دراسة علمية تحذر من مؤشرات كارثية بساحل جهة مراكش آسفي:تعرية الشواطئ والأجراف وتقدم البحر وتراجع خط الساحل وتمليح الفرشة المائية وتراجع الغطاء النباتي

 

سجلت الدراسة التي أنجزها الأستاذان محمد منسوم وزهير ورادي بعنوان « ساحل جهة مراكش آسفي :التغير المناخي و استراتيجية التكيف» و التي نشرت في العدد السادس من مجلة مشاهد جغرافية الصادرة في أكتوبر 2021 عن كلية الآداب و العلوم الإنسانية بمراكش، أن التغيرات المناخية ساهمت في حدوث عدة تحولات بساحل الجهة تمثلت في تغاير الدينامية البحرية و القارية، مما أنتج دينامية ساحلية أكثر عنفا و بروز مجموعة من الظواهر السلبية مست توازن المنظومة الساحلية


كشفت دراسة علمية نشرت خلال شهر أكتوبر الجاري أن كل المؤشرات ﺗﺆﻛﺪ أن اﻟﻮﺿﻌﻴﺔ اﻟبيئية بساحل جهة مراكش آسفي كارثية ، تهدد اﺳﺘﺪاﻣﺔ الموارد والأنشطة البشرية، ﻣﻤﺎ يستدعي وضع استراتيجية للتكيف مندمجة قادرة على الحفاظ على توازنه واسترجاع ﻣﺮوﻧﺘﮫ.
وسجلت الدراسة التي أنجزها الأستاذان محمد منسوم وزهير ورادي بعنوان «ساحل جهة مراكش آسفي :التغير المناخي واستراتيجية التكيف» والتي نشرت في العدد السادس من مجلة مشاهد جغرافية الصادرة في أكتوبر 2021 عن كلية الآداب و العلوم الإنسانية بمراكش، أن التغيرات المناخية ساهمت في حدوث عدة تحولات بساحل الجهة تمثلت في تغاير الدينامية البحرية و القارية، مما أنتج دينامية ساحلية أكثر عنفا و بروز مجموعة من الظواهر السلبية مست توازن المنظومة الساحلية. وهو ما يجعل دراسة أثر التغيرات المناخية مطلبا أساسيا من أجل ضبط درجة التأثر التي وصلت إليها المنظومات الساحلية بالجهة ووضع استراتيجات فعالة للتكيف. خصوصا وأن التغير المناخي وصل لدرجة يصعب معها التنبؤ بالتطورات المستقبلية.
وتشير الدراسة إلى أن ساحل جهة مراكش آسفي الذي تحده جهة الدار البيضاء سطات شمالا وجهة سوس ماسة جنوبا، يمتد على مسافة 258،695 كلم. يشكل منها خط ساحل عبدة 91،23 كلم وخط ساحل الشياضمة 113،415 كلم وخط ساحل حاحاح 54،05 كلم. وتشكل نسبة المجال الساحلي الحضري فيه 7،1 بالمائة فقط أما المجال الساحلي الفلاحي فيصل إلى 49،1 بالمائة في الوقت الذي يشكل فيه المجال الساحلي الطبيعي غير المستغل 43،8 بالمائة.
ومن آثار التغيرات المناخية على ساحل جهة مراكش سجلت الدراسة أنها ساهمت في إحداث تغيرات هامة على حركية خط الساحل، حيث هناك تقدم في اتجاه البحر في بعض المناطق التي يتصل فيها البحر بالقارة عبر أجراف ساحلية مرتفعة شمال آسفي، مثلما سجل تراجع مهم ارتفعت وتيرته بالتجمعات الحضرية بكل من آسفي و الصويرة بشكل أصبح هذا التراجع يهدد وجودها بشكل مباشر مما دفع السلطات المحلية إلى البدء في هدم هذه الأحياء المهددة وإخلاء بعض التجمعات الصناعية بهذه المناطق (حي التراب الصيني بآسفي و الملاح بالصويرة.)
و من نتائج الدراسة أن آثار التغير المناخي لم تقتصر على الخط الساحلي و إنما شملت أيضا الغطاء النباتي حيث تراجعت مساحته و كثافته بشكل واضح في العقود الأخيرة بالغابات الممتدة بكل من الشياضمة وحاحا. و هو الوضع الذي أصباح يهدد توازن المنظومة الساحلية أكثر من وقت مضى. مثلما تعرضت المياه الباطنية للفرشة الساحلية للتملح مما أدى لتراجع جودتها التي أدت إلى تراجع خصوبة التربة.
ومن المعطيات التي رصدتها هذه الدراسة العلمية الهامة قيمة التراجع الساحلي جنوب ميناء آسفي التي بلغت 14،7 م مابين 1955 و2006 بمعدل 0،28 م في السنة. كما أوضحت المرئيات الفضائية تسارع وتيرة هذا التراجع الذي يتفاوت على طول الشريط الساحلي، حيث أنه يصل إلى 29،3 م عند شاطئ سيدي بوذهب وقصر البحر بين 1984 و 2019 بمعدل 0،83 م في السنة. ووصل التراجع إلى 34،2 م خلال نفس الفترة في كرنيش آسفي في الجهة المقابلة لحي الصقالة قديما. و هي نفس القيمة المسجلة بالجهة الجنوبية قبالة المنطقة الصناعية التي تضررت كثيرا من هذا التراجع. في حين بلغ تراجع الجرف 14 متر خلال نفس الفترة قبالة حي التراب الصيني.
ورصدت الدراسة تسارع وتيرة تراجع جرف أموني بعد إنشاء الميناء و بناء حاجزه، الذي شكل حاجزا أمام العباب و حول اتجاهه نحو قصر البحر وزاد من قوته. الشيء الذي أدى إلى حدوث تحولات على الجرف من بينها اختفاء بعض الشواطئ كسيدي بودهب إضافة إلى ظهور مغارات أسفل الجرف و تسرب مياه البحر لمسافات مهمة، حيث يمكن سماع هدير مياه البحر أسفل منطقة شارع الرباط. وهو ما لم يكن يحدث قبل عقدين. و السبب في ذلك حسب الدراسة، هو قوة اصطدام الموج بالجرف، مما أدى إلى إضعافه و فقدان بعض أجزائه و آخرها الانهيار الذي تعرض له الجرف في 17 مارس 2019 ، حيث تعرض لانهيار مفاجئ أدى إلى تراجع الجرف بسبعة أمتار، كما خلف شقوقا خطيرة في أجزاء أخرى.
كما تسجل الدراسة التراجع الخطير الذي عرفه الساحل بالصويرة ، و الذي وصل إلى 300 متر ما بين 1885 و 1997، و هي المسافة التي كانت تفصل سورة المدينة عن مياه البحر التي أصبحت في اتصال مباشر معها حاليا.
و تخلص الدراسة إلى أن آثار التغيرات المناخية على ساحل جهة مراكش آسفي و المتمثلة في تعرية الشواطئ و الأجراف البحرية و تقدم البحر و تراجع خط ساحل و تمليح الفرشة المائية وتراجع الغطاء النباتي و ارتفاع وتيرة الفيضانات و المد البحري..تفرض اعتماد إجراءات للتكيف مع التغير المناخي للحد من هشاشة المنظومة البيئية و الرفع من مرونتها بالتركيز على عنصرين. أولهما الحفاظ على تدفق الرواسب نحو الساحل خاصة الرمال المتحركة من جهة و الحفاظ على مخزون الرمال النائمة بالكتبان الرملية و المجالات البحرية بمقدمة الساحل التي تشكل مخزونا استراتيجا يضمن مرونة الساحل و يحد من ارتفاع مستوى سطح مستوى سطع البحر وتراجع خط الساحل. و نبهت الدراسة في هذا الإطار إلى أن مقالع الرمال تشكل تهديدا خطيرا على مخزوناته ذه الرمال. وثانيها هو الحفاظ على الشريط الساحلي الضروري لعمل الآليات الهيدرودينامية مثل العباب و التراقص و الرياح و غيرها التي تضمن حركية خط الساحل و مرونة المنظومة . لكن الدراسة تسجل أن التوسع الحضري للمدن الساحلية و التعمير الخطي و اختفاء المناطق الرطبة و عدم احترام قانون الساحل 12-81 الذي يحدد 100 متر كمنطقة ممنوعة من البناء، يهدد وجود هذه المجالات الساحلية و يؤدي إلى تعريض هذه الرهانات للخطر و يزيد من الهشاشة.
و تؤكد هذه الدراسة على أن هذه الاستراتيجية تتطلب اعتماد ثلاثة تدابير هي التكيف والتراجع عن خط الساحل و الحماية. على أن نجاح هذه الاستراتيجية رهين باعتماد مقاربة تشاركية تعتمد مبادئ التدبير المندمج و تحترم شروطه وأسسه و مراحله.


الكاتب : مكتب مراكش: عبد الصمد الكباص

  

بتاريخ : 05/11/2021

أخبار مرتبطة

  التمست الجمعيات المهتمة بملف عمال وعاملات شركة مفاحم المغرب سابقا بجرادة، من عامل الإقليم ووالي جهة الشرق، التدخل العاجل

  تحول التعريفة الوطنية المرجعية الموقّعة في 2006 دون استفادة شرائح واسعة من المغاربة من تغطية صحية فعلية، تمكّن من

  كما كان مبرمجا، أعلنت جمعية الأطلس الكبير، مساء أمس الجمعة 5 يوليوز بالمسرح الملكي بمراكش، عن افتتاح الدورة 53

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *