دخول مدرسي ساخن

أسعار ملتهبة للكتب واللوازم المدرسية رغم تطمينات الوزارة

قرار دعم الناشرين لا يشمل مقررات المدارس الثانوية التأهيلية

 

عاد7.9 ملايين تلميذ مغربي، يوم الاثنين الماضي، إلى مقاعد الدراسة، 6.9 مليون منهم بالمدارس العمومية، 3.2مليون تلميذ في المناطق القروية و000 525 تلميذ في مرحلة ما قبل المدرسة، حسب ما كشف عنه وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى، خلال ندوة صحفية بمناسبة الدخول المدرسي، أول أمس الثلاثاء، قدم خلالها مستجدات الموسم الدراسي الحالي، والتي ستهم ثلاثة محاور أساسية تتمثل في التلميذ والمدرس والمدرسة .
وقال الوزير المكلف بالقطاع في ما يتعلق بمحور التلميذ، إن الوزارة ستحرص على التسجيل المبكر للتلاميذ، وذلك عن طريق تيسير عملية التسجيل واعتماد الرقمنة، والقيام بعمليات تحسيسية وتعبئة السلطات المختصة لاستهداف التلاميذ غير المسجلين أو الذين لم يتم بعد تسجيلهم بجميع الأسلاك التعليمية بالموازاة مع قافلة التربية غير النظامية.
الوزارة، حسب بنموسى ، ستدرج ثلاثة أنشطة اعتيادية يومية بالابتدائي، تهم القراءة والرياضيات والأنشطة الحركية، من خلال تخصيص 10 دقائق للقراءة عند بداية كل حصة في مادتي اللغة العربية والفرنسية بالتعليم الابتدائي، وتخصيص 10 دقائق عند بداية كل حصة في مادة الرياضيات للتمارين، للتحكم أكثر في هذه المادة، وتخصيص 20 دقيقة ثلاث مرات في الأسبوع للأنشطة الحركية باعتماد دليل التربية البدنية المعد من طرف الوزارة.
هي عملية تجريبية أخرى للأنشطة الاعتيادية اليومية المذكورة ستطلقها الوزارة الوصية هذه السنة بحوالي 800 مؤسسة تعليمية ابتدائية انطلاقا من الأسدس الأول من السنة الدراسية الحالية ، على أن تعمم على باقي المؤسسات التعليمية الابتدائية خلال الأسدس الثاني. كما أبرز الوزير أنه من المرتقب توظيف حوالي 20 ألف أستاذة وأستاذ بالأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين خلال شهر أكتوبر القادم، مشيرا إلى أن محور الأستاذ ينقسم إلى شقين يتمثلان في التكوين الأساس، والتكوين المستمر، حيث سيشمل التكوين الأساس إعطاء أهمية خاصة للجانب التطبيقي والعملي طيلة فترة التكوين انطلاقا من السنة الأولى، بينما يتم التركيز في الجانب المتعلق بالتكوين المستمر على الارتقاء بالممارسة البيداغوجية داخل الفصل الدراسي.
وبخصوص محور المؤسسة، أكد الوزير على أهمية العناية بجمالية وجاذبية المدرسة العمومية من خلال تحسين فضاءات استقبال التلاميذ (مؤسسات تعليمية، الداخليات، المطاعم…)، وتوفير العتاد والتجهيزات الأساسية، والقيام بحملات تحسيسية وتعبئة الشركاء للعناية بالفضاءات المحيطة بالمؤسسات التعليمية.
وفي ما يتعلق بالارتقاء بالحياة المدرسية، أكد بنموسى على تعزيز وتنويع أنشطة الحياة المدرسية، وتقوية الأمن بالمؤسسات التعليمية وبمحيطها، وتعميم أنشطة الجمعيات الرياضية بكل المؤسسات التعليمية (التأطير من طرف الجامعات الرياضية-توفير الموارد-تنظيم الأنشطة خارج الإطار المدرسي يوم الأربعاء أو السبت)، ضمان الاستغلال الموحد للبنيات والتجهيزات الرياضية.
السبعة ملايين تلميذ و 900 ألف طبع عودتهم لمقاعد الدراسة هذه السنة، الارتفاع المتزايد لتكلفة المعيشة التي مست كل جوانب الحياة ولم تسلم منها الكتب واللوازم الدراسية مما سيؤشر على مرحلة صعبة سيمر منها أولياء الأمور الذين وجدوا أنفسهم بعد عطلة صيفية ساخنة وجها لوجه مع ارتفاع ملتهب لأسعار كتب ودفاتر ومحافظ مدرسية ستحرق جيوبهم وتأتي على ما تبقى من مدخراتهم القليلة مما سيصعب مهمتهم في توفير اللوازم الدراسية لفلذات أكبادهم، بل قد يدفعهم دفعا نحو مؤسسات الاقتراض، للخروج من ضائقتهم المالية.
ارتفاع حمل مسؤوليته الوزير في ذات التصريح الصحفي لأصحاب المكتبات الذين يلجؤون، حسبه، لبيع الكتب بأسعار مرتفعة إما بسبب نفاد الكتب والمقررات المدرسية أو بسبب عدم حصولهم على طلباتهم في الوقت المناسب، داعيا إلى ضرورة المحافظة على استقرار أسعار الكتب، مؤكدا أن وزارته تعمل على مراقبة الاحتكار، سواء على المستوى المركزي أو المحلي .
وفي هذا السياق كانت الحكومة قد أعلنت قبل ثلاثة أشهرعن الدخول المدرسي (وهو ما ذكر به الوزير في لقاء أول أمس) أنها بصدد النظر في طلب الناشرين الذين، بسبب ارتفاع تكاليف الطباعة، يطلبون مراجعة أسعار ما مجموعه 186 كتابًا مدرسيًا مخصصًا لمستوى المدارس الابتدائية والمتوسطة، وهو الخبر الذي أثار قلق الأسر المغربية وخاصة الأكثر فقرا لكن بعد بضعة أسابيع ستعلن الحكومة أن «الأسعار لم تتغير». وهذا ما أعلنته وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة في 18 غشت، مشيرة إلى أنه سيتم منح دعم مالي مباشر بنسبة 25٪ لناشري الكتب المدرسية للتعليم الابتدائي والإعدادي خلال سنة 2022. وبالتالي ستكلف هذه المعونة صندوق المقاصة 105 ملايين درهم، ورغم أن هذا القرار سيخفف من عبء الفاتورة على أولياء الأمور، لكن تجدر الإشارة إلى أن فئة واحدة فقط من الكتب المدرسية هي المعنية، ذلك أن القرار لا يغطي كتب المدارس الثانوية التأهيلية، والتي هي بالتالي أكثر عددًا ويتعلق التعويض فقط بالكتب المدرسية الوزارية الابتدائية والاعدادية والتي ستبقى أسعارها مثل العام الماضي. وتجدر الإشارة أيضا إلى أن هذه الأسعار قد جمدت لما يقارب من 20 عاما، حيث لم يطرأ عليها أي تغيير منذ عام 2002.
الناشرون الذين وافقوا على التضحية بجزء من زيادة سعر الورق «لأننا وعدنا بمراجعة الأسعار العام المقبل «، كما يقول أحمد فيلالي أنصاري، رئيس الجمعية المغربية للناشرين، لأحد المنابر الإعلامية الوطنية، مضيفا أن « بائعي الكتب يوزعون الكتب المدرسية منذ حوالي عشرة أيام. تسير الأمور بشكل أسرع وأسرع، ولكن ستكون هناك دائمًا اضطرابات وتأخيرات لأن عملية التفاوض لتعويض الزيادة في سعر الورق استغرقت وقتًا طويلاً. منذ دجنبر 2021 حتى الآن، ارتفع سعر الورق بنسبة 120٪، وهو وضع حساس لأن ورق الطباعة، المستورد بالكامل أيضًا، هو حجر الزاوية في تصنيع الكتاب. ويمثل هذا الأخير وحده ما يقرب من 80٪ من تكلفة طباعة الكتب المدرسية «.
لذلك من المحتم أن يلقي العام الدراسي 2022-2023 بثقله على ميزانية الأسر المغربية، لا سيما بسبب ارتفاع أسعار الشحن والمواد الخام التي لا تشمل الكتب المدرسية فحسب، بل جميع اللوازم المدرسية.
وكما هو الحال مع المنتجات الاستهلاكية الأخرى، فإن أسعار اللوازم المدرسية آخذة في الارتفاع، في الوقت الحالي، حيث تتراوح زيادة الأسعار بين 40٪ و 100٪ لمعظم المنتجات. على سبيل المثال، سعر بعض الدفاتر التي كانت تباع ب 4 دراهم، يبلغ الآن 8 دراهم، وهو الضعف! الدفاتر الكبيرة المكونة من 192 صفحة، والتي تكلف 18 درهمًا، متاحة الآن بسعر 23 درهمًا. ارتفع سعر أنبوب الغراء من 11 إلى 15 درهمًا…أما بالنسبة للكتب المدرسية، فإن العديد من الآباء يعتقدون أن هذا القرار الذي أعلنته الحكومة يشمل جميع الكتب. لكن في الواقع، الأمر لا يتعلق إلا بالكتب المدرسية الوزارية، أما تلك المستوردة من الخارج والتي غالبا ما تستخدم في المدارس الخاصة فقد شهدت زيادة في الأسعار من 3 إلى 20 درهماً. فإذا كانت الأسعار بالنسبة للأولى تنظمها الحكومة، فإن التعريفات بالنسبة للأخيرة لاتتدخل فيها الدولة .
على نفس المنوال، يعيش بائعو المحافظ المدرسية حالة ارتباك بسبب ارتفاع أسعارها الذي كان سببه الإجراءات الجديدة التي فرضتها إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة ، التي عممت في 30 ماي 2022، مذكرة تقضي بإخضاع الحقائب المدرسية المستوردة للتحاليل المخبرية ومصلحة حماية المستهلك للتأكد من جودتها ، مما أدى إلى استحالة إخراجها من الجمارك في الوقت المناسب وساهم في ارتفاع أسعارها، والتي تتراوح هذا العام بين 150 و 400 درهم بزيادة 40٪ إلى 50٪ مقارنة بالعام الدراسي السابق.» أكثر ما يقلقنا هو أنه يتم الاحتفاظ بالعديد من الحقائب المدرسية على مستوى الجمارك نتيجة لالتزام بمراقبة الجودة ، مما يؤثر على العرض والطلب. واليوم، يتجاوز الطلب العرض بكثير، وإذا استمر ذلك، فستستمر الأسعار في الارتفاع «، يقول صاحب متجر حقائب مدرسية. أما بالنسبة للآباء، وخاصة أولئك الذين لديهم أكثر من طفل واحد في المدرسة، فإن الأسعار المرتفعة تضعهم وسط طاحونة لا خروج لهم منها، فبغض النظر عن مستوى التلاميذ فإن قائمة اللوازم المدرسية تزداد وأسعارها ترتفع بشكل أقوى والشكاوى تتزايد على مواقع التواصل الاجتماعي وفي كل المنتديات والتجمعات، وينتهي الأمر بأرباب العائلات إلى اللجوء إلى الاقتراض لتوفير اللوازم المدرسية لأبنائهم، «في السنوات الماضية كنا نشتري لأطفالنا حقائب ذات جودة عالية بأقل من 200 درهم ؛ هذه السنة علينا أن نضاعف الثمن. نحن مضطرون لتقديم تضحيات لدفع تكاليف تعليم أطفالنا، «تقول إحدى الأمهات.
لهيب الأسعار الذي تعلقه الحكومة على شماعة الحرب الروسية الأوكرانية وكوفيد 19 الذي لم يتعاف منه المغرب بعد، يدفع أسرا أخرى ذات قدرة شرائية متدنية إلى اقتناء كتب مدرسية قديمة لأبنائها حيث تنتشر هذه الأيام في الأزقة الجانبية والأسواق وكذا بعض المكتبات، تجارة الكتب المستعملة التي يبيعها شباب عاطل في محاولة للحصول على مورد رزق يقيهم لبضعة أيام شبح الفاقة والعوز، رغم أن هذه التجارة الموسمية عرفت هي الأخرى تراجعا كبيرا بسبب الجائحة لكن رواد هذا النوع من الكتب لا يجدون بديلا آخر، فأهون عليهم أن يقتنوا كتابا مستعملا بثمن بخس من أن يتجهوا لشرائه بثمن مرتفع لا قبل لهم عليه وليس في مقدورهم دفع ثمنه، ولسان حالهم يردد «شر أخف من شر»، في انتظار انفراج أجواء الأسعار وانخفاض الأثمنة، ولعله انتظار يشبه انتظار «غودو» الذي لن يأتي أبدا …


الكاتب : خديجة مشتري

  

بتاريخ : 08/09/2022