دار القايد بالمحمدية: وكر للمتشردين ومستنقع للمخدرات

 

«دار القايد»، أو «الدار الحمرا»، كما اشتهرت بين ساكنة حي الراشدية 3 بمدينة المحمدية، بعدما كانت شاهدة على ذكريات وحكايات ساكنيها، أصبحت اليوم بناية مهجورة تتآكلها عوامل الزمن والإهمال. بل أضحت ملاذا للقاصرين والمشردين وملجأ مؤقتا لهم من قسوة الشارع. عندما يغطي ظلام الليل الحي، تتحول هذه البناية إلى مسرح لممارسات غير قانونية، أبرزها تعاطي المخدرات وأفعال أخرى تشوه صورة الحي الذي تعبر ساكنته عن استيائها من هذا الواقع الذي يهدد أمنها ويشوه معالم حييها. هذه الساكنة التي تجدد في كل مرة سمحت لها الظروف، طلبها بتدخل السلطات المعنية لإيجاد حل نهائي لهذه المشكلة.
الهاجس الأمني مطروح بحدة على الرغم الحملات التي تقوم بها مصالح الأمن الوطني باستمرار. فالظلام الذي يلف المكان وساعات النشاط المتباينة للمتشردين يجعل من الصعب التدخل. ساكنة الحي استبشرت خيرا عندما ذاع بين أفرادها خبر مفاده مشروع مقترح لتحويل هذه البناية إلى ملحقة أمنية، وهو ما اعتبروه خطوة محمودة ليس فقط للزيادة في الأمن، ولكن أيضا لاستعادة البناية لرمزيتها الإيجابية خدمة للصالح العام. ورغم التفاؤل الذي أثاره هذا المشروع، إلا أن تعثر دخوله حيز التنفيذ سرعان ما أثار خيبة أمل كبيرة بين السكان الذين يعانون يوميا من استمرار مجموعة من المظاهر الشائنة أمام تعالي أصواتهم للمطالبة بتسريع تنفيذ المشروع أو إيجاد حلول بديلة لحماية الحي من الانفلات.
«دار القايد» لا تعكس فقط مشكلة اجتماعية، بل أضحت أيضا بؤرة للتدهور البيئي والصحي بالحي. فالنفايات المتراكمة حولها، وفضلات الدواب المنتشرة في محيطها جراء تحويل جنبات البناية إلى إسطبل يومي من قبل أصحاب الدواب، تساهمان في تشويه جماليتها، ويزيدان من انتشار الروائح الكريهة والآفات الحشرية ومخاطر انتشار الأمراض. إن السكان الذين يجاورون هذه البناية المهجورة يطالبون الجهات المعنية باتخاذ إجراءات عاجلة وشاملة، ليس فقط لإعادة تأهيل المبنى، ولكن أيضا لتحسين البيئة المحيطة به، لأن «دار القايد» ليست مجرد مشكلة مبنى مهجور، بل هي رمز لمعاناة حي بأكمله مع الإهمال واللامبالاة، مما يتطلب تدخلا فوريا لمختلف الجهات من أجل تحويل هذه البقعة السوداء إلى مساحة تخدم المجتمع وتعزز من استقراره وسلامته.
وتجدر الإشارة أن تاريخ «دار القايد» يعود إلى فترة كانت فيها المباني رمزا للسلطة والنفوذ، لكن بعد مغادرة مالكها الأصلي، ترك المبنى دون أي استخدام عملي أو خطة واضحة للحفاظ عليه مما حوله إلى عبء على الحي. وتدرك ساكنة الحي أن التحرك المطلوب يتجاوز الحملات الأمنية المؤقتة، بل يجب التفكير الجذري في إعادة تأهيل البناية واستغلالها لتعود لها قيمتها التاريخية والاجتماعية، فكثيرا ما تم اقتراح تحويل المبنى إلى مركز اجتماعي أو ثقافي يساهم في تحسين الحياة اليومية بالمنطقة، ويرفع من وعي الشباب لتجنب الانحراف. ومن جهة أخرى، يأمل السكان في أن تتحرك السلطات بشكل سريع وحاسم لإنهاء هذا الوضع، وتحويل «دار القايد» من مصدر خطر إلى نموذج يحتذى به في الحفاظ على التراث واستثماره لخدمة المجتمع.


الكاتب : محمد أكيام

  

بتاريخ : 30/12/2024