يعتبر «درب عمر»، القلب النابض للعاصمة الاقتصادية للمملكة وأكبر مركز تجاري للتجارة في المغرب، إذ يوفر جميع الخدمات التجارية لباقي المدن من أجهزة منزلية، أواني، ديكورات، منتجات بلاستيكية، أقمشة وغيرها من الخدمات الأخرى … ونظرا للموقع الجغرافي الذي يتواجد فيه هذا السوق داخل المدينة، والدور المركزي الذي يلعبه في تنشيط الحركة التجارية على المستوى الوطني، تحول «درب عمر» إلى محج تتوافد عليه مجموعة كبيرة من المهنيين والتجار، وأصبح أيضا جزءا من الذاكرة الجمعية لسكان مدينة البيضاء وزوارها. يمتد الإشعاع التجاري لـ «درب عمر» نحو «درب بن جدية»، الحي المجاور له، وتحول السوق إلى منطقة تجارية من الحجم الكبير تعتمد أساسا في اشتغالها على وسائل تقليدية (مثل الحمّال..) إلى جانب أنشطة أخرى متعددة، مما يجعله مصدر دخل للعديد من الأسر، من مستويات مختلفة، بفضل النشاط التجاري المزدهر الذي يعرفه، والذي يعد الأكبر من حيث امتداده وإشعاعه على الصعيد الوطني. ويشهد هذا المركز، منذ سنوات عديدة، نشاطا متزايدا لتجارة التقسيط بشكل مواز مع تجارة الجملة، الشيء الذي جعل عددا من المتتبعين والمهتمين والمعنيين يؤكدون على ضرورة إعادة تأهيل المحلات التجارية، وإيجاد حلول ملائمة لمعضلة تجارة الأرصفة التي تمتد عبر أزقة المركز وتربك حركة السير بالمنطقة وتشكل إزعاجا للزبائن والمارة.
وإذا كانت وضعية سوق درب عمر، وما تفرضه من إكراهات وتحديات، تتعلق بالاكتظاظ وعرقلة السير والاحتلال الممتد للعديد من الأزقة المجاورة، وعلى مسافات ليست بالصغيرة، والصخب والتلوث البيئي والسمعي، وغيرها من الصعوبات الأخرى، قد حظيت بنقاشات مجموعة من المسؤولين والمنتخبين الذين تعاقبوا على تدبير المدينة، حي تم التأكيد في هذا الإطار على أن كل الأسواق النوعية، كما هو الحال بالنسبة لدرب عمر وبياضة وغيرهما، سيتم ترحيلها خارج المدينة، فإن تضاربا كبيرا لا يزال يرافق هذا النقاش ويرخي بظلاله على نقاشات التجار إلى اليوم، وهو ما أكده أحدهم لـ «الاتحاد الاشتراكي» أثناء زيارة لهذا السوق قائلا تعليقا على سؤال الجريدة «بصفتي أتاجر في المواد الغذائية بالجملة بهذا السوق لأزيد من 25 سنة، فإني أجد أن مجرد التفكير في ترحيله إلى مكان آخر يعتبر صعبا جدا وغير مقبول، فما بالك بتطبيق هذا القرار، وذلك لسبب بسيط وهو موقع السوق، إضافة إلى أن المحلات التجارية في السوق الحالي لها قيمة عالية جدا وتقدر بملايين الدراهم، وبالتالي في حالة ما اتخذ قرار الترحيل إلى مكان آخر سأكون المتضرر الكبير من مختلف النواحي، خاصة من الناحية المادية، إلا في حالة تعويض مادي كبير من طرف الجهات المعنية، وهو شيء غير ممكن». رأي وموقف، خالفته رؤية تاجر آخر، الذي حين توجهنا إليه وتحدثنا معه في نفس الموضوع، صرّح قائلا «أنا أؤيد فكرة تغيير موقع السوق، خاصة بعدما تم بناء سكة «الترامواي» حيث أصبحنا نعاني بسبب ما خلفته أوراش الأشغال من بقايا مواد البناء كقطع الحديد والخشب، المسامير، الاسلاك..، علاوة عن بنية تحتية مخربة جراء هذه الأشغال، ناهيك عن ضيق المساحة بعدما كانت الأزقة رحبة وتتسع الجميع، وهو ما يؤثر اليوم وسينعكس سلبا غدا على حجم الإقبال، وسيعجّل بظهور العديد من المشاكل في المحيط السكني للسوق».
وجهتا نظر، تختلف الأولى عن الثانية، من طرف شخصين يقومان بنفس النشاط التجاري، ويتواجدان في سوق درب عمر لسنوات، وهو ما نفس الوضع الذي يسري على تجار آخرين، ما بين مؤيدين ورافضين، ما بين من قرروا التفاؤل وبين الذين يتخوّفون من المجهول، إلا أن معظم التجار يرون بأن هذا السوق مخصص للتجارة وأضحى بقوة الواقع والزمن مرفقا تجاريا وجهته مفتوحة على الجميع، وفي حالة ترحيله سيفقد عدد من التجار بعض الأنشطة التي يمارسونها.
وجدير بالذكر، أن الهدف من طرح فكرة الترحيل، هو إعادة تأهيل «درب عمر» وتنظيمه، بهدف الحفاظ عليه وضمان استمراره في أحسن الظروف، علما بأن موقعه يعتبر استراتيجيا كونه يتمركز وسط المدينة، وبالتالي فإن تحويله إلى خارج المدينة سيمنحها فرصة استعادة بريقها.
صحفية متدربة