نظم المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف، بشراكة مع الجامعة الوطنية للتخييم ووزارة الثقافة والشباب والتواصل -قطاع الشباب- دورة تكوينية أيام 24 و25 و26 أكتوبر 2025 بالمركز الوطني للتخييم الحوزية-أزمور، تحت شعار: «شباب فاعل… لتنمية مستدامة ومواطنة مسؤولة»
وتندرج هذه الدورة التكوينية في إطار الجهود الرامية إلى تعزيز قدرات الشباب المغربي في مجالات المواطنة الإيجابية، ونشر ثقافة السلم والتعايش، انسجاما مع التوجهات الوطنية في مجال ترسيخ القيم المدنية والتنمية المستدامة.
واستفاد المشاركون خلال هذه الدورة من ورشات نظرية وتطبيقية من تأطير أكاديميين وفاعلين مدنيين، تناولت محاور تتعلق بآليات تعزيز المشاركة المواطنة للشباب، ودور الإعلام في التأطير، وشبكات التواصل الاجتماعي، وسبل إشراك الشباب في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
محمد قمار: الانتقال من التلقي السلبي إلى الفعل الواعي مسؤولية إعلامية وشبابية مشتركة
وفي إطار فعاليات الدورة التكوينية، ألقى محمد قمار، رئيس المرصد المغربي لنبذ الإرهاب والتطرف، عرضا بعنوان «الشباب والإعلام: من التلقي السلبي إلى الفعل الواعي».
وأبرز قمار، أهمية الإعلام كقوة مؤثرة في تشكيل الرأي العام، مؤكدا أن التحدي المطروح اليوم هو الانتقال من التلقي السلبي للمعلومة إلى التفاعل الواعي والمسؤول معها، خاصة في ظل التحولات الرقمية وانتشار المنصات الاجتماعية التي أصبحت ساحة رئيسية لتداول الأخبار والمضامين.
كما شدد رئيس المرصد على ضرورة تمكين الشباب من مهارات التحقق من الأخبار ومواجهة التضليل الإعلامي ومحاربة الأخبار الزائفة، باعتبارهم فاعلين أساسيين في صون الأمن الفكري وتعزيز قيم الحوار والانفتاح.
وتفاعل المشاركون في اللقاء مع مضامين المحاضرة من خلال نقاش مفتوح حول دور الإعلام التربوي والثقافة الرقمية في بناء وعي جماعي مقاوم للتأثيرات السلبية للمحتوى غير الموثوق.
أنوار التازي: شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت فضاء عموميا جديدا يؤثر في تشكيل الرأي العام المغربي
كما قدم الباحث التازي أنوار، باحث في القانون العام والعلوم السياسية، مداخلة تحت عنوان: «شبكات التواصل الاجتماعي والمساهمة في تنمية الفضاء العام بالمغرب».
وفي مستهل مداخلته، توقف أنوار التازي عند تحديد المفاهيم الأساسية المرتبطة بموضوع اللقاء، موضحا أن شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت تشكل منظومة متعددة من الأدوات والمنصات الرقمية التي تمكن الأفراد من التفاعل الفوري وتبادل المعلومات والأفكار والتأثير في الرأي العام.
كما أشار إلى أن الفضاء العام يعد مجالا للتعبير والمشاركة والنقاش الحر، الذي يجسد جوهر الحياة الديمقراطية ويمثل مرآة لتطور الوعي الجماعي داخل المجتمع.
وسلط المحاضر الضوء على تزايد استخدام المنصات الافتراضية وتطور أساليب التعاطي معها في السنوات الأخيرة، حيث تحولت من مجرد أدوات للتواصل والترفيه إلى وسائط مؤثرة في النقاش العمومي. وبين أن هذه المنصات باتت تشكل اليوم فضاء عموميا افتراضيا جديدا، تتفاعل فيه مختلف الفئات، خاصة الشباب، في عرض القضايا المجتمعية وتبادل الآراء والمواقف والتواصل.
كما تناول الباحث دور الشباب المغربي في استخدام المنصات الرقمية، مبرزا أنهم أصبحوا فاعلين رئيسيين في تشكيل الوعي الجماعي، والتأثير في النقاشات العمومية، والتعبير عن قضاياهم ومطالبهم بطرق مبتكرة. مؤكدا أن هذا الانخراط الرقمي المتنامي يعكس تحولا في أنماط المشاركة المدنية والاجتماعية، غير أنه يستدعي في المقابل تعزيز التربية الإعلامية والرقمية للحد من مخاطر التضليل والانغلاق المعلوماتي وانتشار الأخبار الزائفة.
وفي حديثه عن واقع شبكات التواصل الاجتماعي بالمغرب، أشار أنوار التازي إلى النمو المتسارع في عدد المستخدمين، مما يجعل هذه الفضاءات الرقمية قوة ناعمة يمكن توظيفها في التنمية، ونشر قيم المواطنة الايجابية، وترسيخ ثقافة المسؤولية الرقمية.
واختتمت المحاضرة بمجموعة من الخلاصات والتوصيات التي شددت على أهمية الاستثمار في التربية الرقمية والإعلامية للشباب لتعزيز الوعي النقدي، وخلق فضاءات تفاعلية آمنة تشجع على التعبير الحر والمسؤول، ودعم المبادرات الشبابية التي توظف التكنولوجيا في خدمة التنمية.
وقد لقيت المداخلة تفاعلا واسعا من طرف المشاركين، الذين اعتبروها فرصة لفهم أعمق للتحولات الرقمية الراهنة ودورها في توسيع المجال العام وتعزيز المشاركة المواطنة بالمغرب.
وشكلت هذه الدورة التكوينية، مناسبة لفتح النقاش بين المشاركين، وتكريس روح المسؤولية المشتركة والانخراط الإيجابي والواعي في صلب الرهانات التنموية والمجتمعية الراهنة.

