صدر حديثًا عن «دار خطوط وظلال» كتاب «دكان التبغ وقصائد أخرى» لفرناندو بيسوا، بتقديم وترجمة إسكندر حبش.
لقد اخترع بيسوا عالما متكاملا (في الكتابة طبعا)، كما اخترع قيمة ومجموعة أدبية لا تقتصران على اسم معين أو عمل ما، لكنهما موسومان بالتعدد، كما لو أن خلف هذه الاختراعات كان يختفي عند بيسوا، ذلك الشعور المكبوت بنقص أدب عصره، ما جعله في النتيجة، يسعى إلى إغنائه، وربما إلى تحويله. من هنا نجد أن بيسوا و»بدلاءه»، هم المحاولة الجذرية التي تنطلق من شخص واحد لتأسيس كوكبة أدبية، تعبر عن وجهات نظر وكتابات مختلفة (شعر، نثر، نقد، صحافة، أدب، كلمات متقاطعة، قراءة أفلاك …) ولغات عدة (كتب بيسوا بالبرتغالية والانكليزية والفرنسية بالرغم من أن مستواها كان متفاوتا).
إزاء ذلك، نستطيع القول إن العمل لم يكن الإنسان نفسه، أي لم يكن منحدرا جينيا ليشكل جزءا من السيرة الذاتية، بل كان (أي العمل) كما البديل، يأتي «من الكاتب خارج شخصه» مثلما أكد بيسوا مرارا، أو مثلما يقول الشاعر المكسيكي أوكتافيو باث، وبشكل مقتضب: «ليس للشعراء من سيّر، أشعارهم هي سيرتهم الذاتية».