كزافييه بيلامي» (PPE) إن: «التصويت يعكس اتجاها مقلقا بين بعض أعضاء البرلمان الأوروبي، لإعطاء الأولوية للاعتبارات الأيديولوجية أو الجيوسياسية على المبادئ العالمية مثل حرية التعبير».
تبريرات «غير واقعية» وفقا لـغلوكسمان!

ووفقا لـ»رافائيل غلوكسمان»، فإن هذا التصويت «يتعارض مع المبادئ الأساسية التي يجب على أي مسؤول منتخب ديمقراطي الدفاع عنها». للتنويه، لا يدعو القرار الذي اعتمده البرلمان الأوروبي إلى «الإفراج الفوري عن صنصال فحسب، بل يدعو أيضا إلى مراجعة القوانين القمعية الجزائرية التي تحد من الحريات الأساسية. كما يدعو إلى بعثة طبية مستقلة لتقييم حالته الصحية».
لمواجهة الانتقادات المتزايدة، حاولت «ريما حسن» تفسير اختيارها بالقول: «إنها رأت في هذا القرار «أداة سياسية» لقضية «بوعلام صنصال» من قبل بعض الجماعات الأوروبية التي تسعى إلى ممارسة الضغط على الجزائر لأسباب استراتيجية»، مشيرة إلى «التزامها المستمر بالقضايا المناهضة للاستعمار والمؤيدة للفلسطينيين كمبرر غير مباشر». ومع ذلك، لم تقنع هذه الحجج «رافائيل غلوكسمان» أو العديد من أعضاء البرلمان الأوروبي الآخرين. وبالنسبة لهم، هذه ليست مسألة جيوسياسية بل مبدأ أساسي: «مبدأ احترام حقوق الإنسان العالمية»، أي «لا يوجد عذر وجيه للتصويت ضد إطلاق سراح رجل سجن ظلما»، كما قال غلوكسمان في مقابلة مع «فرانس إنتر». يمكن أن يكون لهذه القضية تداعيات دائمة على حزب «LFI»، الذي تعرض لانتقادات بالفعل بسبب بعض المواقف التي تعتبر «غامضة» بشأن القضايا الدولية الحساسة، وهو الآن في خطر «العزل» من على رقعة الشطرنج السياسية الأوروبية. النسبة ل»رافائيل غلوكسمان» وأولئك الذين يشاركونه رأيه، «تؤكد هذه الحلقة على الأهمية الحاسمة لكل عضو في البرلمان الأوروبي للبقاء مخلصا للقيم الأساسية التي من المفترض أن يمثلها: «الحرية»، «العدالة» و»الكرامة الإنسانية»».
بوعلام صنصال: كاتب تحت ضغط سياسي!

يعتبر «بوعلام صنصال،» (75 عاما) والذي يدخل المستشفى بانتظام بسبب مشاكل صحية خطيرة – محتجزا في الجزائر منذ نونبر 2024 – إذ وجهت إليه تهمة بموجب «المادة 87» (مكرر) من قانون العقوبات الجزائري، و غالبا ما تنتقد المنظمات الدولية هذا القانون «المثير للجدل» لـ»إساءة استخدامه بغية تكميم أفواه المعارضين السياسيين و الأصوات الناقدة». للتذكير، فقد حصل «بوعلام صنصال» على الجنسية الفرنسية في عام 2024 بعد عدة سنوات قضاها تحت المراقبة المشددة في الجزائر، وهو معروف بموقفه الشجاع ضد النظام الجزائري، إذ تندد كتاباته بـ»انتظام بالفساد المنهجي وانعدام الحريات في بلده الأصلي».


الكاتب :   تـ: المقدمي المهدي / عن: BFMTV و(مصادر أخرى)

  

بتاريخ : 27/01/2025